حديث عن quot;طبخة حلquot; لانتخاب الرئيس السبت بضمانات
ماذا وراء عودة ولش المفاجئة إلى بيروت؟
إيلي الحاج من بيروت:
عاد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش فجأة إلى بيروت بعد ظهر اليوم الثلاثاء قبل أن تهدأ حملة الإنتقادات الشديدة التي وجهتها قوى المعارضة ضده على أثر زيارته السابقة التي استمرت يوماً ونصف غادر بعدها الأحد إلى باريس للمشاركة في لقاءات تتعلق بالوضع اللبناني على هامش مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية.
وفور وصوله توجه ولش إلى مقر رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري في قريطم . وفسرت زيارته بأنها تأكيد لعودة الدخول الأميركي القوي والمباشر على خط الأزمة الرئاسية في لبنان من حيث توقفت المبادرة الفرنسية التي دخلت في مأزق على ما ظهر ، وذلك بسبب عدم تجاوب دمشق عملياً وعدم التزامها وعوداً أطلقتها بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية الفرنسية من خلال من تسميهم quot;أصدقاءهاquot; في لبنان. وتجلت هذه العرقلة في نقطتين أولاهما تمسك قوى المعارضة بعدم إمرار التعديل الدستوري في الحكومة التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة والتي تعتبرها المعارضة غير شرعية. وثانيهما تفويض النائب الجنرال ميشال عون التفاوض باسم quot; أصدقاء سوريةquot; في حين أن عون في نظر قوى الغالبية أو قوى 14 آذار/ مارس يستحيل أن يقبل برئيس غيره في القصر الرئاسي في بعبدا ، أيا يكن إسم المطروح ترئيسه وكيفما كانت الأوضاع .
وبدا واضحاً من زيارة ولش السابقة أن التدخل الأميركي يلحظ تقديم دعم ومساندة للجهد الفرنسي الذي تحول في الأيام الأخيرة تلويحاً بالضغط على القيادة السورية إثر استنفاد وسائل الإغراء معها لحملها على التجاوب . وحمل ولش رسالة محددة فحواها تأكيد استمرار الدعم الاميركي للبنان وحكومته وجيشه، والإصرار على إجراء الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق اللبناني الداخلي . مع التشديد على توضيح صورة الموقف الاميركي إثر المساعي الفرنسية وانعقاد مؤتمر أنابوليس وما قيل عن صفقة اميركية- سورية على حساب لبنان .
وذكرت مصادر قريبة من قوى الغالبية أن ولش يبحث مع القيادات اللبنانية ما يمكن اتخاذه من مواقف وقرارات لحلحة التعقيدات التي تعترض الإنتخابات . وأن هذه القيادات طرحت عليه أسئلة عن الضمانات السياسية والأمنية التي يمكن ان تقدمها بلاده للبنان سياسيا وأمنيا في حال السير بحلول مع القوى المتحالفة مع القيادة السورية وإيران.
وكان تبين منذ جلسة أمس التي لم تنعقد أن أبرز العوائق التي تؤخر وصول قائد الجيش العماد ميشال سليمامن إلى قصر بعبدا ليست دستورية بقدر ما هي سياسية سياسي. وفي حال توافر الاتفاق السياسي على عناوين مرحلة ما بعد انتخاب سليمان، يسهل حل مشكلة التعديل الدستوري . ذلك أن قوى المعارضة
ربطت بقوة بين انتخاب سليمان وقيام اتفاق سياسي مسبق لا سيما على تركيبة حكومة العهد الأولى
وهي تتمسك بشرط الحصول على ما يسمى quot;الثلث المعطلquot; لقرارات هذه الحكومة، وترفض احتساب حصة رئيس الجمهورية او اقتطاعها من حصتها، مما دفع أحد عرابي العهد الجديد النائب ميشال المر إلى التصريح أن المسألة باتت متوقفة على وزير واحد من هذه الجهة أو تلك . هذا طبعا إذا صفت النيات.
وبات جلياً ان العقدة الرئيسية تكمن في وقوف quot;أصدقاء سوريةquot; وراء الجنرال عون الذي قاطعه ولش وتجاهله في زيارته الماضية فاندفع الجنرال وبعض مساعديه ونوابه في مهاجمته. ولكن لوحظ أن quot;التفويض quot; الذي أعطته المعارضة لعون لم يمنع الرئيس نبيه بري من التفاوض بنفسه مع أركان قوى الغالبية ولا سيما النائب الحريري ورئيس quot;الللقاء الديمقراطيquot; وليد جنبلاط.
وكررت مصادر الحريري اليوم نفيها أن يكون تراجع عن التزام تعهد به للرئيس بري في حضور وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، ويقضي بالموافقة على إعطاء المعارضة الثلث المعطل، ووصفت هذا الكلام المنسوب إلى بري بأنه quot;محاولة لذر الرماد في العيونquot;، معتبرة أن الرئيس بري تراجع عن تعهده إجراء جلسة الإنتخاب وحاول التبرير من خلال تصوير تراجعه نتيجة لتراجع الحريري. وسألت: كيف تفوّض المعارضة العماد عون بالتفاوض في حين يتفاوض بري مع الحريري والنائب وليد وجنبلاط وكيف يكون هذا التفويض؟
واكد مصدر في الغالبية رفضها الإلتفاف على تعديل الدستور في سبيل انتخاب سليمان ولفت الى ان هذا الرفض ينطلق اولا من مبدأ حماية الدستور، وثانيا حماية الرئيس العتيد والنظام اللبناني عموماً. وجزم أن دمشق لن تسمح باجراء الانتخابات واستقرار الوضع في لبنان من دون ان تضع يدها على لبنان وإن quot;حزب اللهquot; ومن ورائه ايران غير جاهزين اطلاقا للتراجع عن فكرة الوصول الى المثالثة في السلطة بدلا من المناصفة بين المسيحيين والمسلمين التي أقرها أتفاق الطائف الذي أنهى الحرب، خصوصا أن الحزب يرى فرصة ذهبية لتحقيق هدفه هذا من خلال الفراغ الرئاسي. واستبعد انتخاب رئيس في جلسة السبت، مؤكدا السير بخطة سرية وضعتها الغالبية لوضع حد للفراغ ، موضحا ان هذه الخطة لا تقتصر على مدة معينة وقد تمتد الى السنة المقبلة ، خصوصا في حال تواصلت الضغوط على سورية باجراءات عزل وعقوبات.
في المقابل قال قريبون من الرئيس بري نقل مصدر مقرب من الرئيس بري ان الوضع بات يحتاج الى جهد مضاعف محليا وعربيا ودوليا من اجل اتمام الاستحقاق الرئاسي في جلسة السبت المقبل. ورأى ان لقاء بين الجنرال عون والنائب الحريري يساهم في حلحلة الكثير من العقد من اتمام الاستحقاق الرئاسي والخروج من الازمة، وابدى استعداده للسعي في هذا الاتجاه وحضور الاجتماع وجعله ثلاثيا في اي مكان من اجل وضع صيغة الحل. وكشف عن اتصالات جرت في الساعات الاخيرة بين الرئيس بري والادارة الفرنسية ركزت على امكان تجدد المسعى الفرنسي بعد جلسة السبت المقبل إذا أخفقت المساعي في التوصل إلى إنتخاب الرئيس.
أما العماد سليمان الذي ينتظر اللبنانيون ترئيسه بفارغ الصبر، فتتقاطع معلومات يومية عن أنه متمسك برفض اي شروط مسبقة على عهده . وينقل عنه أن تأييد تفاهم الافرقاء شيء وفرض هذا التفاهم عليه معلبا هو شيء آخر تماما، وتضيف ان اللجوء الى العماد سليمان واختياره مرشحا وفاقيا توافقيا وانقاذيا للرئاسة يشترط عدم تكبيله سلفا بل اطلاق يده ليكون له الرأي والقرار في السلطة الاجرائية، وهو يدعو السياسيين الى محاسبة المسؤولين عبر المؤسسات التي تشكل الدرع الاساسية للنظام الديموقراطي.