في الكويت .. "قضي الأمر الذي فيه كانا يختلفان"
طار وزير الإعلام والحجي بالإنابة

نصر المجالي من لندن: كما توقعت "إيلاف" فإن وزير الإعلام الكويتي محمد أبو الحسن، قدم استقالته اليوم من حكومة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وحمل كتاب الاستقالة دفاعا ناريا من الوزير عن مسؤولياته التي تحملها طيلة الثمانية عشر شهرا الماضية، كما أكد عزمه على أن يظل خادما للكويت في أي موقع من المواقع. وباستقالة الوزير أبو الحسن التي تسبق قضية طلبه للاستجواب من جانب برلمانيين إسلاميين ثلاثة بيوم واحد حيث كان الاستجواب مقررا غدا، فإن المشاورات المكثفة التي شهدتها أروقة الحكومة والبرلمان توصلت إلى هذه النتيجة التي اعتبرتها أوساط كويتية بأنها مريحة لجميع الأطراف. وقال أبو الحسن في كتاب استقالته الذي رفع صباح اليوم للشيخ صباح "اتخذت قراري بعد الاتكال على الله ان اتقدم لسموكم بطلب قبول استقالتي من الوزارة ليس عزوفا عن خدمة وطني ولا خوفا من مساءلة سياسية ولكن صونا لوطني من ان يكون مجالا لمناقشات ومناوشات وتناحر سياسي الخاسر فيه نحن جميعا". ومثلما توقعت "إيلاف"، فإنه صدر قرار اليوم بتعيين فيصل الحجي وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ووكيل الإعلام السابق ، وزير للإعلام بالإنابة إلى حين تعيين وزير أصيل.

وأبو الحسن، كان هو الوزير الشيعي الوحيد في الحكومة، حيث ساد كثير من "اللغط" في الأوساط الكويتية بأن مسألة استجوابه تستند إلى مسألة طائفية، حيث النواب الثلاثة الذين طالبوا باستجوابة من السنة، لكن مصادر برلمانية وحكومية سارعت إلى نفي ذلك الكلام.

ومن قبل أن يستدعى لحمل حقيبة وزارة الإعلام في حكومة الشيخ صباح الأحمد، عمل أبو الحسن لعشرين عاما متتالية مندوبا لبلاده في الكويت. وقالت مصادر لـ "إيلاف" اليوم أن الاستقالة الدراماتيكية له "أثارت فرحا كبيرا في الوزراة وبين قطاعات العاملين فيها، حيث كان هؤلاء يشتكون من الأداء البيروقراطي الرتيب للوزير الدبلوماسي، حيث لم يحاول أن يرقى بالعمل الإعلامي بالمستوى المأمول منه كدبلوماسي مخضرم عريق"ز

وفي الآتي نص كتاب استقالة الوزير ابو الحسن:

سمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله رئيس مجلس الوزراء تحية تقدير واحترام وبعد لقد شرفتموني بثقة سموكم الغالية باختياري وزيرا للاعلام وهي ثقة لها عظيم الاثر في نفسي واضاف دافعا قويا لي ليكون جهدي مضاعفا لخدمة وطني. وقد اليت على نفسي طوال عملي والذي كان من بينه ان عملت مندوبا دائما للكويت لدى الامم المتحدة في نيويورك مدة اثنان وعشرون عاما ان اكون مخلصا للوطن وللامير وان اودي اعمالي بما يمليه عليها ضميري وهو امر اقسمت عليه حينما توليت المنصب الوزاري.

وقد اسعدني ان عبرتم سموكم ان عملي ولله الحمد في الخارج هو محل تقدير لكل منصف كما هو بالنسبة لي مصدر اعتزاز بالرغم من ان ما قدمته من جهد ليس لي فضل فيه على وطن اعطاني اكثر مما اعطيته وعلى اهل وابناء ديرة منحوني من الحب والتقدير ما اعتز به طوال حياتي.

وتابع وزير الاعلام في كتاب استقالته .. وحينما تفضل سموكم باختياري لمنصب وزير الاعلام رايت في ذلك تقدير لايوازيه اي تقدير حينما توج هذا الاختيار بثقة صاحب السمو الامير حفظه الله. وحينما اقسمت اليمين امام صاحب السمو فقد اليت على نفسي ان ابر بقسمي وان احفظ امانة المسؤولية وان اخدم وطني بتجرد تام بعيدا عن اي تاثر او تاثير لا يخدم هذا الوطن. ولذلك لم اجزع من اي نقد بناء او طرح يهدف الى الصالح العام. فنحن في دولة مؤسسات دستورية تسود فيها ديمقراطية الحوار وحوار الديمقراطية تتعاون فيها السلطات ولا تطغى احدهما على دور الاخرى وهذا هو الفهم الذي انطلقت في عملي من خلاله. لا ابتغي في ذلك غير المصلحة العامة ولا افضل مصلحة اخرى عليها وذلك التزاما بقسم اقسمنا عليه جميعا واداء لمسؤولية المنصب الوزاري. لقد اجزع هذا الامر الكثير من اصحاب المصالح والتوجهات الخاصة كما ظهرت منذ الاشهر الاولى لعملي الوزاري ملامح استهداف شخصية مقصودة ثم بدات بعض التلويحات بالمساءلة السياسية وهو امر لاغبار عليه وحق لكل عضو من اعضاء السلطة التشريعية بشرط ان يلتزم بالاطر الدستورية. ولذلك لم اجزع حينما قدم هذا الاستجواب وتعاملت معه كما يجب املا في تكون محاوره منضبطه بما يحفظ لهذه الاداة دورها ويحافظ على المصلحة العامة التي ابتغاها المشرع منها. الا ان ما صاحب ذلك من تصريحات وتلميحات وماستتيحه جلسة الاستجواب من احتمالات قد يوءدي الى خدش او جرح او المساس بوحدتنا الوطنية ولحمة شعبنا وترابطه قد حز في نفسي كثيرا فلا يمكن لمن كان في موقعي ان يجعل من المنصب الوزاري وسيلة لمناوشات او مساومات سياسية او مصلحية تفت من عضض هذا الوطن ولن امكن احدا من ان يمس لا تصريحا ولا تلميحا المصلحة العامة والوحدة الوطنية فهي عندي اسمى من اي منصب واجل من اي هدف. وازاء ذلك فقد اتخذت قراري بعد الاتكال على الله ان اتقدم لسموكم بطلب قبول استقالتي من الوزارة ليس عزوفا عن خدمة وطني ولا خوفا من مساءلة سياسية ولكن صونا لوطني من يكون مجالا لمناقشات ومناوشات وتناحر سياسي الخاسر فيه نحن جميعا. وانني اذ اتقدم باستقالتي هذه لسموكم فانني اضع نفسي تحت تصرف سموكم لخدمة وطني في اي مجال استطيع ان اقدم فيه جزء مما يستحقه هذا الوطن علي امتدادا لعمل نذرت نفسي له واحمد الله انه اعانني على تأديته بما يجب من امانة واخلاص ووفاء. الله اسال ان يحفظكم ويحفظ بلدنا كم كل سوء ومكروه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكانت "إيلاف" نشرت فجر اليوم تقريرا يؤكد استقالة الوزير أبو الحسن وثلاثة من الوزراء هم وزراء المال محمود النوري والعدل أحمد الباقر والصحة محمد الجار الله. وهذا أول خروج لوزير من حكومة الشيخ صباح، التي تشكلت في يوليو (تموز) العام 2003 .وهو التشكيل الذي أعقب انتخاب مجلس الأمة الحالي الذي لازال يشكل صداعا للحكومة في استجوابات أعضائه المستمرة للوزراء.

وعلمت "إيلاف" أن من بين الشخصيات المحتملة في بورصة شغل منصب وزير الإعلام، كل من : الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح،وهو رئيس جهاز خدمة المواطن - بدرجة وزير وابن الدكتورة سعاد الصباح وزوج شقيقة الشيخ احمد الفهد وزير الطاقة واقوى الوزراء في الحكومة الحالية ووزير الاعلام السابق، ثم فيصل الحجي - وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، وهو أحد الوزراء المستقرين والأقوياء و ذوي العلاقات الممتدة وهو وكيل وزارة الاعلام سابقا في ظل وزيرها القوي السابق الشيخ سعود الصباح، فالدكتور محمد الرميحي الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون السابق ورئيس تحرير مجلة العربي السابق وهو مفكر كبير على مستوى الوطن العربي وضيف دائم على اغلب الفضائيات، وعبد الوهاب الوزان وزير التجارة السابق وهو من الشخصيات الشيعية البارزة التي تحظى باحترام الجميع، ومن المحتمل ان يلجأ رئيس الحكومة إلى الاستعانة باحد وزراء الاعلام السابقين مثل الشيخ سعود الصباح او د.سعد بن طفلة او بدر جاسم اليعقوب. كما أن هنالك احتمالا بترقية احد وكيلي الوزارة الحاليين الشيخ فيصل الصباح او الشيخ مبارك الدعيج الصباح لتولى الحقيبة.

وفي الكويت اصبح هناك نحس اسمه منصب "وزير الاعلام، وهناك من يشير من العارفين إلى أن الراحل الشيخ جابر العلي والشيخ ناصر محمد الاحمد وزير الديوان الاميري الحالي هما افضل من تولى هذه الوزارة، التي لم تعرف الاستقرار منذ العصر الذهبي أيام المرحوم الشيخ جابر العلي الصباح. وهذا النحس طال الكثير من الوزراء بدْا بالدكتور بدر اليعقوب الذي غادر الوزارة بخلافات لا حصر لها وهو الذي تم تعيينه وزيرا للإعلام أثناء فترة الغزو العراقي خلفا للشيخ جابر الحمد الصباح وزير الدفاع الحالي، ثم الشيخ سعود الصباح الذي ابعد عن الوزارة اثر الاستجواب الشهير عام 1996 بسبب معرض الكتاب، ثم خلفه يوسف السميط الصحافي العريق الذي لم يستمر في الوزارة إلا قرابة العام بعدها جاء د.سعد بن طفلة الذي هو استقال بعد قرابة 14 شهرا من تعيينه.

وآلت الحقيبة للشيخ احمد الفهد الذي غادر الإعلام فرحا بسبب الضغط الكبير وكثر تشابكاتها ليستقر في وزارة الطاقة، حتى جاء السفير السابق محمد أبو الحسن ليكمل العقد الفريد في وزارات الكويت وتقترب أيامه الأخيرة مع الكرسي المنحوس وهو لم يتجاوز 15 شهرا.

وكان استجواب الوزير أبو الحسن اتخذ عدة منحنيات خطيرة اولها التحذير الشديد الذي أطلقه الشيخ صباح الاحمد رئيس الوزراء وأيده فيه كثير من السياسيين والكتاب بضرورة أن لا يأخذ الاستجواب أي مظاهر طائفية حيث أن المستجوبين نواب من الكتلة الاسلامية ويمثلون التيار السني، والمستجوب هو الوزير الوحيد من المذهب الشيعي، وقد أكد المستجوبون حرصهم الشديد على ذلك وعلى النأي بالاستجواب من أية نوازع او تلميحات طائفية.

وختاما، كان الشيخ صباح قد طالب النواب بالتهدئة وعدم تعمد تأجيج الأوضاع خاصة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، مؤكدا على أنه قد يظطر الى اتخاذ ما يكره من اجراءات اذا ما تمادى البعض. وبالمقابل فإن المصادر تقول أن هناك سخطا شعبيا ضد أداء مجلس الأمة وهنالك غضب من قلة الانجاز وسعي بعض النواب الى اختلاق حالات التأزيم مع الحكومة والبحث عن الاضواء الاعلامية دون تحقيق اي انجازات تخدم المواطنين ومصالحهم.