نيقوسيا- تتزايد انتقادات القبارصة الاتراك حيال النفوذ المنقطع النظير الذي تمارسه تركيا على "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى انقرة . ولم يعد العلم القبرصي التركي ذي الالوان البيضاء والحمراء المرسوم على سفح الجبل المواجه لنيقوسيا المقسمة بين شطرين جنوبي وشمالي، سوى مجرد رمز في حين تسيطر تركيا على "جمهورية شمال قبرص التركية" التي تمتد على مساحة اكثر من ثلث الجزيرة.
وقبرص مقسمة الى شطرين منذ اجتياح القوات التركية شمال الجزيرة عام 1974 ردا على انقلاب نفذه قوميون قبارصة يونانيون لضم الجزيرة الى اليونان.
وسيلتقي الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش غدا الثلاثاء في نيقوسيا رئيس جمهورية قبرص المعترف بها دوليا غلافكوس كليريديس لمحاولة اعادة اطلاق المفاوضات بين الطرفين.
وقال احد زعماء المعارضة القبرصية التركية محمد علي تلات رئيس الحزب الجمهوري التركي (يسار) ان "الحكومة (القبرصية التركية) لا تمارس اي سلطة بل انها خاضعة لتركيا".
واضاف "القبارصة الاتراك يشعرون بخيبة امل في ما يتعلق بالاقتصاد والحكم الذاتي".
وانفجرت موجة الاستياء هذه في تموز/يوليو 2000 عندما تظاهر اكثر من عشرة الاف شخص في القطاع الشمالي من نيقوسيا ضد سياسة دنكطاش وتاثير تركيا الكبير على المسائل الداخلية.
وقال سينير ليفنت رئيس تحرير صحيفة "اوروبا" المعارضة التي تشكل احد ابرز منابر المعارضة لسياسة دنكطاش "الناس يعرفون ان ابسط القرارات تتخذها تركيا".
وكان اعتقال ليفنت وثلاثة صحافيين اخرين بتهمة "التجسس" اثار تظاهرات.
وقال "بات القبارصة الاتراك ينظرون الى تركيا باعتبارها قوة احتلال". وتنشر انقرة 35 الف جندي في "جمهورية شمال قبرص التركية" المعلنة من جانب واحد عام 1983.
كذلك، الخطوط الهاتفية في القطاع الشمالي تركية والبريد يمر عبر تركيا والاف الرعايا الاتراك يقيمون في هذا القطاع من الجزيرة كما تدعم انقرة اقتصاديا "الجمهورية" الخاضعة للحظر.
وتزايد تدهور الوضع الاقتصادي المتردي للقطاع الشمالي منذ الازمات المالية التي ضربت تركيا عامي 2000 و2001. وقال رئيس جمعية رجال الاعمال القبارصة الاتراك صالح جليكر "هنالك نقص في السيولة وتراجع شديد في الانتاجية وفي جميع الاحوال فان الانتاج يصرف بصعوبة كبيرة بسبب الحظر".
وعام 2000، قدر العائد السنوي لكل فرد ب5263 دولارا وبلغ حجم التضخم 2،53 في المئة والنمو الاقتصادي 8،0 في المئة. ويضاف الى ذلك ازمة هجرة كثيفة للادمغة بحسب جليكر.
وتدفع المشكلات الاقتصادية القبارصة الاتراك اكثر فاكثر الى العمل في القسم الجنوبي من الجزيرة ويعبر بضعة الاف منهم صباح كل يوم الخط الاخضر الفاصل بين شطري الجزيرة الذي تسيطر عليه قوات الامم المتحدة ويعودون مساء الى ديارهم.
والى جانب الركود الاقتصادي، تثير الممارسات المناهضة للديموقراطية التي تفرضها انقرة وان من وراء الكواليس امتعاض القبارصة الاتراك، حسب ما يقول تلات.
واحدى هذه الممارسات تتمثل بمشروع قانون يلحظ انزال عقوبات بالسجن وغرامات على القبارصة الاتراك الذين يحملون جواز سفر من جمهورية قبرص ويقدر عددهم بسبعة الاف شخص. ويحق للقبارصة الاتراك المولودين قبل 1974 الحصول على جواز سفر من جمهورية قبرص بعد ابراز وثيقة الولادة.
ويقول ليفنت "دنكطاش وانصاره يعتبرون هؤلاء الاشخاص خونة ومشروع القانون هذا مؤشر على ان الضغوط التركية على قبرص الشمالية ستتزايد".
التعليقات