تلفزيون الحياة لـ quot;إيلافquot;: المشاهد العربي يعاني من إزدواجية الشخصية
عبد المتعال: نحن في إنقسام سياسي.. فهل سيأتي إعلام ليوحدنا؟

سلوى اللوباني من القاهرة: قناة الحياة قناة فضائية مصرية بدأت بثها منذ حوالي سنة، أستطاعت ان تثبت وجودها بين باقي المحطات الفضائية المصرية واطلقت مؤخرا قناة اخرى تحمل اسم الحياة مسلسلات، التقت ايلاف برئيس شبكة تلفزيون الحياة الاستاذ محمد عبد المتعال اعلامي عمل كمخرج في التلفزيون المصري وبعض القنوات الفضائية الخاصة كما عمل مديرا لقناة المحور وايضا شارك في تأسيس سلسلة القنوات المتخصصة المصرية وقناة النيل الدولية.

*لماذا تلفزيون الحياة؟ لماذا الان في ظل كل هذه الفضائيات المصرية والعربية؟ ما هي الاضافة؟

اولا نحن شبكة تلفزيون مصرية ونستهدف الجمهور المصري، المصري أي 80 مليون شخص، ولم يكن هناك سوى 4 أو 5 محطات مصرية عندما بدأنا منذ سنة، ولو نظرت الى بلد مثل لبنان اقل من سكان مصر ولديهم محطات تلفزيونية اكثر لذلك السوق المصري والمستهلك المصري لا يزال لديه استعداد لاستيعاب قنوات تلفزيونية اكثر. ومع احترامي الشديد للقنوات المصرية المتواجدة قبلنا هي معتمدة على برنامج واحد.. مع ان فن التلفزيون ليس كذلك ابدا. فهناك اشكال وانواع للتلفزيون، والجمهور يستحق هذا التنويع. فخرجنا الى الجمهور باشكال جديدة وبمفهوم برامجي مختلف ازعم بانها لم تكن موجودة على المحطات المصرية. مثل تلفزيون الواقع، وبرامج رياضية، العاب ترفيهية، برنامج مع الجمهور كوميدي مثل برنامج احمد ادم.

*استطاعت القناة ان تحتل المركز السادس في صدارة العشر قنوات الاكثر مشاهدة بمصر في مايو 2008 ضمن تقرير اعدته شركة بارك العالمية. هل هذا صحيح؟

شركة بارك تعمل في الخليج اما هنا في مصر هي شركة نيلسون وهذه وكالة ابحاث مشتركة فيها كبريات الشركات الاعلانية في مصر، تقوم هذه الشركة ببحث اسبوعي للاكثر مشاهدة. كانت محطة الحياة في الاسبوع 16 من هذه السنة 2009 رقم 2 بعد روتانا سينما.

*اعلن قبل فترة عن انشاء قناة اخبارية للحياة، هل هذا صحيح؟ وهل يحق لغير التلفزيون المصري ان يبث الاخبار؟

لا لم نعلن عن ذلك، مبدئيا القانون المصري لا يسمح ببث قنوات اخبارية، ثانيا القنوات الاخبارية قنوات مكلفة ولا يستطيع ان يؤسسها افراد، يجب ان تنال دعما من دولها او الحكومة القائمة عليها. التكلفة المادية لقناة اخبارية مثل العربية والجزيرة يحتاج الى معدات واقمار صناعية وبنفس الوقت لا تجلب اعلانات لذلك فهي تحتاج الى تمويل ضخم.

*صدر قبل فترة خبر ان ملكية المحطة ستنتقل الى مستثمر عربي؟

غير صحيح، نحن شركة مساهمة مصرية ورئيس مجلس الادارة د. السيد البدوي.مؤسسة في منطقة الاعلام الحرة هنا في مصر وكل الشركاء مصريين ورأس المال مصري.

*وما المانع اذا انتقلت الى مستثمر عربي؟

لا يوجد مانع ولكن هي قناة مصرية وتخاطب المصريين.

*اي لا تفكر بعد فترة ان تخاطب او تتوجه للجمهور العربي؟

في الابحاث التي تجريها شركة نيسلون لا يوجد في العشر الاوائل محطة عربية يشاهدها المصريون. في لبنان اللبنانيون يشاهدون فقط قنواتهم. لذلك ازعم ان البلاد العربية او الاعلام العربي تقسم الى مناطق ثقافية كل منطقة تشاهد اعلامها وتستهلك اعلامها.. تقوقعت حول اعلامها وثقافتها. منطقة الخليج العربي لديهم قنواتهم، مصر لديها قنواتها، والمغرب العربي كذلك، لبنان والاردن وسوريا مناطق على تماس او على تلاقي. اريد ان اوضح لك سيدتي الاعلام انعكاس للاوضاع السياسية.. نحن في انقسام سياسي.. فهل سيأتي اعلام يوحدنا!! قديما في الستينيات كان هذا التوحيد.. اعلام عربي يخاطب العرب جميعهم.

*ولكن ما تقوله أمر سلبي لان المفروض عندما توجد كل هذه الفضايئات ان يصبح هناك انفتاح على الاخر؛ انفتاح فكري على الاقل!

للاسف الشديد كما قلت لك الاعلام هو انعكاس لاوضاع موجودة، نحن لم نستطع ان نؤسس سوق اقتصادية عربية ولا حتى سياسة عربية موحدة. انظري ماذا حدث وقت غزة كان هناك دول ممانعة ودول محايدة ودول مواجهة سمعنا الكثير... لذلك الاعلام ياتي فيما بعد كما قلت انعكاس للاوضاع السياسية والاقتصادية... الفضائيات لن توحد العرب لذلك اعتبريها وسيلة تقنية هندسية لا اكثر ولا اقل.

*هناك محطات تلفزيونية تعتمد على وجه إعلامي بارز لجذب الجمهور على سبيل المثال الاعلامية منى الشاذلي على دريم.. بينما في تلفزيون الحياة لم يتم الاستعانة أو الاعتماد على وجوه إعلامية بارزة جدا وأيضا برامج المحطة ليست كثيرة ومع ذلك اشتهرت القناة بسرعة ولها جمهورها!

رأيي الشخصي ان منى الشاذلي مذيعة جيدة ولكن قبل برنامج العاشرة مساء فلم يكن احد يشاهدها على محطة ART اي كانت مذيعة جيدة للعاملين بالوسط الاعلامي.. ولكن عندما انتقلت لمحطة دريم كانت نقلة نوعية لها ولمحطة دريم في نفس الوقت. ثانيا هدفنا مثل الشبكات الكبيرة اي ليس عرض لشخص واحد او مذيع واحد... اي نحن نسوق لوجود الحياة ولا نسوق لشخص او مذيع. ولدينا في العالم العربي تجربة رائدة في ذلك وهي MBC تسوق اللوجو الخاص بها مهما كان لديها من مذيعين لذلك هذا كان هدفنا ايضا ان نصمم او نؤسس اللوجو الخاص بنا لوجو الحياة وليس لوجو اكس او زد لفلان مع احترامي التام لكل النجوم والمذيعين.

*ما درجة الحرية التي تتمتع بها محطة الحياة، على سبيل المثال برنامج quot;الحياة اليومquot; برنامج جرئ في تقديمه لهموم ومشاكل الشارع المصري؟

انت في الوسط الاعلامي وتعرفين حقيقة ما ساقوله.. نحن في العالم العربي اذا استمعنا لكل شخص لن نعمل او ننجز. لذلك نحن نعمل ونقوم بما يجب ان نقوم به من عمل ونتأمل النجاح.

*اي لم تواجه اي صعوبات مثل المنع او عدم الخوض في موضوعات محددة؟

لا لم يحدث ذلك.. ويجب ان نعترف اننا في مصر لدينا مناخ من الحرية عال ولن يعود الى الوراء اي لن يقل عن ذلكhellip; واضيف ان البرامج الحوارية التي سبقتنا في مصر ساعدت في خلق مناخ اعلامي حر مثل برنامج القاهرة اليوم و90 دقيقة والعاشرة مساء هذه البرامج هي التي أنشأت حالة الحراك الاعلامي.

*هل ترى أن لهذه البرامج صدى جيدا؟

لي تجارب متواضعة اعلاميا فقد كنت مديرا لقناة المحور كما عملت مع معتز الدمرداش ومي الشربيني وعملت في برنامج الحياة اليوم مع شريف ولبنى.. من تجربتي اقول لك ان هذه البرامج الحوارية حركت المياه الراكدةhellip;هذه البرامج يمكن تشبيهها بالجرائد اليومية.. يمكن ان تخرج كل يوم جريدة جديدة.. الافضلية هي بالمحتوى وهذا هو مقياس النجاح. على سبيل المثال لماذا جريدة مثل المصري اليوم نجحت؟ هناك تركيبة معينة لو تمت يتم النجاح باذن الله الموضوع والمحتوى اضافة الى مناخ العمل نفسه كلها عوامل للنجاح. كما ان هناك فائدة من وراء هذه البرامج الحوارية الجمهور يتابعها لانها تناقش الهم المصري فلم يعد المشاهد المصري يعتمد اعتمادا كليا على القنوات الاخبارية الاخرى التي قد تكون غير محايدة او غير صحيحة في عرض الموضوع فانا شخصيا لا ارى ان هناك اعلام محايد.

*ماذا يحتاج المشاهد المصري ليشاهده على التلفزيون؟

هذا أصعب سؤال، لو اي احد يعلم الاجابة لكانت كل القنوات ناجحة جدا.

*بالامكان اجراء بحث لمعرفة متطلبات المشاهد المصري؟

نعم، كما قلت لك شركة نيلسون تقوم الان ببحث اسمه Establishment survey جميع المحطات مشتركة بهذا البحث، هو للتعرف على متطلبات السوق المصري وارائه.

*من وجهة نظرك الاعلامية لماذا تعتقد بان الناس بدأت تلجأ للتلفزيون لتبحث ايضا عن معلومة دينية؟ وهو الاخطر بنظري.

ولماذا الدين الذي لن يتم الحصول عليه من خلال التلفزيون؟ من وجهة نظري لم تعد القراءة مهمة او لم يعد هناك استعداد للقراءة اضافة الى نسبة الامية فاصبح التلفزيون وسيلة هامة للحصول على كل المعلومات عن الطبيخ، الملابس، والترفيه والسياسة. والدين جزء من منظومة الحياة.

*شاركت مؤخرا في منتدى الاعلام العربي في ندوة quot;الفضائيات المصرية هل تعيد للاعلام المصري مجدهquot;. هل ترى ان الاعلام المصري فقد مجده مصريا او عربيا ولم يعد لديه الامكانيات بالرغم من انه كان بالريادة؟

اولا: متى كان الاعلام المصري رائدا؟ كان ذلك في الستينيات ايام عبد الناصر والعروبة وصوت العرب، وفي منتصف السبعينيات بدأت عملية السلام وقاطعت الدول العربية مصر وتغيرت الظروف السياسية والثقافية والاقتصادية، ولم يعد هناك اعلام يقود الامة العربية فكما قلت لك كل اعلام يقود منطقته. انا ضد ان الاعلام المصري فقد ريادته نحن الان نتكلم في مدينة الانتاج الاعلامي التي يصدر منها كل الاعلام العربي ونشاهد النيل سات وهو قمر مصري وتظهر من خلاله كل القنوات التي يشاهدها العالم العربي. فالوسيلة مصرية فالريادة كما هي وانما تغير شكلها لتغير الظرف المحيط. الريادة الان ليست في المحتوى وانما في الوسيلة وفي الانتاج لان كل مجتمع له خصوصيته وهويته الثقافية، ولكن في النهاية بعد ان يحدد هويته وخصوصيته.. ماذا يستخدم؟ يستخدم قمر صناعي مصري ومدينة انتاج اعلام مصرية.

*كيف ترى الاعلام العربي بشكل عام؟ من فترة قمت باستطلاع من خلال ايلاف عن الاعلام العربي وكانت معظم الاجابات تقول بان قلة المهنية والحرفية جعلتنا نرى العجب العجاب وهناك من قال ان كل اعلام يخدم الجهة التي تموله ولا يضع مصلحة المشاهد في اعتباره!

الذكاء ان نعلم ماذا يريد المشاهد. على سبيل المثال قناة مثل الجزيرة هل هي قناة محايدة؟ ولكنها تقنع مشاهدها بانها محايدة. هناك كتاب جميل لا بد ان تقرأيه اسمه quot;المتلاعبون بالعقولquot; من عالم المعرفة.. يتكلم عن كيفية سيطرة الاعلام على العقول، كيف يقودك الاعلام في طريق انت لا تريده ولكنك تسير به!

*ولكن ما تقوله غير مقبول عن كيفية تلاعب الاعلام بالعقول!

بالطبع، قناة فوكس لروبرت مردوخ كانت القناة الوحيدة التي سمح لها تصوير سقوط بغداد وبثت صور للاطفال العراقيين يستقبلون الجنود الاميركيين بالورود.. اليس هذا تلاعب بالعقول!!

*ولكن لماذا الاعلام العربي لا يقدم للمشاهد العربي ما يساعد على تثقيفه بدل تجهيليه يساعد على توعيته بدل تنويمه؟

الاعلام العربي لديه مشكلة كبيرة جدا انه لا يضع جانب التثقيف في خطته هو اعلام ترفيهي من الطراز الاول. ولكن لماذا؟ لان الاعلام العربي الان في مجمله اعلام خاص، هذا الاعلام الخاص ليس مشروع خيري وللاسف الشديد الاعلام الحكومي لا يقوم بما هو مطلوب منه وهو التنوير والتثقيف وهو الدور المنوط به.

*ولماذا لا يكون للاعلام الخاص دور تنويري وتثقيفي؟

على سبيل المثال هل البرامج والخريطة البرامجية لمحطة بي بي سي بشبكاتها هي نفسها لتلفزيون سكاي؟ سكاي شبكة خاصة وبي بي سي هيئة عامة، فما يقدمه كل تلفزيون من محتوى يختلف عن الاخر. تماما مثل الفرق بين جريدة الاهرام وجريدة المصري اليوم. الاهرام لم يقل توزيعها حين ظهرت المصري اليوم ولم يتوقف الاهرام عن دوره عند ظهور المصري اليوم.

*اذن نعود الى النقطة ذاتها وهي أن المشاهد ليس هو الاهم بالنسبة للقنوات سواء الحكومية او الخاصة؟

المشاهد هو الاهم او رقم واحد، لان المعلن لن يذهب الى قناة لا يشاهدها الناس. وهو الرقم واحد بالنسبة للمحطة من خلال تقديمها ما يريده..نحن نقدم للمشاهد ما يريده. يريد كورة فنقدم له الكورة يريد ترفيه فنقدم له ترفيه!

*وكيف علمت بان المشاهد يريد ما تقدمه له في المحطة؟

من نسب المشاهدة ومن الاعلانات. ستار اكاديمي برنامج جاذب للجمهور جدا وجاذب للاعلانات، كما كان برنامج من سيربح المليون البرنامج رقم واحد في العالم العربي.

*اذن ما هو دور الاعلام الخاص في مصر في تشكيل المشهد الاعلامي؟

دور كبيرر جدا، نسب المشاهدة تقول ان ثلثي المشاهدين المصريين يشاهدون القنوات الفضائية الخاصة وذلك يعني ان الاعلام الخاص مسيطر على المشهد الاعلامي. سواء كانت قنوات اغاني او افلام او ترفيه او منوعات او عامة.

*اذن من هو المسؤول عما يبث في القنوات الخاصة هل هو المشاهد ام المحطة نفسها؟ انت تقول ان المحطة تبث ما يريده المشاهد وذلك واضح من نسب المشاهدة او الابحاث، وبالمقابل المشاهد يشكو دائما مما تبثه المحطات الخاصة!

يحب المشاهد العربي دوما أن يبدو مثثقفا! يشاهد الكورة وبعد ان ينتهي يبدأ بالانتقاد، يدخل السينما لمشاهدة فيلم معين ويخرج ينتقد ويقول ما هذا الاسفاف؟ اذن لماذا دخلت لتشاهد الفيلم؟ اذن هو المسؤول عن ارتفاع ايرادات الفيلم. لاننا كعالم عربي وليس فقط في مصر لدينا ازدواجية بالشخصية. نريد ان نقول باننا مثقفين وجيدين وبنفس الوقت نتعاطى او نتعامل او نشاهد مع ما نعتبره اسفاف!! نحن من نسمح لفيلم لهيفاء وهبي ان يحصل على ايرادات كبيرة. وبعد الخروج من السينما نقول ماهذا الاسفاف الذي قامت به هيفاء؟ الايرادات مقياس لنجاح الفيلم. وايضا يشاهدون برنامج ستار اكاديمي ومن ثم نقول انه يحطم الاخلاق العربية! ولكن في النهاية ما هي النتيجة؟ ان المشاهد شاهد هذه الافلام او البرامج!!