إيلاف : نبيل شرف الدين
قالت وكالة الانباء السورية الرسمية ان الرئيس الاميركي جورج بوش اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الاسد بعد سلسلة من الزيارات التي قام بها اعضاء في الكونجرس الاميركي ومسؤولون سابقون لسوريا.
وقال متحدث باسم البيت الابيض يرافق الرئيس الاميركي في ايلينوي ان بوش بحث مع الاسد الجهود الاميركية في مجال مكافحة الارهاب .
ونسبت صحيفة النهار اليومية التي تصدر في بيروت الى ادوارد جيرجيان وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الاميركي قوله ان سوريا والولايات المتحدة تتعاونان في الحرب ضد الارهاب رغم ما بينهما من خلافات وادلى جيرجيان بهذه التصريحات عقب لقائه مع الاسد يوم الاحد الماضي .
واجتمع الرئيس السوري يوم الاثنين مع نائب جورجيا الجمهوري ساكسبي تشامبليس رئيس اللجنة الفرعية الخاصة بالارهاب والامن الداخلي في مجلس النواب الاميركي ، ويراس تشامبليس وفدا من مجلس النواب في جولة اقليمية لبحث الحملة الاميركية ضد الارهاب.
ونسبت وكالة الانباء السورية الى الرئيس الاسد قوله "من الطبيعي ان ينضم كل من يريد مكافحة الارهاب الى النهج الذي اتبعته سوريا"
وفي اشارة الى مرتفعات الجولان التي احتلتها اسرائيل عام 1967 قال الرئيس الاسد "نحن ندافع عن قضية عادلة ، وسوريا التي كانت في الماضي تريد السلام تريده الان ايضا وليست لها شروط لتحقيق السلام العادل والشامل سوى الشروط التي اقرها المجتمع الدولي."
وكانت الولايات المتحدة قد تولت رعاية المفاوضات بين اسرائيل وسوريا ولكنها تعثرت في عام 1999 وفشلت في حل قضية الجولان.
وتتهم واشنطن سوريا برعاية الارهاب ولكن الدولتين ابقتا على قنواتهما الدبلوماسية مفتوحة.
وتعرضت سوريا لضغوط دولية بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول كي تنضم الى سياسة واشنطن المناهضة للارهاب ، ودعا ريتشارد جيفارت زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب الاميركي والذي يزور بيروت حاليا لبنان لتسليم المتشددين المشتبه في علاقتهم بحزب الله .
سجناء الرأي
على صعيد متصل فقد أعلن عدد من المحامين السوريين عن تأسيس جماعة للدفاع عن الحقوق المدنية وحرية الرأي.
وقالت المجموعة في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه ورد به أن : "اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي ستعمل من اجل اعلاء كلمة القانون وجعله فيصلا في علاقات السلطة بالمواطن وستركز جهودها على ضمان محاكمات قانونية عادلة للمواطنين الذين يتم توقيفهم لاسباب تتعلق بمواقفهم ومعتقداتهم السياسية وستسهر على صيانة حقوقهم دون ان تتبنى بالضرورة اراءهم او تشاركهم مواقفهم وقناعاتهم."
وجاء الاعلان عن تأسيس هذه اللجنة بعد ان انهى الرئيس السوري بشار الاسد فترة قصيرة من السماح بالانتقادات لنظامه وبدأ في اعتقال شخصيات معارضة مع نهاية العام الماضي.
وبعض اولئك الذين القي القبض عليهم مثل عضوي البرلمان رياض سيف ومأمون الحمصي منحا محاكمة علنية. وارسل الاخرون الى محاكمات سرية.
وقالت اللجنة انها ستعقد مؤتمرا تأسيسيا خلال ثلاثة اشهر في دمشق لصوغ ميثاقها. ومعظم الاعضاء المؤسسين مثل تيماء الجيوش وجوزيف اللحام من المحامين الشبان .
هاجس الهاشميين
وفي إطار التفاعلات الجارية منذ تولي بشار الأسد الحكم ، يرى المراقبون أن النخبة السورية الحاكمة تعيش الآن هاجسا مقلقا للغاية ، يمكن أن نعبر عنه بالعودة التاريخية المحتملة للنفوذ الهاشمي الى منطقة الهلال الخصيب وقصة هذا الهاجس بدأت مع بداية الحديث الجدي الاميركي عن ضرورة تغيير النظام في العراق عبر عملية عسكرية جراحية وشيكة ، كجزء من عملية جيو- استراتيجية اوسع لاعادة تغيير كل خرائط الشرق الاوسط .
فقد استمعت دمشق بعناية الى ما قاله مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية المتقدمة ( له مركزان في واشنطن والقدس ) عن اقامة " امم " جديدة على أسس قبلية وعشائرية وعائلية في العراق وباقي منطقة الهلال الخصيب، كما انصتوا ايضا الى تلك الاصوات الاكاديمية والاعلامية الاميركية والاسرائيلية التي تدعو الى تسليم الهاشميين الاردنيين المقاليد ليقوموا بنسج تحالفات قبلية عابرة للدول الراهنة في الشرق الاوسط ، بدعم من تركيا واسرائيل والولايات المتحدة، لا بل استمعت دمشق بهلع اكبر الى الاحاديث عن رهان اسرائيلي على دور مركزي للهاشميين الاردنيين في استقطاب شيعة جنوب لبنان وابعادهم عن محور دمشق طهران.
كل هذه المخاوف ـ وهي بالمناسبة مخاوف لها أساس ـ مضافا اليها الضغوط الاميركية القوية لاغلاق الملف العسكري لحزب الله في لبنان وملفات حركات المعارضة الفلسطينية في دشمق ، تدفع عاصمة الامويين الان الى " الوقوف على رؤوس اصابعها " ـ كما يقول الانكليز ـ حذرا وتحسبا.
هناك حاليا حديث عن صفقة محنملة ما بين واشنطن ودمشق ، تعطى بموجبها الثانية حصة في عراق ما بعد صدام وفي لبنان ما بعد حزب الله ، في مقابل انخراط سوريا الكامل في الحرب ضد كل من الارهاب وصدام .
واهمية حديث الصفقة هذا هو انه ياتي على خلفية الاحاديث الامبراطورية الهاشمية التي تثير القشعريرة في أبدان السوريين .ولذا واذا ما خيّر هؤلاء قريبا بين صفقة ذات شروط صعبة مع الاميركيين ، وبين امبراطورية القبائل والعشائر الهاشمية العابرة لحدود الهلال الخصيب ، فقد لا يترددون كثيرا في الانحياز الى الخيار الاول .