نبيل شرف الدين من القاهرة: بينما ينشغل العالم كله بأزمة إقليم دارفور السوداني، وتتوالى الأنباء والتصريحات التي تتحدث عن إمكانية حدوث تدخل دولي، أو توقيع عقوبات على الخرطوم بسبب هذه الأزمة، فقد شهدت الاحتفالات الرسمية التي تجري اليوم (السبت) في الخرطوم، إعلاناً بترقية الرئيس السوداني "الفريق عمر حسن البشير" إلى رتبة المشير، أو "الفيلد مارشال"، وهو القرار الذي تلاه خلال ذلك الاحتفال باليوبيل الذهبي للقوات المسلحة السودانية، اللواء الركن الطيب محمد خير وزير شؤون رئاسة الجمهورية في السودان.

وفي الوقت الذي وصلت فيه اليوم إلى مدينة الفاشر، شمال إقليم دارفور السوداني، وحدة من قوات الحماية الأفريقية تتالف من 150 عسكرياً، لتوفير الحماية لفرق المراقبة الأفريقية التي أرسلتها مفوضية الإتحاد الأفريقي إلى الإقليم السوداني، هاجم بيان أصدرته حركة تحرير السودان المتمردة مقررات اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير الخاص بمناقشة حلول لأزمة دارفور، واتهم البيان الجامعة بالانسياق خلف ما أسماه "دعاوى حكومة الخرطوم وارتداء نظارة الفكر التآمري"، وهو الأمر الذي دفع الجامعة العربية إلى إنكار هذه الاتهامات قائلة إنها ليست منحازة إلا لمصلحة الشعب السوداني، بينما دعت الحركة المتمردة الجامعة إلى تغيير مواقفها والسعي الجاد لإنقاذ مليون شخص من الموت المحقق في مقابل التوقف عن الدعم السياسي للنظام الحاكم في الخرطوم.

وقال بيان الحركة إن "الجامعة أضاعت على نفسها، وعلى السكان في دارفور، فرصة تصحيح أخطاء الجامعة التاريخية حيال الإقليم، وهي الأخطاء التي وصفها البيان بأنها "تواصلت خلال الفترة الماضية بالصمت على المذابح والتشريد والأعمال الوحشية التي نفذها نظام الخرطوم في دارفور".

ورفضت الحركة في بيانها الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه، قرار الجامعة العربية، قائلة انه لا يعبر عن جوهر قضية "شعب دارفور" فضلا عن ازدواج المعايير في الموقف العربي، حيث وافقت الجامعة من قبل على تدخل القوات الأجنبية إبان غزو العراق للكويت، بينما ترفض الآن التدخل العسكري في إقليم دارفور، الذي يشهد تدهوراً مأساوياً أقرت به وشهدت عليه عدة أطراف دولية وإقليمية، إذ امتد ليشمل كافة الأوضاع المعيشية في الإقليم، وهو الأمر الذي نتج عنه مليون لاجئ و50 ألف قتيل، فضلاً عما ارتكب من فظائع وجرائم بحق الأبرياء المسالمين"، بحسب متحدث باسم الحركة.

ونفت الجامعة العربية بشدة هذه الاتهامات، وقالت على لسان سمير حسني، مسؤول ملف السودان بالجامعة العربية، إن تشكيك حركات التمرد في دور الجامعة واتهامها بالتحيز لحكومة الخرطوم لا يمكن أن يفهم إلا في سياق ممارسة الضغوط السياسية من قبل المتمردين، لافتاً إلى أن إبداء الجامعة استعدادها للمشاركة في مفاوضات "أبوجا" ينفي هذا الادعاءات، حيث إن الجامعة ليست منحازة سوى لمصلحة الشعب السوداني ولجهة حل سلمي للأزمة، من شأنه أن يجنب السودان المخاطر المحدق به من عدة اتجاهات.

وفي القاهرة أعلن أن الرئيس المصري حسني مبارك، على اتصال مستمر مع نظيره السوداني عمر البشير، لبحث "خطوات التحرك المقبلة في ضوء قرار مجلس الامن الخاص بدارفور والتعامل مع العناصر الايجابية في القرار"، بحسب ما أشار المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في وقت سابق.
وبينما يزور المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع المصري الخرطوم حالياً، على رأس وفد عسكري رفيع، فقد أرسلت القوات المسلحة المصرية في وقت سابق طائرات نقل عسكرية تحمل كميات من المساعدات الطبية والانسانية إلى اقليم دارفور، كما أعلنت مصر اعتزامها "المشاركة بمجموعة عسكرية صغيرة تحت
مظلة الاتحاد الافريقي".

تجدر الإشارة إلى أن مجلس الامن أصدر أخيراً قراراً يطالب فيه الحكومة السودانية بالتحرك خلال ثلاثين يوما لنزع سلاح الميليشيات العربية الأصل المعروفة باسم "الجانجويد"، والتي يلقى عليها بالمسؤولية في اندلاع الازمة في دارفور، وقالت الامم المتحدة انه اذا لم يلب السودان مطالب مجلس الأمن فإنها تعتزم بحث فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليه، فضلاً عما أبدته عدة دول عربية من استعدادها للتدخل في الإقليم.

وسبق أن أشارت مجموعة الازمة الدولية في تقرير لها إلى عمليات الإبادة الجماعية لنحو 800 الف في راوندا عام 1994 قائلة في شأن ما يجري في دارفور إن تحركاً دولياً عاجلاً على عدة جبهات، بات أكثر إلحاحاً حتى لا تلحق دارفور 2004 بدولة راوندا 1994 كرمز للخزي الإنساني".