اتهمت أمانة التوافق التي تضم ثمانية أحزاب معارضة في مصر، الحزب الوطني (الحاكم)، بتعمد المماطلة والتسويف في إجراء الحوار، و لوح ناجي الشهابي رئيس حزب "الجيل" بأن الأمانة قررت وضع سقف زمني لحوار المعارضة مع الحزب الحاكم، وإذا لم يتم خلال كانون الثاني (يناير) المقبل فسوف تنسحب كل أحزاب المعارضة من هذا الحوار، وهو ما أكده أيضاً الدكتور رفعت السعيد المتحدث الرسمي باسم التوافق، حين قال إن إصرار الحزب الوطني (الحاكم) على إرجاء الحوار أكثر من مرة، ثم الإعلان أخيراً عن إجرائه خلال كانون الثاني (يناير) المقبل، من شأنه أن يطيح بالحوار الوطني ويجعله بلا جدوى .

ويرتبط الحديث الآن عن قوانين الإصلاح السياسي في مصر باقتراب بداية العام الجديد 2005 الذي سيشهد عدة انتخابات عامة مهمة، أولها في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، والخاص بالاستفتاء الرئاسي، والثاني في أعقابه بشهر ويتعلق بالانتخابات البرلمانية .

وأعرب السعيد عن اعتقاده بأن الحوار المرتقب بين الحكومة والمعارضة بات مهدداً بالفشل، لعدة أسباب يأتي في مقدمتها صعوبة تنفيذ ورقة أحزاب المعارضة التي طرحتها متضمنة رؤيتها للإصلاح السياسي، والتي تشمل تعديل قانون الانتخابات والأحزاب والحقوق السياسية، كما أعلن السعيد أيضاً رفض الأحزاب أن "تبصم" على إجراء الحوار في هذا التوقيت، معتبراً أن ذلك بمثابة اللعب في الوقت الضائع، للاقتراب من موعد الاستفتاء على رئاسة الجمهورية، وحسب السعيد فإنه تجري الآن محاولات لتمرير مشروعات القوانين المقترحة دون عرضها عليها ومناقشتها، لافتاً إلى أن جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني كان قد صرح اخيرا بأنه يجري إعداد مشروعات قوانين، من المقرر أن تعرض على الحكومة لإقرارها دون طرحها على الأحزاب السياسية الأخرى، وهو ما اعتبره السعيد "يكشف نية الحكومة المبيتة وعدم جديتها في الحوار"، على حد تعبيره .

وكانت الحكومة المصرية وقادة الحزب الوطني (الحاكم) قد تعهدوا بعدم إحالة أية مشروعات قوانين تتعلق بالإصلاح السياسي على مجلس الشعب (البرلمان)، إلا بعد إجراء حوار بشأنها مع أحزاب المعارضة، وأعلنوا موافقتهم على مطالب التوافق التي تتعلق باستبعاد فكرة الحوارات الثنائية، والالتزام بالحوار الجماعي، وإصدار تصريح يومي عن نتائج الجلسات التي ستعقد في هذا الخصوص، غير أن تصريحات أخيرة لنجل الرئيس المصري جمال مبارك لم يشر فيها إلى هذا الأمر، مكتفياً بأنه سيجري التنسيق بشأنها بين الحكومة والحزب الوطني (الحاكم) في البلاد.

وقال السعيد إن الأحزاب لن تتحاور على مشروعات قوانين معدة سلفاً، بل تريد حواراً متكافئاً، مؤكداً رفض التوافق لاتفاقية الكويز وأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.

المجتمع المدني

وكانت أحزاب المعارضة المصرية قد شكلت "أمانة عامة" من رؤساء ثمانية أحزاب لتنسيق نشاطها خلال المرحلة المقبلة وخصوصا فيما يتعلق بالإصلاح السياسي والدستوري الذي تطالب به، وعقد رؤساء أحزاب "الوفد" و"التجمع" و"الناصري" و"العمل" و"الأمة" و"الوفاق القومي" و"مصر 2000" و"الجيل الديمقراطي"، عدة اجتماعات، وأصدروا بيانات أشارت إلى مناقشتهم للأوضاع السياسية الراهنة، وبحث إمكانية العمل المشترك بينهم لدفع عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من اجل تحقيق مسار صحيح يتجه بمصر قدما في طريق تحقيق وطن حر ومواطنين أحرار، ومن اجل تهيئة المناخ السياسي لتحقيق إصلاح جاد"، حسب ما ورد في بيانهم التأسيسي .

وتسعى أحزاب المعارضة إلى تحقيق مكاسب في الملف الديمقراطي، على خلفية استحقاقات عام الانتخابات، وبدأت منظمات وجماعات سياسية حملات جماهيرية، تطالب بتعديل الدستور وتغيير نظام اختيار الرئيس من الاستفتاء على مرشح واحد، إلى الانتخاب بين أكثر من مرشح، مع تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وفي هذا السياق يرى الدكتور جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس المصرية أن "الحياة السياسية أصيبت بالتهميش بعد فرض حالة الطوارئ لمدة ربع قرن، إذ حظرت أية تجمعات في الشوارع مما عوق حركة التنافس في الانتخابات بين الأحزاب"، مشيراً إلى أنه في هذا الوقت فإن "كافة الطرق ممهدة أمام الحزب الوطني لجذب الجماهير وتطويعه وفقا لاهوائه"، على حد تعبيره .

وفي الجانب الآخر من تحرك الأحزاب السياسية فقد اضطلعت منظمات المجتمع المدني بمشروعات أخرى للإصلاح يحقق من وجهة نظرها الديمقراطية خلال خمسة أعوام تعتمد علي إصدار دستور جديد وإلغاء الطوارئ بمشاركة أحزاب وخبراء دوليين، وذلك من خلال وثيقة أعدتها 19 منظمة من منظمات المجتمع المدني، حيث دعا المشاركون فيها إلى أن تكون بنود الوثيقة بعيدة عن الايديولوجيات السياسية، وحركات "التحريض السياسي"، باعتبار أن ذلك يرجع إلى أن المناخ السياسي لا يلائم ظهور هذه النزعات الراديكالية .