باريس - يعتبر الخبراء ان الذعر الذي اجتاح الولايات المتحدة بعد اكتشاف حالتين من مرض الانتراكس او الجمرة الخبيثة في فلوريدا يؤكد ان اخطر جوانب الحرب الجرثومية هو هذا الذعر نفسه وليس الاثر الفتاك للجراثيم.
&والارهاب الجرثومي يتطلب بالواقع امكانات كبرى خلافا للاسلحة الكيميائية لتحقيق نتائج مهمة.
&وقال الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس باثيليمي كورمون ان "هذا الهاجس ينطوي على المنطق المنحرف نفسه الذي يحرك اي نشاط ارهابي. والى جانب عدد الضحايا، فانه يعمل على زعزعة استقرار المجتمعات من خلال بث الذعر والهلع لدى السكان".
&ويرى هذا الاخصائي الفرنسي في مجال اسلحة الدمار الشامل ان "اي سلاح جرثومي باستثناء الاسلحة الكيميائية لم يظهر امكاناته على هذا النطاق الواسع".
&ويقول خبير اخر ان التهديد لا يزال قائما "ان خوفنا قد يتسبب باطلاق الدعوة داخل الشبكات الارهابية".
&وقال اوليفيه لبيك مؤلف كتب حول الاسلحة الكيميائية والجرثومية ان هذا التهديد يؤخذ على محمل الجد منذ الاعتداء بغاز السارين الذي قامت به طائفة "اووم" عام 1995 واوقع 12 قتيلا في محطة انفاق في طوكيو.
&لقد كان هذا الاعتداء كيميائيا لكن لبيك يقول ان هذه الطائفة ارتكبت قبل اسبوعين محاولتي اعتداء جرثومي في شوارع العاصمة اليابانية. وكشف التحقيق ان الارهابيين بثوا سموما وفيروس الحمى الجمرية.
&واعتبر لبيك ان "التهديد اخذ على محمل الجد لدى الحكومات الغربية منذ ذلك الحين. لكن التحضير لاعتداء واسع النطاق وتنفيذه يتطلب ان يكون بين صفوف الارهابيين علماء مهمون جدا ووسائل مالية كبرى".
&ورأى هذا الخبير الذي يعمل مع اخصائيين في هيئة الصحة التابعة للجيوش الفرنسية: وحدها دولة تملك رغبة سياسية ووسائل فنية مهمة لا يمكن تجاهلها قد تحاول القيام بمثل هذا العمل.
&واعتبرت الحكومة البريطانية بالتالي ان الاسلامي اسامة بن لادن وشبكته القاعدة "لا يملكون القدرة على شن هجوم جرثومي".
&وفي الدول الغربية هناك خطط قائمة اساسا منذ عدة اعوام لمواجهة تهديد الارهاب البيولوجي والاجراءات التي اعلنت في بعض الدول ليست سوى تعزيز لهذه الخطط على حد قول الخبراء. ولمواجهة هذه المخاطر قامت الحكومات بتخزين ملايين جرعات اللقاحات والمضادات الحيوية.
&وقال لبيك وحدها الاعتداءات المحدودة التي يمكن ان تودي بحياة بعض الاشخاص تبقى محتملة.
&واوضح ان هذه المواد التى تقع على الحد بين المواد الكيميائية والجرثومية التوكسين البخصي والخروع هي الاكثر سهولة لكي تركب. لكن لاستخدامها على نطاق واسع يجب التمكن من جعلها رذيذات وهو ما يتطلب امكانات هائلة.
&وهي في عداد ثلاثة انواع من المواد القابلة لان "تستخدم عسكريا". والمادتان الباقيتان هما الجراثيم مثل جرثومة الحمى الجمرية والفيروسات مثل فيروس الجدري الذي يصعب جدا الحصول عليه لانه يخزن فقط في مختبرين خاضعين لرقابة مشددة في اتلانتا بالولايات المتحدة ونوفوسيبرسك في روسيا.
&اما حول هاجس تلويث المياه بالسموم في مدينة كبرى قال لبيك مثله مثل خبراء اخرين انه يجب الحصول على كمية كبيرة من العوامل الكيميائية للتمكن من القيام بذلك. فالعناصر الجرثومية لا تصمد امام تطهير المياه بالكلور ومختلف وسائل التنقية ومراقبة نوعية المياه.
&وعلى الصعيد السياسي فان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واستراليا شكلت مجموعات مراقبة بعد العثور على برامج كيميائية وجرثومية عراقية قبل حوالى عشر سنوات. وفي هذا المجال كما في كل حملة مكافحة الارهاب فان احدى اهم اسلحة الدول تبقى بالفعل جمع المعلومات كما يؤكد الخبراء.
(ا ف ب)