براتيشا دي ماري (ايطاليا)- اعتبر الرئيس الاميركي جورج بوش لدى افتتاح القمة بين روسيا والحلف الاطلسي اليوم ان هذه القمة اعطت "نتيجة تاريخية"، ومن جهته اعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك&ان الاتفاق الذي ينشىء مجلسا جديدا مشتركا بين الحلف وروسيا يجب ان يوضع موضع التنفيذ "بعزم وثقة".
وقال شيراك "ارغب في ان توضع الاليات التي اقمناها اليوم موضع التنفيذ بعزيمة وبثقة لانه لا يكفي تبني نصوص بل يجب قبل كل شىء ان نعطيها حياة" وذلك في كلمته امام قادة الدول الـ18 الاخرين الاعضاء في الحلف الاطلسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين المجتمعين في قاعدة جوية جنوب روما.
وقال بوش في مداخلة قصيرة امام القمة التي ضمت عشرين دولة وانعقدت في قاعدة براتيشا دي ماري قرب روما "ان هذا اليوم يسجل التوصل الى نتيجة تاريخية لتحالف كبير وامة اوروبية كبيرة".
وتابع الرئيس الاميركي "لقد اصبح عدوان سابقان اليوم شريكين متجاوزين خمسين عاما من الانقسامات وعقدا من الشكوك، وهذه الشراكة تقودنا نحو هدف اكثر طموحا: قيام اوروبا موحدة بشكل كامل وحرة وتعيش بسلام".
ومن المقرر ان يوقع الرؤساء العشرون لاحقا اتفاقا يجعل روسيا شريكا وثيقا في قرارات وعمليات الحلف في العديد من المجالات الكبرى مثل مكافحة الارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل وادارة الازمات.
وقال شيراك في كلمة قصيرة محددة بثلاث دقائق "يجب اقامة عادات عمل. وان تتشبع الاذهان بهذه التغييرات في المجالات الدبلوماسية والعسكرية ايضا".
&
&
تسلسل زمني:
العلاقات المتقلبة بين الحلف الاطلسي وروسيا منذ 1991
اتسمت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الاطلسي التي ستشهد اليوم منعطفا حاسما عبر اقامة مجلس مشترك، بالتقلب منذ حل حلف وارسو في 1991.&فبين 1991 و1994 التي كانت فترة "شهر عسل" بين روسيا الليبرالية الجديدة والغرب، لم يكن الحلف الاطلسي في مقدمة اهتمامات فريق بوريس يلتسين.
لكن روسيا وقعت في 1994 وبدون ان تكون على قناعة تامة، الشراكة من اجل السلام التي اقترحها الحلف على الدول التي كانت اعضاء في حلف وارسو. وخلافا لعدد كبير من حلفائها السابقين، قاطعت موسكو هذا الاتفاق الذي بقي حبرا على ورق ثلاثة اعوام.
وبدأ التوتر يزداد حدة في تلك السنة عندما اعلن الحلف عزمه على قبول انضمام دول جديدة من اوروبا الشرقية.&ولتهدئة موسكو، اجرى الامين العام للحلف انذاك خافيير سولانا مفاوضات مع روسيا حول "وثيقة تأسيسية" للعلاقات بين الجانبين تم توقيعها في ايار(مايو) 1997 في باريس وترسي نظريا اسس العلاقات المميزة بين الكرملين والحلف. وسمحت هذه الوثيقة التي تتضمن آلية للتشاور الدائم، لبوريس يلتسين بحفظ ماء الوجه.
وكان الرئيس الروسي يصف توسيع الحلف ليشمل بولندا والمجر والجمهورية التشيكية بانه "خطأ تاريخي"، لكنه يستطيع ان يقول للرأي العام الروسي المعادي جدا للحلف انه يملك "حق النظر" في نشاطات هذه الهيئة العسكرية التي تضم 19 بلدا.
لكن "الوثيقة التأسيسية" اسفرت مع ذلك عن بعض النتائج العملية مثل مشاركة وحدات روسية في مناورات "الشراة من اجل السلام" في 1998.&ويشارك الروس ايضا في عمليات حفظ السلام في البوسنة والهرسك في اطار قوة احلال الاستقرار التابعة للحلف بوحدة قوامها 1350 رجلا مزودين بعربات مدرعة.
ولكن في 26 آذار(مارس) 1999 اي بعد يومين من بدء عمليات قصف يوغوسلافيا، طلبت روسيا من ممثل الحلف مغادرة موسكو وجمدت كل برامج التعاون العسكري.
وبعد عام، استأنف الحلف وروسيا علاقاتهما الثنائية وعاد مجلسهما المشترك الدائم الى ممارسة نشاطاته. لكن وسائل الاعلام والمسؤولين الروس اكدوا باستمرار ان دور هذه الهيئة رمزي محض.
في 15 كانون الاول(ديسمبر) 2000، قرر الحلف وروسيا ان يعود ممثل الهيئة العسكرية الى موسكو في مؤشر على تحسن العلاقات. لكن ذلك لم يمنع ان يثير استياء روسيا، اعلان الجمهوريات السوفياتية السابقة الثلاث في البلطيق عزمها الانضمام الى الحلف.
وتغير كل شئ فعليا بعد الاعتداءات التي استهدفت الولايات المتحدة في 11 ايلولظ(سبتمبر). فقد تبنى الرئيس فلاديمير بوتين موقفا مؤيدا للغرب بدون التباس بينما عبرت واشنطن عن امتنانها لهذه المبادرة.
اما الحلف الذي كان شبه غائب عند بدء حملة مكافحة الارهاب في افغانستان، فقد كان يواجه على ما يبدو بعض المشاكل المتعلقة بتحديد المواقع في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
واخيرا قررت الدول الـ19 الاعضاء في الحلف وروسيا في كانون الاول(ديسمبر) من العام الماضي، بدء مفاوضات لاقامة مجلس جديد يجمع بين الجانبين.&وقد اقر وزراء خارجية دول الحلف وروسيا في 14 ايار(مايو) الجاري في ريكيافيك قرار المجلس الذي يرمز للتقارب بينهما بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول(سبتمبر)، قبل ان تقره القمة الروسية الاميركية اليوم في روما.
وفي الوقت نفسه، شهدت العلاقات بين روسيا والغرب تحسنا كبيرا مع توقيع الرئيسين الاميركي جورج بوش والروسي في 24 ايار(مايو) في موسكو اتفاقا للحد من الاسلحة النووية يقضي بخفض ترسانة كل منهما بمعدل الثلث.