صاحب أعلى عدد من الأصوات في تاريخ البرلمان الكويتي
البراك.. بطولات quot;الصوت العاليquot; أم نائب الأزمات؟!
مشادة سابقة بين البراك وأسيل العوضي حول الصراخ
عامر الحنتولي من الكويت: تأكيده أن صراخه الموسوم به دوما في جلسات البرلمان الكويتي ليس سوى صراخا بقدر الألم من الإرتجال والتخبط الحكومي طيلة السنوات الماضية خلق له أجواء هائلة من التأييد والتعاطف، بيد أن خصومه يرون في صراخه محاولة لفرض آرائه وأجندته وهيمنته، وسرقة للجو من باقي النواب، وليس سوى مساع للظهور المتكرر بمظهر البطل الخارق، لأنه يلجأ عادة الى رفع صوته رغم الحضور الدائم في تصريحاته للميكرفون، إلا أن النائب الكويتي مسلم البراك نفسه يعتبر أن صراخه يزعج الفساد في البلد، ويزعج الذين لا يريدون العمل والإنجاز وتنمية البلد، بينما يرى صوته العالي ndash;بحسب وجهة نظره لزواره ومريديه- صوتا لمن لا صوت لهم وضاقت وتقطعت بهم السبل يأسا من مجيئ إنجازات سياسية وتنموية على يد الوزراء الحاليين الذين اختصم النائب البراك مع معظمهم على أوقات متفاوتة إما في قاعة المجلس عبر سؤال أو هجوم أو استجواب، وإما في ساحات القضاء مدعيا عليه، أو في وسائل الإعلام عبر تصريحات منتقاة تجد طريقها فورا الى النشر كمانشيتات على نحو فوري، إذ يحدث مرارا أن تتطابق مانشيتات الصحف الكويتية لأن الحدث يتعلق بمسلم البراك الإشكالي والمثير للجدل بحسب آراء قيلت بحقه.
من هو البراك؟
النائب البراك الذي استجوب في جلسة مجلس الأمة أمس وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح وخاصره بكثير من المداخلات والأسئلة والإحراجات، وخروجه من الجلسة معتبرا أنه انتصر بالإستجواب على الخالد، لم يكن يعرفه أحد في الشارع السياسي قبل العام 1996 حين وفد الى مجلس الأمة للمرة الأولى، قبل أن يذيع صيته في الشارع الكويتي بسبب قوة شخصيته في البرلمان، وتصديه لشبهات الفساد، ومعرفته الفائقة بالدستور الكويتي وبالقوانين الداخلية لمجلس الأمة الذي غالبا ما شهدت جلساته مداخلات قوية وقانونية عطلت الإندفاع البرلماني من إرتكاب أخطاء دستورية أو لائحية داخلية، وسط إنبهار يكبر داخل وخارج المجلس بالنائب البراك الذي انتقل لاحقا الى مستويات أكثر إثارة في إرهاق الوزراء وإمطارهم بالأسئلة البرلمانية، أو التعديلات التي يثيرها بشأن مشاريع القوانين التي كان غالبا ما يحشد ويحرض المواقف لإسقاطها، أو الوصول الى التلويح بالإستجواب، إذ أن الوزير يظل محظوظا إن لم يشتبك مع البراك، أما إذا كان سيئ الحظ فإنه سينتهي الأمر به الى منصة الإستجواب أو الإقالة كما حصل مع أكثر من وزير خلال وجود مسلم البراك تحت قبة قاعة عبدالله السالم في البرلمان الكويتي.
قبل العام 1996 حاول النائب مسلم البراك دخول مجلس الأمة إلا أنه أخفق في محاولته البرلمانية الأولى عام 1992 حين جرى انتخاب أول برلمان بعد عودة الشرعية الدستورية الى الكويت التي احتلها الرئيس العراقي السابق صدام حسين لأكثر من 7 أشهر، وهو كذلك أول برلمان منذ قرار تعليق الحياة البرلمانية، وتعليق مواد دستورية في صيف العام 1986 على خلفية صدامات متكررة بين الحكومة والبرلمان، وهي سنوات على الأرجح بلورت الفكر السياسي عند النائب مسلم البراك الذي كان يعمل من قبل في جهاز بلدية الكويت قبل يلتفت الإنتباه إليه بقيادته لتجمعات عمالية ونقابية للحصول على الحقوق، قبل أن يشغل مواقع نقابية عربية أعطته قوة التحاور والشخصية، والتسلح بمواد الدستور والقانون فهما وممارسة، وهو أهله لاحقا لتكوين قاعدة شعبية مهمة ضغطت عليه لترشيح نفسه، وهي القاعدة التي لا تزال تدعمه بقوة للبقاء نائبا وممثلا عنها، إذ حصل في الإنتخابات الأخيرة التي جرت الشهر الماضي على أعلى أصوات في تاريخ البرلمانات الكويتية بنحو عشرين ألف صوت، وهو ما اعتبره رفاق له تفويضا أكثر وضوحا للرقابة على عمل الحكومة، ومساءلتها واستجوابها.
نائب أزمات
يتساءل خصوم للبراك علنا عن جدوى صراخه وهجومه المتكرر، وعدم إعجابه بالعجب نفسه في شؤون وقرارات حكومية كثيرة، قبل أن يغمزوا أن النائب البراك لا يستطيع أن يتخلى عن نهجه الهجومي الحاد، ورفضه لأي إنجازات حكومية من أي نوع، لأن البراك ndash; كما يقول خصومه- يدرك تمام الإدراك أن شعبيته ستبلغ الحضيض إذا ما غير نهجه الصدامي الحالي، لأن الناس تؤمن وتهلل له ما دام يثير الأزمات، ويوهم الآخرين أنه يخوض معركة شرسة ضد الفساد ونهب المال العام، وهي المعارك التي يراها خصومه quot;دونكوشوتيةquot; غير موجودة إلا في عقل وقلب النائب البراك الذي ينتقد دائما وبإستمرار تصريحات الوزراء وقراراتهم، إذ لم يظهر إلا نادرا ترحيبه بقرارات حكومية، ومع ذلك فهو يحسب ألف حساب لتأييد الحكومة خشية أن يظهر أمام قاعدته الشعبية بمظهر المتضامن مع حكومية يمطرها بالنقد على مدار الساعة، ويرهبها بالإستجواب والمساءلة كل ساعة، وهو ما عبر عنه ضمنا خلال تحضيره للإنتخابات البرلمانية الأخيرة حين قال لمؤيديه حرفيا: quot;إذا لاحظتم أن صوتي العالي قد خفت تأكدوا أنني قبضت من الحكومة وأصبحت في جيبهاquot;.
وربما من أجل إلقاء البرهان على استمراره مناكفا للحكومة ورافضا لإرتجاليتها ndash; كما يقول دائما- أوفى سريعا بقسمه بإستجواب وزير الداخلية في الأسبوع الأول من عمر الوزارة السادسة التي شكلها الشيخ ناصر المحمد الصباح في اليوم قبل الأخير من الشهر الماضي، إذا ما عاد الشيخ جابر الخالد وزيرا الى الحكومة الجديدة، وهو الإستجواب الذي نوقش أمس وانتهى الى تقديم طلب لطرح الثقة بالوزير.
التعليقات