عامر الحنتولي من عمان: في خطوة تكرس نهجا جديدا في العلاقات الأردنية العراقية، بعد أزمة ماقيل عن "العرس الإستشهادي" الذي وتر العلاقة بين عمان وبغداد الى مستويات لامثيل لها من قبل خلال العقود الخمسة الماضية، فقد تحاور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم (الإثنين) مع نخبة من الإعلاميين العراقيين الذين يمثلون أبرز وسائل الإعلام العراقية من المحطات التلفزيونية والإذاعات والصحف والمجلات الصادرة في العراق وجها لوجه في الشأن والهم السياسي، ما عكس ارتياحا لأهل المهنة الإعلامية في العراق والأردن، حيث أكد العاهل الأردني على مأدبة الغداء في القصر الملكي، أنه يريد أن يسمع من العراقيين وعبر اعلامهم كل الملاحظات النقدية لهم على الأردن مهما بدت قاسية، حيث أكد الملك الأردني، ان الروابط الأخوية والتاريخية بين البلدين أكبر وأسمى من أن يعكر صفوها أحد، مشددا على أهمية التواصل بين الإعلاميين الأردنيين ونظرائهم العراقيين خدمة لمصالح الشعبين الشقيقين، على حد كلام عاهل الأردن الذي بين ان الأردن سيبقى السند الحقيقي للعراق، والداعم الأساسي لتطلعات العراقيين لأننا على قناعة أكيدة ان العراق هو عمق الأردن.

وقال العاهل الأردني في حديث للإعلاميين العراقيين، ان أمن العراق واستقراره يشكلان دعامة أساسية لأمن الأردن، والمنطقة بشكل عام ، وان العراق وشعبه بما يمتلكه من عراقة ومقومات حضارية وثقافية قادر على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها، حيث شدد الملك الأردني على ان العراق يجب ان يكون للعراقيين، وان على الجميع ان يحترم ارادة الشعب العراقي في اختيار شكل الدولة العراقية، ونظام الحكم فيها
وطبقا لما قاله عاهل الأردن فان أي اخفاق لمشروع بناء عراق ديمقراطي، ومستقل يشكل خسارة للجميع في هذه المنطقة .

وأشار ملك الأردن، الى ان الانتخابات التي جرت في العراق في الثلاثين من كانون الثاني ( يناير) الماضيجسدت ارادة الشعب العراقي الحرة في التوجه نحو الديمقراطية ، مشيرا الى أهمية مشاركة كافة مكونات الشعب العراقي في بناء العراق، لا سيما في كتابة الدستور الذي يعد الركيزة والأساس الذي سيبنى عليه العراق الجديد . وأوضح، ان الأردن وضع كل امكاناته في خدمة الشعب العراقي، لتجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، مبينا حجم المسؤولية والجهد الذي يقوم به الأردن لحماية الحدود الأردنية العراقية، ومنع تسلل الإرهابيين الى العراق .


وبحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) فقد أكد أعضاء الوفد حرصهم على بناء علاقات قوية وراسخة مع الأردن الذي اعتبروه الرئة الحقيقية للعراق ، وبينوا ان تشرفهم بلقاء (جلالته) والحوارات التي أجروها مع الإعلاميين الأردنيين والمسؤولين المدنيين والأمنيين في الأردن أثرت زيارتهم وعززت ثقتهم، بأن الأردن هو فعلا لا قولا الداعم والمساند للشعب العراقي ولتطلعاته . وفي تصريح ادلى به للتلفزيون الاردني الليلة قال عضو مجلس الحكام في هيئة الإعلام والإتصالات العراقية حسين العادلي، ان لقاءنا مع (جلالة) الملك عبد الله الثاني كان حميميا، وأبدى ملك الأردن حرصه الكبير على شعب العراق، ومستقبل العراق وخرجنا ونحن مطمئنون على ان العلاقة التي تربط بين الأردن والعراق ستشهد تطورا في كل المجالات . واضاف ان السياسة الأردنية قائمة على مضمون واحد يرتكز على التعاون والتحالف المصيري الذي فرضته حقائق الجغرافيا والتاريخ ، ولقد لمسنا من هذا اللقاء ولقاءاتنا الأخرى مع المسؤولين الأردنيين ان هذه الفترة ستشهد شحنة مضاعفة من الاهتمام، وهو ما نحتاج اليه فعلا الان .

من جهته قال مدير شبكة الاعلام العراقية حبيب الصدر، ان لقاءاتنا مع المسؤولين والاعلاميين الأردنيين كانت مفيدة، وحققت نتائجها المرجوة ، واستطعنا من خلال الحوارات العميقة وضع آليات لتوثيق عرى التعاون بيننا، واضاف اننا جادون في سعينا لبناء شراكة قوية مع الاعلام الأردني من خلال استراتيجية بعيدة المدى تجعل هذه العلاقة في أفضل صورها، مشيرا الى ان الاعلام الاردني قصر في توضيح الموقف الرسمي الاردني الرصين تجاه العراق . واكد رئيس تحرير صحيفة الصباح الجديد اسماعيل الزاير، ان هناك بعض القوى التي تستفيد من وجود علاقة سيئة بين الاردن والعراق، مشيرا الى أهمية وجود تواصل مستمر بين الاعلاميين العراقيين والأردنيين للمساعدة في توضيح الصورة فحجم التغيرات الكبيرة التي يشهدها العراق حاليا تجعل الاشقاء في الأردن يقلقون منها .

وفي حديث خاص لـ"إيلاف" قال المدير العام لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) الإعلامي البارز فيصل الشبول إن مجموعة الإعلاميين العراقيين التي جاءت للأردن وتحاورت مع المسؤولين الأردنيين وفي مقدمتهم الملك عبدالله الثاني، والأسرة الإعلامية الأردنية كانت متفهمة للموقف الأردني، وساعية لتمتين التعاون بين العراق والأردن بعد انقشاع الظروف العصيبة التي يمر بها العراق. وأكد الشبول أن مستوى الصراحة والحوار في لقاءاتنا مع العراقيين كان لامثيل له من حيث توسيع دائرة النقاش ليشمل حتى الملاحظات النقدية القاسية التي وضحها الإعلاميون الأردنيون، وهو ما عكس ارتياحا لدى الوفد العراقي الزائر.

وأكد فيصل الشبول لـ"إيلاف"، أن الدولة الأردنية أكدت بقوة جملة من الحقائق والمواقف المتعلقة بالعراق وأبرزها أن الأردن لم ينظر يوما للعراق أو تعامل معه على قاعدة الطوائف والملل، وأن الأردن تعامل مع الشعب العراقي دون تمييز لأي جهة فيه، وأن الأردن مع وحدة وسيادة العراق. وأوضح الشبول انه نبه الى هاجسين شغلا التفكير الأردني خلال الفترة الماضية، وهي المخاوف حول الوحدة الوطنية في العراق، وضرورة ألا تقع فتن داخلية في العراق (لاقدر الله) – والكلام للشبول- الذي بين أنه في حال وقوع فتنة في العراق فإن الأذى سيلحق بالجميع في المنطقة، ولن يقوى أي طرف على القول، إنه في مأمن من الحريق العراقي.