بهاء حمزة من دبي: هناك مثل عربي حكيم يقول أن السعيد من اتعظ من أخطاء الآخرين والشقي من خاض التجارب بنفسه .. ورغم أن ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز وولديه الأميران ويليام وهاري لا يعرف العربية (تشارلز يلم ببعض كلماتها بحكم نشاطه في مجال الدعوة للتسامح بين الأديان) وبالتأكيد لم يسمعوا عن هذا المثل إلا انهم يعملون به حرفيا في الفترة الأخيرة خاصة ربما لأنهم تحديدا دون غيرهم من أفراد العائلة المالكة في بريطانيا اكثر من لدغ من جحور الصحافة والإعلام سواء في حياة رابعتهم الأميرة ديانا أو بعد موتها في الحادث المأساوي تحت أحد أنفاق نهر السين.
وتجلى حرص تشارلز البالغ على الحفاظ على خصوصية ولديه في مناسبة الاحتفال بعيد ميلاد ابنه الأصغر هاري الذي سيبلغ العشرين من عمره الأربعاء إذ حرص تشارلز على أن يتحكم قصره في توزيع صورة محددة للمناسبة تعكس عمق علاقته بولديه وهو أمر يسعى تشارلز دائما للتأكيد عليه منذ موت ديانا وتزايد الحديث عن قرب زفافه إلى عشيقته كاميلا باركر، إلا أن الصورة تقدم أيضا نموذجا في البساطة والروح العائلية الرائعة بين أب وابنيه الخالية من أي تكلف ملكي بما يوحي أن وريث التاج البريطاني وعى تماما لأحد ابرز الأمور التي ظلت تثير فضول الصحافيين وهي علاقته الجافة بمطلقته الراحلة ومن بعدها ولديه وسيطرة الرسميات عليها مما أدى إلى إصابة ديانا بحالات متكررة من الاكتئاب وابتعاد الولدين عن أبيهما وميلهما إلى الانعزالية.. كما كان ملفتا في صورة الأسرة السعيدة الصغيرة التي التقطها المصور المقرب من القصر الملكي ماريو تستينو المولود في بيرو والذي بات اسما مألوفا لدى العائلة المالكة في بريطانيا بعد الصور التي التقطها للأميرة ديانا و ابنيها و الأمير تشارلز أن ولي العهد لم يحاول كعادته في الصور العائلية التي ظهر فيها خلال الأشهر الماضية حشر صديقته كاميلا في الكادر ضمن جهوده المستمرة لخلق حالة قبول لها بين أبناء الشعب البريطاني وإنما فضل أن تقتصر الصورة التي التقطت في ضيعته في بهايجروف بجلوشسترشير عليه مع ولديه اللذين ظهرا وهما يضحكان في سعادة حقيقية ليس على شيء محدد كما قال تستينو وإنما لان "هذه هي الطريقة التي يتعاملون بها مع بعضهم بعضا" كما يضيف هو نفسه مشيرا إلى أن ما "يبدو أنه تربطهم علاقة وطيدة وفريدة من نوعها بين أب وأبنائه."
أمر آخر تجلت فيه رغبة تشارلز العارمة في حماية حياة ولديه من فضول الصحافيين وهو تعليق الصورة التي بثتها كل وكالات الأنباء العالمية تقريبا إذ أرفقت مع الصورة تحذيرات مختلفة من سوء استخدامها كما جرى تحديد تاريخ محدد مدته شهر واحد لاستخدام الصورة يسقط بعده الحق القانوني في إعادة نشرها ، وأرفقت بعض الوكالات مثل الوكالة الأوروبية التي تخدم وكالة الأنباء الألمانية تحذيرات أخرى تطالب مستخدمي الصور بمراعاة وضع تعليق مناسب للصورة ليس فيه تجريح لاح دمن الذين يظهرون فيها في واقعة تحدث للمرة الأولى في الصور التي تبثها الوكالات كما لفت الانتباه أن الصورة بثت بالأبيض والأسود فقط في إشارة ربما قصد منها أن تشارلز وولديه سيعودون بعلاقتهم لأيام زمان ويتناسون الأزمات التي مرت بالأسرة في السنوات الأخيرة .
الشيء الوحيد الذي بدا انه نشازا وسط الحدث الدافئ كما أراده تشارلز ترافق عيد ميلاد هاري الذي يستعد للالتحاق بكلية ساند هيرست العسكرية مع موعد النطق بالحكم في الاستئناف الذي قدمه محمد الفايد ضد مصوري الباباراتزي الفرنسيين الذي لاحقوا ديانا ودودي في رحلتهما الأخيرة وتسببا في إزعاجهما منذ أن بدأت أحداث تلك الليلة المشؤومة من شهر آب (أغسطس) عام 1997 داخل فندق ريتز الباريسي الشهير. ورغم أن ترافق الموعدين يظل في الأغلب مجرد صدفة غير سارة لتشارلز وولديه إلا انه جاء ليعيد صورة الملياردير المصري الذي لا يعمل كل ما في وسعه حتى يظل جاثما على صدر العائلة المالكة منتقما من بريطانيا التي رفضت إعطائه جنسيتها رغم كل ما قدمه لاقتصادها الوطني.. كما جاء الخبر مثل نذير شؤم على الرجال الثلاثة المحتفلين ليس فقط بعيد ميلاد هاري وإنما ببدء صفحة جديدة في حياتهم الأسرية ليذكرهم في هذه المناسبة الاستثنائية بان بعض الأخطاء لا يمكن محوها مهما طال الزمن.

*الصورة من وكالة الاسوشيتدبرس