لندن ـ&نفس الاجواء وفي ارادة ضاغطة على الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني فان القضية يمكن حسمها على ارض محايدة، والأمر يتعلق بقياديين فلسطينين مطلوبين للسلطات الاسرائيلية بجرائم ارهابية، لكن قيادة ياسر عرفات ترفض الاتهامات.
فأحمد سعدات الأمين العام الجديد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين متهم لحكومة شارون بانه وراء ترتيب اغتيال وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي في تشرين الاول (اكتوبر) من العام الماضي.

والثاني العقيد فؤاد الشوبكي وهو المدير المالي لحركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهو مطلوب لاسرائيل لتورطه بشحنة الاسلحة الايرانية التي ضبطتها البحرية الاسرائيلية في يناير الماضي في مياه البحر الاحمر.
والرجلان كانا من ضمن آخرين في مقر الرئيس الفلسطيني طوال فترة اعتقاله في مقره في رام الله منذ 29 مارس الفائت.
وهما نقلا ليل الجمعة& ـ السبت الماضي الى سجن في اريحا كانت اقامته السلطات الانتدابية البريطانية قبل سبعين عاما في فلسطين تحت حراسة من ضباط بريطانيين ضمن اتفاق مع واشنطن. ومن جملة هؤلاء منفذي اغتيال زئيفي التي صدرت بحقهم احكام بالسجن من محكمة عسكرية فلسطينية لم تعترف بها اسرائيل.
واما مطالب حثيثة من الاتحاد الاوروبي ومن الكرسي البابوي في روما ودول عربية صديقة كالسعودية والاردن ومصر فان عرفات رضخ لمطالب تسليم هؤلاء الى سجانيهم البريطانيين.
اما قضية سعدات والشوبكي فمسألة اخرى بالنسبة لعرفات واسرائيل التي تطالب بهم للمثول اما محكمة عسكرية، والاثنان على ما يبدو كانا السبب الرئيس الذي قاد الى الحرب الأخيرة في المناطق الفلسطينية.
فعرفات كان يرفض تسليمهما تحت ضغوط من الشريك المهم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو الجبهة الشعبية التي اسسها الدكتور جورج حبش في الستينيات، وهي لها ثأر عند اسرائيل بعد اغتيال ابو علي مصطفى في اغسطس (آب) من العام الماضي.
كما ان الرئيس الفلسطيني سيشعر بحرج كبير اذا ما تم تسليم فؤاد الشوبكي مسؤوله المالي الى السلطات الاسرائيلية لمحاكته فهو كان الرجل الاقرب اليه وهو مساعده المالي وتصريف الشؤون والانفاق، حيث اية معلومات يفيد بها شتكشف الكثير مما يجعل عرفات ضعيف الموقف سياسيا واستراتيجيا.
دولتان مرشحتان لاستضافة محاكمة سعدات والشوبكي، اما ان تكون هولندا او ايطاليا التي سعت اكثر من غيرها في الاوان الأخير الى علاقات متهاودة مع الرئيس الفلسطيني من بعد ضغوط من الكرسي البابوي الذي انزعج من الحصار الاسرائيلي لكنيسة المهد حيث مولد السيد المسيح.
وايطاليا في ذات الوقت حسب ما هو معروف الى الآن ستكون المنفى الاجباري لثمانية من قادة الميليشيات الفلسطينية التي حوصرت في كنيسة المهد، بينما حوالي 40 فلسطيني منتم الى تنظيمات عديدة سيقطرون تحت حراسة بريطانية وايطالية ايضا الى غزة وهناك سيواجهون محكمة اسرائيلية بحضور فلسطيني محدود.
وفي مجمل المحاكمات التي ستجري لفلسطينيي المنفي فان دور سلطة ياسر عرفات سيكون محدودا، وهو بهذا سيخسر الكثير من شعبيته امام الجمهور الفلسطيني الذي لا يزال الى حد كبير يهتف بحياته قائدا ملهما قل نظيره في العصر الحالي.
والى ذلك، فانه بالمقابل فان رئيس الوزراء الاسرائيلي سيفرض عليه حصار آخر اقسى من الذي سبق حين يفتح ملف الـ 103 صفحات عن تورطه في الارهاب.
والملف الذي اعد بعناية واستنادا الى اعترافات قادة فلسطينيين مسجونين حاليا منهم مروان البرغوثي سيدعم وجهة نظر واشنطن غير الراغبة بالتفاوض مع عرفات كونه غير اهل للثقة ولا يمثل طموحات شعبه الذي يناضل من اجل اقامة دولة مستقلة.