كان على الدكتور محمد حسن الموسوي ان لا يكون حمّالة حطبٍلإشعال الحريق.

كلما خضع البحث والنقاش والحوار للمنطق العلمي واستسقاء الحقيقة، كلما اثر في الآخرين تأثيراً ايجابياً ومنحهم فرصة جديدة لزيادة وعيهم الثقافي في القضايا التي تحتاج الى التدقيق والتمحيص بدلاً من العجالة في اصدار قرارات واحكام قد تؤدي الى بمطلقيها الى الوقوع في اخطاء تفسر عدم اهلية بحوثهم ونقاشاتهم وحوارتهم وينجر ذلك حتى على تحصيلهم للدرجة الاكاديمية العلمية فكلما كان التمحيص في الجمل والحديث والحكم وعدم كيل الاتهامات او تكرار الاشاعات والاكاذيب المغرضة بدون سند مادي والاعتماد على القال والقيل كلما شدّ القراء او المستمعين الى الموضوع الذي يطرح والعكس هو الصحيح.
بهذه المقدمة الصغيرة اردت الدخول في موضوع قديم يتكرر على ألسنة البعض من المثقفين العراقيين بالرغم من الشواهد التاريخية والحقائق التي اظهرت الحق من الباطل ولكن مع شديد الاسف بقى البعض اما جاهلاً لايفقه أو مصراً على عناده ولا يقبل ان يدرك الاتجاهات السياسية للمراحل السابقة ورؤية الاحداث والفرز الحاصل على القوى الاجتماعية والاصطفافات السياسية وتجارب سنين طويلة من القهر والظلم والارهاب، لعلي اطلت قليلاً ولكن ما باليد حيلة حتى لا يفسر مانريد قوله بتفسيرات خاطئة وملتوية..
في برنامج الاخ الدكتور هشام على قناة الفيحاء العراقية بتاريخ 17 / 2 / 2005 وبحضور الاستاذ الدكتور كاظم حبيب طرحت عدة قضايا قابلة للمناقشة والحوار، وليس دفاعاً عن الدكتور كاظم حبيب وبخاصة مقالته التي كتبها بتاريخ 7 / 2 / 2005 تحت عنوان " رسالة ودية مفتوحة الى قناة الفيحاء الشعبية " لكن لكل من يريد الحقيقة سيجد هذه المقالة كما هي اكثرية مقالات الدكتور كاظم حبيب متزنة ولا تسيء لقناة الفيحاء ولا لعشرة عاشوراء والشهيد الامام الحسين "ع" ولا أعرف لماذا قام الدكتور محمد حسن الموسوي في رده على حشر هذه القضية حشراً بموضوعة كتبت قبل هذا التاريخ بفترة غير قليلة ثم الدفاع المستميت عن قناة الفيحاء بدون ان يسيء احداً اليها حتى بعدما كرر الدكتور كاظم تأكيداته بأنه لم يتهم الفيحاء، لكنه على ما يبدو انه كان يهدف لغرض آخر اعلنه بعد ذلك بدون تدقيق.. واشهد ان المقالة المذكورة اعلاه ما هي الا مقترحات وتوصيات حول عمل قناة الفيحاء اللاحق واجد ان الكثير من الكتاب والمثقفين لديهم الافكار نفسها وبالامكان مراجعة المقالة في ارشيف الدكتور كاظم حبيب، ولا اريد مناقشة هذه المقالة لكنني احب ان اعلق على ما جاء في رد الدكتور محمد حسن موسوي من لندن والذي جاء بمغالطات وباتهامات غير صحيحة وهو الدكتور الاكاديمي والصحافي الذي كان يجب ان يراعي درجته العلمية بدلاً من ترديد ما كان تدعيه التحقيقات الجنائية في العهد الملكي واسيادهم المعروفين، و يدعيه نظام البعثفاشي ويغذيه على مدى سنين طويلة ضد الشيوعين العراقيين وكم أود نصيحة الدكتور الموسوي " انما الدين النصيحة " ان يتعب نفسه و يعود ليقرأ تقيم الشيوعيين العراقيين لتجرية جبهة 1973 وانتقادهم لطريقة التحالف ومجرياته وانتقادهم الصريح بدون اية مجاملة او اعتبار ، لا خوفاً من الدكتور محمد حسن الموسوي ولا من الآخرين ولا من رأي الاستاذ الدكتور هشام صاحب البرنامج الذي لمح تقريباً حول نتائج الانتخابات الاخيرة " ان نتائج الانتخابات الاخيرة اكبر مثال على عدم نسيان ذلك التحالف " وكأن لسان حاله يقول ولهذا ان الحزب الشيوعي العراقي لم يحصل على الكثير من الاصوات على الرغم من مكانته وتاريخه الطويل، لكنها قضية للتاريخ وللاجيال القادمة ثم ان الانتخابات لن تكون الأخيرة وطول العمر لأن الحياة دائماً ستزكي الصحيح ولكل حادث حديث حول التصويت والامتناع والفتوى " التكليف الشرعي " والدكتور هاشم يعرفها احسن منا..
ان انتقاد الدكتور محمد الموسوي او اي شخص آخر اذا كان الهدف من الانتقاد البناء وليس الهدم، التصحيح وليس تشويه سمعة الآحرين لهذه المرحلة او مراحل أخرى طبيعي وليس من حق احد ان يفرض عليه أو على غيره اية وجهة نظر اخرى تعاملاً مع احترام حرية الرأي والرأي الآخر وكذلك حقوق الانسان.. ولكن ليس من حقه ولا من حق مقدم البرنامج الدكتور هشام تشويه سمعة عشرات الآلاف من الشيوعين واصدقائهم وحلفائهم، ليس من حقه وهو سيد " موسوي " ومسلم وشيعي لا قانوناً ولا شرعاً ترديد الأراجيف التي كانت تطلق ومازال البعض يرددها كالببغاء بدون وعي ولا ضمير ولا وجدان" ان الشيوعين يتزوجون اخواتهم وامهاتهم وهم كفار لا يؤمنون بالله.. الخ " ان المأخذ الحقيقي على الدكتور محمد حسن الموسوي لأنه دكتور ومثقف وصحافي فقد حمل على اكتافه ذنب الشيوعين العراقيين بمختلف قومياتهم واديانهم ومنابعهم الاجتماعية وعشائرهم وشهدائهم المعروفين بما فيهم من سادة حسينيين يعرفهم حق المعرفة عندما كرر اكاذيب وتلفيقات التحقيقات الجنائية و الجبهة القومية بقيادة حزب البعث العراقي وبقايا النظام الملكي وقوى الرجعية في الداخل والخارج في بداية عهد الجمهورية العراقية الفتية عندما اشاعوا ان مظاهرات شيوعية خرجت تطالب " ماكو مهر بس هلشهر موتوا يبعثية!!" والحقيقة ان هذه المظاهرة كانت في الاعظمية وقد عرف مدبروها بعد ذلك، او اتهامات حول حرق تمزيق القرآن الكريم او مناقشة سر الوجود الالهي عز وجل " فهل كان مقدم البرنامج الدكتور هشام سيسمح بالاطالة في تشويه سمعة جماعة أو تنظيم آخر من قبل أحد المحاورين؟ الا كان الاجدر به وهو العارف بباطن الامور ان يوقف الكلمات النابية والسيئة التي خدشت مشاعر عشرات الآلاف من المشاهدين لبرنامجه.
لقد ثبت بما لا يقبل الشك ان هذه التلفيقات والاكاذيب وغيرها كانت قد صيغت وروجت بالتزامن مع التخطيط لانقلاب عسكري ضد الجمهورية الفتية وضد الزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم وهو ما حصل فعلاً، والانقلاب في 8 / شباط / 1963 الدموي وعسى ان يتذكر الدكتور هشام و د. محمد الموسوي ان بيان رقم " 13 " السيء الصيت الصادر من الحاكم العسكري رشيد مصلح التكريتي الذي ظهر عميلاً للمخابرات الاجنبية حسب ما اعلن عنه أصحابه القدامى كان من أجل ذبح الشيوعين والديمقراطين وليس لذبح القوى الاسلامية ولا غيرها أكبر مثال على ذلك، كما قاد الانقلابيون البلاد الى مذابح وتجاوزات لا اخلاقية ولا انسانية لا يرضى عليها لا من في السماء ولا من في الارض وبدعم قوي من بعض رجال الدين وهم معروفين للجميع وهذا تاريخ لا يمكن لاحد ان يمحوه او يكذبه، كما أظهرالتاريخ ذلك المخطط اللعين الذي كان يخطط له ليس داخلياً فقط وانما عربياً بقيادة جمهورية مصر حينذاك واعداء ثورة 14 / تموز، وعالمياً بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في الغرب.
لكن السيد الدكتور محمد حسن الموسوي لا يريد ان يعترف بالحقيقة وراح يسيء للتاريخ في الخمسينيات والستينيات و يكيل الاتهامات والتلفيقات بدون ان يفكر ولو للحظة كيف يمكن لحزب قدم مئات من الشهداء والكثير من التضحيات وله قاعدة جماهيرية كبيرة بين المؤمنين ومن جميع الاديان ان يرتكب مثل هذه الاخطاء والنواقص دون ان يشعر ان ذلك سيبعد عنه جماهيره الشعبية !
كان على الدكتور محمد حسن الموسوي ان لا يعيد ما روج كذباً وتزويراً لغاية شريرة ولا يكون حمالة حطبٍ لاشعال الحريق لأن المرحلة الحاضرة تحتاج الى مزيداً من التلاحم بين جميع القوى الوطنية الخيرة بمختلف مشاربها الفكرية والدينية من اجل بناء العراق وتخليصه من آفة الارهاب الدموي التي تعيث بالبلاد فساداً، ولا يتصور ان الامور اصبحت سالكة والطريق معبداً بالورود فهذه القوى القديمة الجديدة التي ما زالت تكرر تلك الاكاذيب والترهات نفسها تتحين الفرص من اجل قيام مقابر جماعية جديدة وبالرش الكيمياوي وسجون ومعتقلات على طول البلاد وبحروب لا تبقى ولاتذرولكـن " لا حياة لمن تنادي "
لقد كان رد الدكتور كاظم حبيب اكثر اتزاناً وحكمة، كلمات بسيطة لكنها تحمل معانٍ كبيرة فندها واشار الى منفذيها الحقيقيين ــ من البعثيين والقوى الظلامية التي اغتالت الجمهورية الفتية الاولى وقادت البلاد حتى تم احتلاله في 9 / نيسان / 2003 من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.. اللهم اشهد ان الشيوعين العراقيون لم يكونوا ادلاء للاحتلال.

[email protected]