باراك quot;القائد الملهمquot; وهيلاري quot;الخبيرة السياسيةquot;
المعركة في ذروتها: كلينتون تحارب أوباما بالإسلام

اوباما خلال زيارته إلى شمالي كينيا في 27 آب 2006 يرتدي خلالها زياً تقليدياً صومالياً ومعتمراً ما يشبه العمامة

واشنطن، مصادر مختلفة: بدأ فريق الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي باراك أوباما، حملة مكثفة لنفي شائعات تلقاها الملايين عبر بريدهم الإلكتروني، تؤكد أنه مسلم، ترافقت مع نشر صور له يرتدي فيها زيًا تقليديًا صوماليًا، وما يشبه العمامة على رأسه أثناء زيارته منطقة واجير في شمالي شرقي كينيا عام2006 .واتهم مستشارو اوباما، وهو من اب كيني مسلم يدعى حسين، معسكر منافسته هيلاري كلينتون بـ quot;إشاعة الخوفquot; بسبب الصور، فيما اعتبرت حملة السيدة الاولى السابقة ان نشر الصور هو بمثابة محاولة لصرف الناخبين عن مسائل أساسية، علمًا ان هذه الصور نشرت بعد ساعات من تعرضه لحملة جمهورية تشكك في وطنيته.

وذكر موقع درادج ريبورت الذي يقوم بتحريره أحد أشهر المدونين على الانترنت، ويدعى مات درودج، إن أحد أعضاء فريق الحملة الانتخابية لكلينتون زوده بصورة أوباما أثناء قيام شيخ صومالي بمساعدته على ارتداء الزي الإسلامي، من دون ان يكشف عن عدد الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا قد تلقوا الصورة. وسارع مدير حملة اوباما الانتخابية ديفيد بلوف الى اصدار بيان لاذع، إتهم فيه معسكر كلينتون باللجوء الى تكتيكات سرية لنشر صور اوباما.

وقال quot;في اليوم ذاته الذي تلقي فيه السيناتور كلينتون (في واشنطن) كلمة حول اعادة الاحترام الى اميركا في العالم، قام معسكر حملتها الانتخابية بحملة لنشر الخوف تعتبر الاسوأ والاكثر اثارة للخجل التي نشهدها من اي من الحزبين في هذه الانتخاباتquot;. واضاف quot;هذا هو نوع السياسة الذي يفرق الاميركيين وينفرهم من كافة الاحزاب ويقلل من احترام الولايات المتحدة في العالمquot;.

واعتبرت مستشارة السياسية الخارجية في حملة اوباما سوزان رايس أن توزيع الصور سبّب المزيد من الانقسام، مشيرة الى ان quot;ثياب وثقافات المناطق الاخرى من العالم يجب ألا تكون مدعاة سخرية او انتقادquot;. كما قال الجنرال المتقاعد سكوت غراتيان وهو مستشار لأوباما رافقه في زيارته الى كينيا، ان المرشح الاسود ذهب الى هناك quot;ليتعلم كيف تنظم القبائل حياتها... وفي هذا السياق، حصل على ملابس وقام بارتدائها مثلما كنا لنفعل جميعًاquot;.

ولم ينف معسكر كلينتون توزيع الصور، لكن مديرة الحملة ماغي ويليامز قالت ان رد فعل اوباما quot;يلهب المشاعر ويلهي الناخبينquot;. واوضحت في بيان quot;كفى... اذا ارادت حملة باراك اوباما اعتبار صورة له وهو يرتدي الزي الصومالي التقليدي امرًا مثيرًا للانقسام، فإن عليهم ان يخجلوا من انفسهمquot;. وأضافت quot;هيلاري كلينتون ارتدت الزي التقليدي للدول التي زارتها ونشرت صورهاquot;. ورأت ان quot;هذه محاولة واضحة لصرف الناخبين عن المسائل الجدية... ومحاولة لإحداث الانقسام الذي يشيرون إليهquot;.

ويأتي الكشف عن تلك الصورة في الوقت الذي يخوض فيه أوباما الذي اعتنق المسيحية وينتمي الى الكنيسة المعمدانية معركة أخرى، بعد اتهامات روج لها المعسكر الجمهوري، تشكك في وطنيته وولائه للولايات المتحدة لانه لم يضع يده على صدره أثناء أداء النشيد الوطني وعدم وضعه دبوسًا يحمل العلم الأميركي. ورد المرشح الاسود على هذه الحملة قائلاً: quot;هناك دائمًا بعض الهراء في الانتخابات، وإذا لم تكن هذه الاتهامات فستكون أخرى. أولاً كان أسمي، ومن ثم أنني مسلم... واليوم التشكيك في وطنيتيquot;.

هيلاري الخبيرة السياسية لا اكثر

المعركة الرئاسية أصبحت جد محتدمة وكان أي حكم ليوقفها. فهيلاري كلينتون خارت قواها ومؤيدوها ما انفكت عزائمهم تثبط. والمرشحة التي حاولت تقديم نفسها على أنها المرشحة التي لا مفر من انتخابها، تفوق عليها في كل مرحلة تقريبًا رجل موهوب ما برحت ابتسامة دافئة لطيفة ترتسم على شفتيه وما فتئ مفعمًا بالنشاط كرياضي يقوم بتمارين تحضيرية لمباراة حاسمة.

وستكون الانتخابات التمهيدية في تكساس وأوهايو الفرصة الأخيرة لهيلاري للبقاء في دائرة المنافسة ، غير أن صوت السيناتور كلينتون بدا حزينًا حاملاً تلميحًا قويًا إلى الاستقالة في ختام المناظرة مساء الخميس عندما شرحت بعد قولها انها quot;تتشرف لتواجدها هنا مع باراك أوباماquot;:
quot;مهما حصل سنكون على خير ما يرام. فنحن نتلقى دعمًا شديدًا من عائلاتنا وأصدقائنا. والحق أن غاية آمالي أن يكون الأمر ينطبق أيضاً على الشعب الأميركيquot;. وقد أفادت كلينتون لاحقًا أنها ليست متشائمة إزاء فرصها في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة. غير أن كلماتها رددت بما لا يترك مجالاً للشك صدى الملاحظات التي أدلى بها جون إدواردز في الشهر المنصرم عندما أنهى حملته في نيو أورلينز.

ومنذ أشهر قليلة لا أكثر، سادت مقولة في عالم التحليل السياسي مفادها أن حملة أوباما واقعة في المشاكل في وقت كانت فيه حملة السيناتور كلينتون تحرز تقدمًا كبيرًا لجهة جمع الأموال وحشد الأصوات في استطلاعات الرأي الوطنية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة quot;نيويورك أوبزرفرquot; كانت قد نشرت على صفحتها الأولى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم عنوانين صدرا جنبًا إلى جنب هما: quot;أوووووه...باما!quot; وquot;حملة كلينتون تنبئ بالظفر وقد بلغ تمويلها 27 مليون دولارquot;.

وبحسب الرأي التقليدي، فإن موقف السيناتور أوباما اتسم بالليونة الزائدة عن حدها. فدعوته إلى نوع جديد من السياسة اعتُبرت دعوة ساذجة. كما شاع رأي تردد همساً في المجالس المغلقة أنه لن ينجح في الحصول من أصوات البيض على ما يكفي لضمان فوزه بالترشيح. ولم يولِ أحد خارج حملة أوباما أي اهتمام للكارثة التي كانت تتحضّر في ولاية أيوا لكلينتون. وكما الرؤية لا تتوضح إلا بعد أن ينجلي الضباب، اتضح أن السيناتور أوباما مرشح موهوب ومخطط إستراتيجي على قدر رفيع غفل عن إدراكه الكثيرون منا. في حين ظهرت السيناتور كلينتون من خلال تعاطيها مع القضايا المطروحة متوسطة المستوى على أفضل تقدير في المعترك السياسي. فهو بات القائد الملهم بينما بقيت هي الخبيرة السياسية لا أكثر.

ودعونا لا ننسى بيل. فالجميع يتفق على أن حملة السيناتور كلينتون تتمتع بميزة هي جزء لا يتجزأ منها: فزوجها أشد الديمقراطيين ذكاءً على الإطلاق. لكن عند الإمعان في التفكير في هذه المسألة، يظهر أن بيل كلينتون لم يكن قط داعماً مالياً سخياً للأعضاء الآخرين في حزبه. فهو عندما تولى منصب الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 1993، أحكم الديمقراطيون قبضتهم على البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب. وبعد مضي أقل من عامين على توليه الرئاسة، حقق الجمهوريون أغلبية ساحقة في كلا المجلسين، وصار بذلك نوت جينغريتش رئيس مجلس النواب. علمًا أن مقالة صادرة في صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; في تلك الفترة وصفت الديمقراطيين بأنهم quot;مشتتو التفكيرquot;.

وعندما غادر كلينتون المنصب في العام 2001، ظل الجمهوريون مسيطرين على الكونغرس وفتحت فضيحة مونيكا لوينسكي وتوجيه الاتهام إلى الرئيس الباب على حقبة جورج بوش الابن. وقد ساهمت لمسة الرئيس السابق غير السحرية في الحملة الرئاسية للسيناتور كلينتون في الهزيمة الساحقة التي منيت بها في الانتخابات الأولية في جنوب كارولينا. فنفوذه ما زالت خاضعة إلى حد ما للسيطرة منذ ذلك الحين.

ويمكن للمرء تحليل أسباب أفول نجم كلينتون وحملتها الانتخابية كيفما يشاء غير أنني أظن أن أكبر عائق أمام السيناتور تمثل بالوقت وطبيعته التي لا تتسامح مع الخطأ. فضلاً عن أن ميول التاريخ تتغير. فبعض مؤيدي باراك أوباما الشباب والمتحمسين لم يكونوا قد تجاوزوا بعد الرابعة أو الثالثة من عمرهم حتى عندما انضم إلى بيل وهيلاري كلينتون آل وتيبر غور في جولة بالحافلة تكللّت بنجاح هائل وشملت ثماني ولايات من أجل إطلاق عجلة حملتهم ضد جورج بوش الأب ودان كوايل في العام 1992.

وبدا آل كلينتون ومعهم آل غور تجسيدًا للوعد الشاب والتغيير الأمر الذي قلب البلاد رأسًا على عقب. وكانت أغنية حملتهم الأساسية هي أغنية quot;لا تتوقفquot; لفليتوود ماك بكلماتها الجوهرية: quot;لا تتوقف عن التفكير في الغدquot;. وقد نجح باراك أوباما، البالغ 46 عامًا كما كان عمر بيل كلينتون في تلك الجولة التي قام بها بالحافلة، في جعل آل كلينتون يبدون في حملته تجسيدًا للأمس. قائلاً أمام حشد من مؤيديه بعد فوزه في أيوا: quot;الأفضل ينتظرنا إذا ما تمتعنا بالشجاعة الكافية لبلوغهquot;.

وصحيح أن خيارات السيناتور كلينتون لم تنعدم رسمياً لكنها إذا ما أرادت أي فرصة بالفوز سيتحتم عليها تحقيق سلسلة مفاجئة من الانتصارات المدهشة ضد مرشح يتمتع بتمويل أفضل منها ويركب موجة مهولة من الزخم. وضيّعت السيناتور كلينتون البالغة من العمر 60 عامًا في مناظرة مساء الخميس جملة من الفرص لتوجيه انتقاد لاذع للسيناتور أوباما. فهي رفضت القول إنه لم يكن مستعدًا ليكون القائد الأعلى للقوات العسكرية في البلاد. وأشارت إلى أنها لا تنوي الاستمرار في قتال مدمر للمرشحين الكبار في المؤتمر الديمقراطي. وبدت أنها غير مستعدة للتضحية بكرامتها أو مصالح حزبها في محاولة تلافي هزيمة مرجحة.


المصادر: خدمة نيويورك تايمز
وكالات