&
إيلاف- نبيل شرف الدين: في المقابلة الثانية، والأخيرة، يؤكد الملا عمر رفضه تسليم أسامة بن لادن، ويرد على الاتهامات بزراعة المخدرات، ويتناول علاقة الإمارة الأفغانية بباكستان، ثم يتطرق إلى قضية المرأة، وقضية كشمير، ويرد على الاتهامات بالغلو والتطرف، ويطرح تصوراته عن الحل الناجع للحرب الأفغانية، وأخيراً يتوجه للبشرية جمعاء بالنصح والعظة، المسلمين منهم وغير المسلمين، وهذا هو نص المقابلة كما أوردتها مجلة "الإمارة الإسلامية":
مقدمة المقابلة:
هنالك كثير من القضايا التي تثير كثيراً من الأسئلة والشبهات حول حركة طالبان، والإمارة الإسلامية في أفغانستان، وفي مقدمة هذه القضايا -التي كثر فيها التشويش، وزاد التلبيس، ونفخ في بوقها المشككون من الأعداء، وتبعهم فيها بعض الإخوة والأصدقاء- مواضيع المخدرات، وتعليم المرأة وحقوقها، وموضوع الشيخ أسامة بن لادن، وموقف حركة طالبان من كل ذلك
وقد تعمدت مجلة (الإمارة الإسلامية) إثارة هذه المواضيع وغيرها مع أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد، ليبين بوضوح موقف الإمارة الإسلامية من هذه القضايا، ويزيل اللبس، ويبين الحقيقة للجميع، وهو خير من يرد على هذه التساؤلات، ويزيل هذه الشبهات.
وهذا نص المقابلة:
أمير المؤمنين، تقول الأمم المتحدة ودول العالم إن المناطق التي تحت سيطرة الإمارة الإسلامية تنتج المخدرات والمسكرات، فما تعليقكم على ذلك؟
الإمارة الإسلامية تعارض إنتاج المخدرات واستعمالها وتهريبها، وقد اتخذت خطوات في هذا الصدد، منها -على سبيل المثال- القرار رقم (2) الصادر بتاريخ 13/1/1420هـ، والقرار الصادر في 4/5/1420هـ منع زراعة البنج (الحشيش) وتدمير معامله، وقد أعطت هذه الخطوات آثارها، فانخفض الإنتاج العام الماضي بنسبة الثلث. وحسب القرار فقد منعنا الإنتاج منعاً كاملاً، لكن المخدرات مشكلة عالمية، ويحتاج حلها إلى جهود عالمية، ومن ذلك ضرورة تقديم الأمم المتحدة ودول العالم مساعدات للمزارعين وتعويضهم عن خسارتهم المادية الناتجة عن تخليهم عن زراعة المخدرات، ولكن الأمم المتحدة ودول العالم لم تفعل شيئاً.
وفي النهاية قررنا نحن تحمل المسؤولية والتبعات لوحدنا، وقررنا منع زراعة المخدرات
من المسائل التي تُتهم فيها الإمارة الإسلامية موضوع حقوق المرأة، فما موقفكم من هذه القضية؟
لقد بذلت الإمارة الإسلامية جهودا كبيرة في حماية حقوق المرأة الشرعية، وهي جهود لا ينكرها إلا مكابر، ومن ذلك -على سبيل المثال- القرار رقم (104) الصادر بتاريخ 8/5/1419هـ الذي يمنع أن تُوَرَّثَ المرأة من قبل أهل الزوج الميت -كما كان سائداً من قبل- أو أن تُجبر على الزواج من أحدهم، وهي كارهة، وهو قرار لم يسبق له نظير في تاريخ أفغانستان.
أما تعليم المرأة فنحن لا نمنع النساء من التعليم، وإنما نريد أن يكون هذا التعليم مضبوطاً بالضوابط الشرعية، ومُراعَىً فيه ما تجب مراعاته من الستر والاحتشام والآداب الشرعية
تصر الأمم المتحدة على أن تسلم الإمارة الإسلامية الشيخ أسامة بن لادن إلى المحاكمة، وإلا فإنها ستزيد من العقوبات المفروضة على الإمارة الإسلامية، فما تعليقكم على ذلك؟
تهديدات الأمم المتحدة لا يمكن أن تجبرنا على إخراج الشيخ أسامة بن لادن من أفغانستان، أو على التخلي عن منهجنا الإسلامي، فالشيخ أسامة بن لادن مسلم مهاجر إلى أفغانستان، وهو ضيف على الأفغان، وإخراجه أو تسليمه مخالف للإسلام، ولعادات الشعب الأفغاني، وفوق ذلك فإن الإمارة الإسلامية والشعب الأفغاني لو غيروا موقفهم من الشيخ أسامة فستترتب على ذلك مشاكل كثيرة، وسيخسرون الكثير.
والشيخ أسامة بن لادن لا يعمل ضد أحد من أرض الإمارة الإسلامية، وقد طلبنا منه ذلك واطمأننا إلى أنه يلتزم به حتى لا يضر بعلاقات الإمارة الإسلامية مع الدول الأخرى
ولكن الحقيقة أن موضوع الشيخ أسامة بن لادن هو ذريعة تريد من ورائها أمريكا والأمم المتحدة الإضرار بالإمارة الإسلامية، وإلا فهم لم يقدموا أية أدلة، أو إثباتات تؤيد دعاواهم ضد الشيخ أسامة حفظه الله.

يُقال أنكم طلبتم من برويز مشرف (الرئيس الباكستاني) ألا يأتي لأفغانستان، إذا كان الهدف هو التباحث في موضوع الشيخ أسامة بن لادن، فهل هذا صحيح؟
هذا الخبر ليس له أساس، والباكستانيون هم الذين يقولون دائما إن موضوع الشيخ أسامة موضوع يخص أمريكا وأفغانستان. وهم لم يطلبوا منّا تسليم الشيخ أسامة؛ لأن هذا الموضوع يخص الإمارة الإسلامية وأميركا.

لو زادت الأمم المتحدة من العقوبات المفروضة على أفغانستان، فماذا ستكون آثارها؟
عندما دخل الروس أفغانستان ودمروا البلاد، وقضوا على البني التحتية، وأتلفوا الحقول والمزارع، تحمل الشعب الأفغاني كل ذلك بصبر، وهم سوف يصبرون في هذه المرة أيضا -إن شاء الله- وإن كانت مشكلة الجفاف الحالية تزيد من حدة الأزمة. وكان من المفترض أن تقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى الشعب الأفغاني المنكوب بالجفاف والحروب، بدل أن تفرض عليه العقوبات الاقتصادية
وأنا أظن أن الأمم المتحدة سوف تزيد من عقوباتها غير الشرعية ضد الشعب الأفغاني، وهذا لا شك أنه ستنجم عنه مشاكل ومضاعفات سلبية كثيرة
وعلى كل حال فنحن لا نشكو هذه المشاكل للمخلوقين؛ لأنا نعرف أنها اختبار من الله تعالى، وبرحمته سوف تنتهي كلها يوما ما

ما رأيكم في حل القضية الأفغانية؟
نحن نعتقد أن المعارضة سوف تُهزم انهزاما تاما، وأنا لا أقول هذا الكلام من فراغ، فمصداقيتنا جعلتنا نسيطر على 95% من البلاد، واستطعنا أن نقيم فيها الشريعة الإسلامية، وأن نوفر الأمن والاستقرار، فأنا أؤكد أن الإمارة الإسلامية ستنتصر -إن شاء الله- ونتمنى أن يتحقق ذلك دون قتال، ومن المبشرات في هذا الصدد أن كثيرا من قادة المعارضة ينضمون باستمرار إلى الإمارة الإسلامية، ونتمنى أن يفعل الباقون مثل ذلك.

في الآونة الأخيرة حدثت بعض التفجيرات في مدينة كابل، ألا يمثل ذلك مشكلة أمنية؟
أحداث مثل هذه تحدث كل وقت في أكثر البلاد تطوراً من الناحية الأمنية، ونحن على يقين من استقرار الوضع الأمني في أفغانستان، ولكن الأعداء يتآمرون لإثارة مثل هذه المشاكل، ويضخمون ما يحدث من هذه الأشياء غير أن المواطنين يدركون الحقيقة جيدا، ولا تؤثر عليهم مثل هذه التصرفات.
ومع ذلك، فقد وجهنا الجهات الأمنية لاتخاذ ما يلزم للحيلولة دون تكرار مثل هذه الأحداث
وقد اعتُقِلَ بعض المتهمين واعترفوا بجرائمهم، وعندما ينتهي التحقيق معهم سوف يقدمون للمحاكمة لينالوا جزاءهم الرادع؛ حتى لا يتجرأ غيرهم على ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل.

بعض الناس يقولون إنه يوجد في إدارة الطالبان بعض المرتشين، فهل هذا صحيح؟
هذا كلام ليس له أساس من الصحة، وإلى الآن لم يأت أي أحد بما يُثبت ذلك
ونحن قد قلنا من قبل -ولا زلنا نقول- إنه إن استطاع أي أحد إثبات الرشوة على أحد إثباتا شرعيا، فنحن سوف نمنع ذلك، ونقدم المتهم للقضاء الشرعي لينال عقوبته المناسبة
وكذلك لو قام أي أحد بخيانة، أو استفادة غير مشروعة، وثبت عليه ذلك فإننا نعزله ونعاقبه

مسألة كشمير لا زالت عالقة منذ خمسين سنة دون حل، فكيف ترون حلها؟
لقد قلنا من قبل إنه لا بد من رفع الظلم عن المسلمين، ونحن نريد أن تُحل هذه القضية حلاً يكفل حقوق المسلمين في كشمير
وهنالك قرارات صادرة عن الأمم المتحدة تكفل لأهل كشمير حق تقرير مصيرهم، وهذا الأمر لو أُخذ به لكان فيه حل للمشكلة، فالمسلمون في كشمير من حقهم أن يكونوا أحراراً، ولا بد أن يُعطى لهم هذا الحق، وفي ذلك مصلحة لكل من باكستان والهند.

بعض الناس يتهم الإمارة الإسلامية بالغلو والتطرف، فما رأيكم في هذا؟
الناس في العالم يتهموننا بذلك، ولكنه اتهام ليس عليه أي دليل منطقي، لما كان الإسلام دينا ونظاما عالميا، فهؤلاء لا يطلبون علنا من الطالبان التخلي عن الإسلام؛ لأن ذلك تدَخُّل ظاهر في الشؤون الداخلية، لكنهم يطلبون من طالبان التخلي عن الإسلام من خلال مطالبتهم لها بترك ما يصفونه بالغلو والتطرف
إن الإسلام يرفض الغلو، وإذا استطاع أحد أن يثبت أن لدينا غلوا فليثبت ذلك بالأدلة الشرعية، فالدعاوى لا تثبت بمجرد الكلام، بل تثبت بالأدلة الشرعية والحجج
إن مما يؤسف له اليوم كثرة التأول الفاسد في الدين الذي أصبح رأس مال كثير من الناس، الذين يطلبون الأحكام الشرعية التي توافق هواهم، ويردونها إذا خالفته، ويحتالون عليها بأضعف الأقوال والحجج

في الختام.. هل من كلمة توجهونها إلى البشرية اليوم ؟
أرجو من المسلمين في العالم أن يرجعوا لدينهم، ويلتزموا بأحكامه كما يجب
أما غير المسلمين فإني أدعوهم إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، ذلك اليوم الذي يندم فيه الكفار حين لا ينفع الندم، وما أدعوهم إليه من الإيمان موجود في القرآن الكريم، الكتاب السماوي الذي هو كلام الله العزيز، كما هو معروف.
وإن قالوا إنهم لا يعترفون بالله، فكيف يعترفون بالقرآن؟. فإننا نقول إن الله عز وجل أقام على وجوده من الآيات والأدلة ما لا يُنكر وجوده معه إلا مكابر
ألا يكفي أن الله عز وجل منذ خلق آدم إلى آخر رجل لم يجعل اثنين من البشر بنفس الشكل والمواصفات والخصائص في الوجه الذي لا يتعدى طوله شبرا واحدا ؟
إن عدم الاعتراف بهذا الخالق موجب لا شك للخلود في عذاب يوم القيامة
وأنا أدعو أن يجعلني الله شاهدا على العالم في إيصال الرسالة إليهم، وإقامة الحجج عليهم.