رام الله -هشام عبد الله: يكشف الخلاف الجاري بين السلطة الفلسطينية وجهاز الامن الوقائي حول قرار تعيين قائد جديد للجهاز عن هشاشة النظام السياسي الفلسطيني الذي ما زالت تحكمه، وفق ما يرى مراقبون، علاقات شخصية اكثر من اعتماده على عملية صنع قرار مؤسساتية.
ورفض ضباط الجهاز قرارا بتعيين العميد زهير المناصرة بدلا من رئيسه السابق العقيد جبريل الرجوب متذرعين بانه يتوجب اختيار المسؤول الجديد من صفوفهم وتكريم رئيسهم السابق بمنحه منصبا اعلى.&وبدلا من الانصياع للقرار التقت مجموعة من هؤلاء الضباط الرئيس ياسر عرفات ودعته الى تلبية مطالبهم.
وقال العقيد حسن عبد الله اشتيوي احد الضباط الذين التقوا عرفات لوكالة فرانس برس "لقد اقترحنا على الرئيس ان تقوم قيادة الجهاز بالاستمرار في ادارة شؤون العمل واستطيع القول ان الرئيس وافق على اقتراحنا".&والقيادة التي يتحدث عنها اشتيوي هي مجموعة من 11 ضابطا كانت تدير الجهاز بقيادة الرجوب.
واكد اشتيوي ان الضباط لن يتراجعوا عن رفضهم عدم التعامل مع المناصرة وان باستطاعتهم ادارة شؤون الامن الوقائي (نحو اربعة الاف عنصر) من خلال القيادة الجماعية حتى تعيين احدهم قائدا جديدا.&ويرفض ضباط الامن الوقائي اعتبار خطوتهم "تمردا او عصيانا" في حين ان القضية تحمل امثلة على "لعبة شد الحبال" ولا تخرج عن سياق النظام السياسي الفلسطيني التقليدي.
كما تظاهر حوالى 500 من عناصر الامن الوقائي الاربعة آلاف اليوم الاحد في الخليل دعما للعقيد الرجوب غداة تظاهرة اخرى ضمت المئات في رام الله.&ويقول علي الجرباوي استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت "هذا هو النظام السياسي الفلسطيني: شبكة علاقات ما بين اشخاص مركبة على اساس المشاركة في القوة".
&ولم يخف الرجوب ولا رجاله هذا المبدأ في التعامل السياسي ورددوا منذ الاسبوع الماضي اثر اتخاذ قرار عرفات تنحية الرجوب ان "جهاز الامن الوقائي ولد من رحم الثورة والنضال ونحن شركاء وحماة لمسيرة النضال الوطني".
وقال اشتيوي "نحن شركاء ومناضلون من قلب الثورة والعمل النضالي الفلسطيني ولرفضنا ما يبرره وتحفظاتنا على تعيين المناصرة واستبدال الرجوب في محلها".&واذا كان الامر بالنسبة لتنحية الرجوب بات محسوما فان تفاصيل قضية تعيين قائد جديد لم تنته حتى الان على الاقل وفق ما تؤكد خطوات ضباط الجهاز.
&ويضيف الجرباوي "ستنتهي قضية الرجوب والامن الوقائي لصالح قرار الرئيس عرفات) على ما اعتقد ولكن ذلك لا يعني ان هناك تغيرا في مفهوم النظام السياسي الفلسطيني لان ما حدث لا يتعلق بالنهج".
&واضاف "يمكن القول ان هناك بدايات تغيير ولكن النهج لم يتغير لان طريقة اتخاذ القرار لم تكن واضحة ولا نعرف اذا ما اتخذت في اطار الحكومة ام لا".&ولم ينح الرجوب جانبا بل منح منصب محافظ في حين ان زميله في قيادة الشرطة اللواء غازي الجبالي منح منصب مستشار الرئيس لشؤون الشرطة بعد اعفائه من منصبه.
&وجاءت هذه التغييرات بناء على طلب وزير الداخلية الجديد اللواء عبد الرزاق اليحيى في سياق الاصلاحات الامنية والادارية التي بدات السلطة الفلسطينية اتخاذها تحت وطاة ضغوط داخلية وخارجية.&ويرى مسؤولون ان تغيير الرجوب لم يات في سياق محاولات الاصلاح وانما في اطار "لعبة شد الحبال خصوصا وان اليحيى سيجد صعوبات في اجراء تغييرات ما دام هناك رجال اقوياء على راس هذه الاجهزة".&لكن الامور تبدو وانها تميل في صالح تثبيت قرار عرفات.
&وقال احد المسؤولين في مكتب عرفات "ان رفض ضباط الامن الوقائي غير ذي اهمية كبيرة وفي النهاية سينصاع الجميع للقرار". واكد المسؤول ان عرفات لن يتراجع عن قرار تعيين المناصرة وسيواصل دعمه له.