تشن صحف لبنانية حملات تزداد وتيرتها كل فترة على العمالة السورية في لبنان. بعض الصحف يتناول قضية العمالة السورية من زاوية ازدياد عدد السوريين وبعضها الآخر يحمّل العمال السوريين مسؤولية هجرة الشباب اللبناني إلى الخارج. حتى تحوّلت قضية العمالة السورية في لبنان إلى قضية سياسية يحاول السياسيون إثارتها في برامجهم السياسية.
وعادة ما يسعى العمال السوريون الذين يسافرون إلى لبنان للعودة برأسمال يمكّنهم من القيام بمشاريع صغيرة مثل شراء سيارة أجرة أو شراء بيت أو الزواج. وما يلفت ان أحدا من العمال لا يعود برأسمال كبير وإنما يحمل معه مبلغا متواضعا يؤمن له حياة مستقرة نوعا ما. يتحدث العمال السوريون ، خاصة الذين يعملون في مجال البناء والإعمار، عن عملهم في مشاريع لبنانية يصعب على اللبناني انجازها لأنها تعرض حياتهم للخطر ، حيث توجد بنايات ضخمة و شاهقة مرتفعة في مناطق جبلية ، ومن ينظر إليها سيعثر على عامل سوري معلقا في أعلاها يقوم بقص حجر زائد أو البناء والدهان. ومما يؤكد كلام العمال السوريين ، ان حوادث وقعت في لبنان في الأعوام الأخيرة أدت إلى وفاة عدد من السوريين كانوا يستخدمون مصعد في بناية جديدة.
ويرى عمال سوريون ان الأعمال التي ينجزونها صعبة وقاسية ومعظمها في مجال البناء ولا يرضي بها اللبناني. ويقبل العامل السوري أجرته وهذا ما لا يمكن ان يتقبّله العامل اللبناني. كما استغرب كثير من العمال السوريين كلام بعض اللبنانيين بأن يكونوا سببا في هجرة الشباب اللبناني متسائلين عن الفساد الذي تتحدث عنه الصحف اللبنانية كل صباح كما ان اللبناني معروف عنه الهجرة منذ قديم الزمان. ويلاحظ المراقبون ان مسألة العمالة السورية في لبنان تتعرض للاستغلال السياسي من جهات حزبية من حيث ربطها بالوجود السوري في لبنان ، رغم اعتياد السوريين على السفر إلى المدن والمناطق اللبنانية والعمل فيها منذ عقود بعيدة ، كما يوجد في سورية آلاف العمال اللبنانيين وهذا ما يراه السوريون أمرا طبيعيا ولا تتم الإشارة إليه في الدوائر الرسمية أو غير الرسمية.
في الواقع ، يفضّل صاحب العمل اللبناني العامل السوري أكثر من اللبناني لأن السوري لا يخضع لقانون العمل من حيث الضمانات الصحية والاجتماعية ( وهو مطبق على اللبنانيين) ، وبالتالي لا يفكر صاحب العمال بتأمين الضمان للعامل السوري أو دفع الضرائب ، كما أن أجر السوري منخفض مقارنة بأجر اللبناني. ويتوزع العمال السوريون في مجالات عمل متنوعة إلا ان أبرزها البناء والإعمار وهي من الأعمال القاسية التي تسبب مشاكل صحية.

وتحولت قضية العمالة السورية في لبنان إلى حديث للمختصين والأكاديميين في الجامعات اللبنانية. وحسب دراسة حديثة ،أنجزتها إحدى الطالبات اللبنانيات عن العمالة السورية في لبنان، فإن "نسبة 71 في المئة من العمال السوريين الموجودين في لبنان ، يرغبون في العودة الى وطنهم الأم بعد تحقيق مشاريعهم وتأمين الأرباح المالية ، في مقابل 19 في المئة يريدون الاستقرار في لبنان مع عائلاتهم ، و 11 في المئة استقرّوا نهائيا . وفي موضوع الحصول على الجنسية اللبنانية ، أبدت نسبة 39 في المئة عدم رغبتها في الحصول عليها ، في ما فئات توزعت الباقي بين الحاصلة على الجنسية سلفا بنسبة 61 في المئة ، في حين أعربت نسبة 14 في المئة عن رغبتها في الحصول عليها قريبا ولاحقا بنسب 29 في المئة".
وفيما إذا شكّلت العمالة السورية في لبنان ضررا على الشباب اللبناني أم لا ، يبقى ان نشير إلى ان اللبنانيين والسوريين شكلوا نسيجا اجتماعيا متميزا لا يمكن أن تمحوه السياسة وهذا ما تؤكده الأرقام حول ارتفاع عدد الزيجات بين شبان وفتيات من البلدين.