لندن - التنبؤ بردود افعال الرئيس العراقي صدام حسين ليس سهلا.. لذلك تضع شركات النفط خطط طواريء لاحتمالات قيام الولايات المتحدة بحملة عسكرية للاطاحة به وتستعد لاسوأ احتمال وهو ان يلجأ اذا ما حوصر الى ضرب المنشأت النفطية في السعودية والكويت.
ومن شأن ذلك حرمان المستهلكين من ملايين من براميل النفط واحداث قفزة كبيرة في اسعاره. وقال متعامل في شركة نفطية كبيرة "اذا شعر صدام انه ليس امامه سوى ثلاثة او اربعة اسابيع في السلطة فانه سيسعى لانزال اكبر ضرر ممكن واسوأ احتمال ان يضرب السعودية والكويت... لقد ادرجنا ذلك في حساباتنا".
ويركز المتعاملون في سوق النفط اهتمامهم على مصير العراق منذ او وصفه الرئيس
الامريكي جورج بوش بانه جزء من "محور للشر" يرعى الارهاب ويطور اسلحة دمار
شامل وطالب بان تسمح بغداد بعودة مفتشي الامم المتحدة عن الاسلحة.
تزايدت حالة عدم التيقن هذه المرة مع تحرق الولايات المتحدة شوقا للاطاحة بصدام مما يثير المخاوف من ان يأتي انتقامه عنيفا. ولا يتعين على صدام التطلع الى بعيد لانزال الدمار بمكان. فبلاده تقع على الحدود مع السعودية عملاق النفط في اوبك والكويت وايران وكلاها من الدول التي يعتبرها العراق معادية منذ سنوات طويلة.
وقال مايكل روثمان من ميريل لينش "الخوف الحقيقي من ان يوجه ضربات لمنشأت رأس
التنورة (السعودية) وللكويت. فلا يمكن تعويض فقد الانتاج المجمع للعراق والسعودية
والكويت".
وقد يدفع حتى تهديد قصير الاجل بهذه الخسارة التي لا يمكن تعويضها والتي تقدر بنحو
11 مليون برميل من النفط الخام يوميا الاسعار الى مستويات اعلى من 40 دولارا للبرميل وهو المستوى الذي سجل عندما اقتحمت الدبابات العراقية الكويت في اغسطس اب عام .1990.
وفاجأ صدام السوق بالفعل بوقفه صادراته لمدة شهر في ابريل نيسان الماضي احتجاجا على معاملة اسرائيل للفلسطينيين. واعتاد تجار النفط تحمل خسائر مؤقتة في صادرات العراق التي لم تزد على 2,1 مليون برميل يوميا حتى الان هذا العام اي اقل من طاقته الانتاجية بمليون برميل يوميا. ووعدت السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم بتعويض اي نقص في الصادرات العراقية.
لكن يخشى المتعاملون من ان يفجر صدام اذا ما اضطر للقتال من اجل البقاء سلاح النفط كاملا بعد ان يخرج صادارت العراق من السوق. وعادة ما يضع تجار النفط تقديرات دقيقة لكل شيء من هوامش ربح عمليات التكرير الى الانماط المناخية المتوقعة ليضمنوا تحقيق ارباح.
وقال تاجر نفط اخر "نتوخى الحذر. ونتطلع لخطط بديلة. نحاول ان نتبين اذا ما كانت /أ/ تقود الى /ب/ فماذا يتعين علينا عمله. لكن ليس لدينا سياسة محددة بعد لمواجهة الاحتمالات المختلفة". وربما تشعر شركات النفط بالارتياح بمعرفتها ان تعطيل نسبة كبيرة من الصادرات السعودية والكويتية ليس سهلا. فصواريخ سكود العراقية غير دقيقة ولا تشكل تهديدا خطيرا.
لكن اطلاقها على منشات نفطية سيثير الاضطراب في سوق النفط. ويقول اللواء سعد عبيد الذي كان مسؤولا عن الحرب النفسية في حكومة صدام قبل انشقاقه "ان قدرة النظام العراقي على الرد على اي هجوم بضرب المنشات النفطية او استخدام الاسلحة الكيمياوية مستبعد لكن يتعين افتراض الاسوأ في حالة الاقدام على خوض حرب".
وقال مصطفي علاني المستشار في المعهد الملكي لدراسات الدفاع لرويترز ان العراق من المرجح ان يلجا لهجمات "ارهابية" لتدمير المنشأت النفطية المجاورة وليس لشن هجمات جوية عليها.
وأضاف "ليس لدى العراق القدرة العسكرية لكن لديه القدرة الارهابية على تخريب خطوط انابيب او منصات انتاج في السعودية والكويت. كل ما لديه هو صواريخ سكود وهي ليست دقيقة بما يكفي لتحقيق تدمير خطير".
وما زالت الكويت والسعودية تتذكران اضرام القوات العراقية النار في حقول النفط الكويتية في حرب الخليج. وحتى اذا اطيح بصدام بشكل سلس فليس هناك ضمان لتحقيق استقرار سياسي في العراق. ومن اكثر ما يثير القلق هو ان يمزق العراق وسط تناحر الاكراد في الشمال والسنة في الوسط والشيعة في الجنوب على ملء فراغ السلطة في واحد من اكثر المناطق المفعمة بالاضطرابات العرقية.
وقال علاني "العراق منتج كبير للنفط يقع على الحدود مع ايران والكويت والسعودية. اذا اثيرت الاضطراب في العراق فقد تمتد عبر الحدود لاثارة المزيد من الاضطرابات". وفي حين يعقد بعض تجار النفط الجلسات لبحث اسوأ الاحتمالات يأمل اخرون في تجنب الضرر تماما اذا تمكن صدام من الخروج من الازمة. ويقول متعامل من شركة نفط اوروبية تشتري النفط العراقي "لا يكشف لي الغيب".