معلومات عن توقيف قنديل في دمشق ... وقادة لبنانيون في باريس
ذهول في بيروت: إنهم يوقفون رجال لحود!

إيلي الحاج من بيروت: أذهلت لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري متابعي تطورات هذه القضية التي بات مستقبل لبنان رهناً لها، إذ أوقفت قائد الحرس الجمهوري وثلاثة من قادة أجهزة الأمن السابقين ووزيرا سابقاً للعدل كان يشغل موقع مدعي عام التمييز أيضاً لكنه نفى في وقت لاحق صحة توقيفه، واستدعت النائب اللبناني السابق ناصر قنديل الذي أفادت عائلته بأنه في دمشق. وذكرت معلومات غير مؤكدة وزعتها شركة اتصالات الهاتف الجوّال "ليبانسيل" على مشتركيها في لبنان أن الإنتربول الدولي أوقف قنديل وسينقله خلال ساعات إلى مقر لجنة التحقيق الدولية في أحد فنادق محلة مونتي فيردي الجبلية قرب بيروت.

والمسؤولون الاربعة هم المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد والمدير العام لقوى الامن الداخلي السابق اللواء علي الحاج ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد ريمون عازار وقائد الحرس الجمهوري حاليا العميد مصطفى حمدان. كما تم استدعاء النائب السابق ناصر قنديل المقرب من سوريا، "للتحقيق معه كمشتبه به وتبين انه غير موجود في لبنان". واضاف ان "التحقيق مع جميع المذكورين سيحدد الخطوات اللاحقة التي ستتخذ بحقهم" .

وأوقفت قوى الأمن اللبنانية في البدء صباحاً، تلبية لطلب اللجنة الدولية، الضباط الثلاثة : المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، القائد السابق للأمن الداخلي اللواء علي الحاج، ومدير المخابرات العسكرية السابق العميد ريمون عازار. واستدعت قائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان فسلم نفسه في مقر لجنة التحقيق الواقع في منطقة المونتيفردي القريبة من بيروت ، كما دهمت منزل النائب السابق قنديل في بيروت ولم يكن فيه، فتركت له إستدعاء إلى أحد المخافر الأمنية. وفي وقت لاحق أعلنت السلطات اللبنانية أنها أوقفت وزير العدل ومدعي عام التمييز سابقاً عدنان عضومإ الا أنه ظهر عبر قناة الجزيرة ونفى خبر توقيفه او استدعائه.
وتابع رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني ديتليف ميليس تنفيذ هذه الإجراءات قبل أن يتوجه إلى السرايا الحكومية ، حيث المقر الرسمي لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة لإطلاعه على ما يجري. ثن انتقل إلى مقر وزارة العدل حيث اجتمع بالوزير شارل رزق- القريب من رئيس الجمهورية إميل لحود- في حضور مدعي عام التمييز سعيد ميرزا . وأبلغ ميليس رزق أن التوقيفات تتم بناء على نذكرة التفاهم التي تنظم العلاقة بين وزارة العدل اللبنانية ولجنة التحقيق الدولية.
وكان العميد حمدان المشبوه الأول لدى لجنة التحقيقات الدولية في اغتيال الحريري وفق حديث لميليس إلى صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية قال فيه أن الرجل حاول إخفاء الأدلة في مسرح الجريمة . ويُعتبرحمدان من أقرب القريبين إلى الرئيس لحود وصديقه الشخصي ولوحظ منذ مدة إنهما ما عادا يفترقان. وانتقد بعض السياسيين المؤيدين لتيار الحريري لحود لاصطحابه حمدان إلى المقر الصيفي للبطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفيرفي بلدة الديمان الشمالية، حيث أمضيا يومين. وقال صفير أن لا يد له في الأمر والمقر البطريركي مفتوح لكل الناس.
وواضح أن توقيف القادة الأمنيين هؤلاء ولا سيما السيد وحمدان وعازار سيشكل حرجاً كبيراً للرئيس لحود الذي يخوض بلا هوادة قتالاً سياسيا تراجعياً دفاعاً عن رجاله، ويؤشرتالياً إلى شبه استحالة إكمال ولايته المدد لها والتي تنتهي في تشرين التاني/ نوفمبر 2007.
ولفت أمس تصريح لشقيقة الرئيس الحريري ، عضو مجلس النواب بهية الحريري، أكدت فيه أن لبنان سيتقدم من الأمم المتحدة بطلب تشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة المتهمين باغتيال شقيقها ، وسيكون هذا الطلب بإجماع اللبنانيين كافة ، على غرار ما تشكلت لجنة التحقيق الدولية.
ويعيش لبنان اليوم هواجس كبيرة جدا فيما تتحدث الصحف عن لائحة أسماء بسياسيين وإعلاميين مرشحين للإغتيال ، مما دفع عددا كبيرا منهم إلى النزوح من بيروت إلى باريس أبرزهم نجل الحريري، النائب سعد ، الذي انتقل إلى العاصمة الفرنسية من جنيف بعدما عاد ميليس منها إلى بيروت ، وكذلك رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي وصل إلى فرنسا أمس مع وزير الإعلام غازي العريضي . وكان سبقهم الوزير مروان حمادة الذي سيخضع إلى جراحة ، من تداعيات محاولة اغتياله أواخر العام الماضي.
وفي باريس أيضاً نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب جبران التويني الذي قال أنه تلقى تحذيراً من ميليس ، والإعلاميان علي حمادة وهاني حمود المسؤول عن إعلام "تيارالمستقبل" الذي يتزعمه الحريري، فضلا عن قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع، برفقة زوجته النائبة ستريدا، ويبدو أنه قرر إرجاء عودته إلى بيروت التي كانت مقررة منتصف هذا الشهر في انتظار صدور تقرير ميليس النهائي ( الإتهامي) في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
ويرجح أن يبحث السياسيون المتجمعون في العاصمة الفرنسية في سبل التعامل مع الرئيس لحود في المرحلة المقبلة، علماً أن لا آلية في الدستور تتيح إقالته. وإن فتح أي أزمة على هذا الصعيد تستلزم موافقة البطريرك صفير لختمها، نظراً إلى حق الطوائف اللبنانية المكرس في "الفيتو" على القرارات التي تتعلق بمواقع كل منها في الدولة . والأرجح أن البطريرك صفير يريد أن يضمن طريقة لخروج لحود من الحكم لا تسيء إلى موقع الرئاسة وأن يضمن أيضاً خليفة له يكون مقبولاً من طائفته ورئيسها الروحي . علماً أن التوافق الداخلي على مرشح لتولي الرئاسة يستلزم في هذه المرحلة توافق أميركا والمملكة العربية السعودية وفرنسا عليه.
وكان جنبلاط سأل قبل أيام : "من سيحمي لحود بعد أشهر؟". كما أن زعيم "التيار الوطني الحر" النائب ميشال عون الذي دافع مدى أشهر عن قادة الأجهزة الأمنية السابقين وعهد لحود عموماً رافضاً "رمي التهم جزافاً في حقهم" ، كان قد "تنبأ" لرئيس الجمهورية الحالي بأنه لن يكمل ولايته التي مددها له النظام السوري بضغط مباشر على النواب والسياسيين واللبنانيين.
وفي لبنان يلزم رئيس مجلس النواب نبيه بري مقره في عين التينة ولا يغادره إلا نادراً ووسط تدابير حماية مشددة. والوضع نفسه يعيشه في مقر إقامته النائب العماد عون في محلة الرابية. وحتى البطريرك صفير عزز الجيش اللبناني قوة الحماية حول الدير الذي يقيم فيه فتحوّل أقرب إلى ثكنة.