ايلاف:&تؤكد مصادر اعلامية بارزة في باريس ان صحيفة (لوموند الفرنسية) قد تسلمت بالفعل البيان الذي وصف باْنه رقم (1)و يحمل توقيع ممن وصفوا بالضباط الاحرار في الجيش المغربي.
ولايزال هذا البيان الذي نشرته الأسبوع الماضي بعض الصحف الأوروبية يثير الكثير من السجال السياسي والإعلامي داخل المغرب, ونظرا الى الأهمية البالغة للحديث غير المسبوق، أفردت معظم الأسبوعيات الصادرة باللغتين العربية والفرنسية موضوع الغلاف للحدث.
واتجهت غالبية الآراء كما اوردت صحيفة الراْي العام الكويتية إلى دعم المطالب الواردة في بيان "الضباط الأحرار"، وان كان التشكيك عاما في وجود هيئة تنسيق عسكرية تحمل اسم "الضباط الأحرار" في صفوف الجيش المغربي, لكن يومية "لوموند" الفرنسية تؤكد انها تسلمت "البيان الرقم واحد" في مقرها الباريسي من طرف شخص تأكد لها انتماؤه الى الجيش المغربي.
واعتبر مصطفى اديب، النقيب السابق في الجيش المغربي، الذي سبق له ان قضى سنتين سجنا بسبب فضحه للفساد المستشري في صفوف الجيش، في تصريحات صحافية ان "كل مطالب الضباط الأحرار مشروعة، في ما يتعلق باحداث مصلحة عليا لمراقبة الجيش واصلاح وضعيتهم الاجتماعية وايجاد حل للمعتقلين العسكريين في السجون الجزائرية في تيندوف، بدل الاعتماد على الديبلوماسية المحتشمة" لكن اديب لم ينف او يؤكد صحة وجود البيان أو الهيئة المنسوب اليها.
اما الضابط أحمد رامي اللاجئ في السويد منذ تورطه العام 1972 في محاولة الانقلاب العسكري في الصخيرات، فنفى من جانبه ان يكون البيان المنسوب الى "الضباط الاحرار" بيان ضباط عسكريين مغاربة فعليين، على اعتبار انه "ليس من طبيعة العمل المنظم داخل الجيش في العالم أجمع ان يعبر عن نفسه باصدار بيانات ومناشير قبل المرور الى الفعل", ورجح رامي ان تكون وراء البيان "جهات أجنبية أو داخلية (الضباط الفاسدون أنفسهم)".
وأجمعت كل التحليلات التي انصبت على "حادث البيان"، على استبعاد العقلية الانقلابية عن الجيش المغربي, فإذا كانت البلاد عرفت محاولتين انقلابيتين دمويتين وفاشلتين في السابق، فان مغرب اليوم يختلف جذريا عن مغرب سبعينات القرن الماضي.
وعلى مستوى آخر، سربت مصادر مطلعة (الاستخبارات) لبعض الصحف شكوكها في وقوف جهات مغربية أو أجنبية وراء نشر البيان، بهدف التأثير على محاولات الاصلاح الجارية والمس بمعنويات الجيش، من خلال التشهير بأن كبار ضباطه فاسدون.
ويبدو ان التقرير السري الذي قدمه اللواء حميدو العنيكري للسلطات العليا في البلاد طرح احتمال وقوف واحدة من ثلاث جهات وراء واجهة "الضباط الأحرار" المغاربة, فالمخابرات الداخلية المغربية (مديرية مراقبة التراب الوطني)، بحسب ما يروج، تبحث عن علاقة ممكنة للاستخبارات الاسبانية او الجزائرية، كجهات أجنبية لها أكثر من مصلحة في المس بمعنويات الجيش المغربي لأسباب واضحة, اما الجهة المغربية التي تحوم حولها شكوك الاستخبارات المغربية فهو الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك المقيم في أميركا، بعد ضجة خلافاته المعلنة مع العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وحسب مصادر إعلامية حسنة الاطلاع، فان الجهات العليا رفضت اتهامات الاستخبارات واعتبرتها "غير مقنعة" وأيا كانت حقيقة الجهة التي تقف وراء اصدار ونشر "البيان رقم واحد"، فإن حجرا كبيرا القي نهاية الاسبوع الماضي في بركة مؤسسة الجيش، التي ظلت لعقود طويلة راكدة وبعيدة عن الأضواء, والأكيد ان المؤسسة العسكرية، التي ظلت لفترة قريبة آخر الطابوهات السياسية في المغرب، دخلت دائرة النقاش العام، المحتدم حول الاصلاحات العميقة والطويلة النفس التي دشنها العاهل الشاب منذ عامين.