ليث الحمداني
&
عذرا أيها السادة أعضاء لجنة المتابعة
عذرا يا حكومة العراق القادمة غير المعلنة
حين تنتقلون إلى أرض العراق العظيم.. وتلتقون في قاعة من قاعات مدن كردستان، وقبل أن يلتئم اجتماعكم الأول، تلفتوا حولكم واسألوا أنفسكم.. أين هم ممثلو عمال العراق في اجتماعكم؟ أين هم أحفاد صانعي ملحمة كاورباغي وأبطال ملحمة الزيوت النباتية ومعامل الطابوق الذين دافعوا عن الوطن بعرقهم ودمائهم وماتوا ولم يتركوا لعائلاتهم سوى البؤس والشقاء.
أين هم فلاحو العراق الذين امتزج عرقهم بترابه الطاهر وعشقوا أرضه وسماءه وحاربوا الدكتاتورية من أجله؟ أين هم ممثلو طلبة العراق الذين كانوا أول ضحايا حملات (التبعيث)، واقتيد المئات منهم من مدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم إلى معتقلات السلطة وبعضهم فقد أثره إلى الأبد..
أين هم نساء العراق أمهات شهداء الحركة الوطنية التي صمدت بوجه الدكتاتورية داخل الوطن؟ أولئك النسوة اللائي دفنّ فلذات أكبادهن ومنعن من الحزن بأمر السلطة فماتت الدموع في مآقيهن بانتظار الفرج..
أين هم شعراء العراق الذين قاوموا الدكتاتورية بشعرهم، ودفعوا ثمن ذلك الغربة والجوع والتشرد؟
أين هم صحفيو العراق زملاء أسماعيل خليل& وضرغام هاشم وغيرهم من العرب والكرد والتركمان والأشوريين؟
أين هم محامو العراق الشرفاء؟ وأين هم مهندسوه وكيميائيوه وفيزيائيوه ومحاسبوه وأطباؤه وصيادلته الذين قاوموا الدكتاتورية كل في موقعه ودفعوا الثمن غاليا؟
ابحثوا عن كل هؤلاء ولا تنسوا أن تبحثوا عن تاجر من طراز جعفر أبي& التمن أو صناعي من طراز محمد حديد أو خدوري خدوري كل همهم قضية الوطن..
أنتم أيها السادة الكرام تمثلون الأديان والطوائف والقوميات... هكذا قال مؤتمركم العتيد، والعراق ليس طوائف وقوميات فقط كما صورتموه للعالم.. العراق هو تلك الشرائح الاجتماعية التي خاضت نضالات يومية على مدى سنوات حكم الدكتاتور تحت لافتة انتمائها العراقي، ودون الحاجة للإعلان عن الانتماء لدينها أو قوميتها أو طائفتها، وإذا كنتم بحاجة لمن يروي لكم قصص بطولة عمال العراق وفلاحيه وطلبته ونسائه وشبيبته اصغوا إلى أصوات الداخل وستسمعون حكاية عمال مسلمين ومسيحيين، عربا وكردا وتركمانا وأشوريين وأرمن رفضوا سياسة التبعيث فقتل من قتل منهم وعزل من عزل ومات كمدا من مات، ولأنهم لا ينتمون لحزب أو حركة ضاعت أخباهم في الإعلام المملوك لأحزاب القوميات والطوائف.
ستسمعون حكايات عن فلاحين بسطاء شيعة وسنة اقتلعوا من أراضيهم لأنهم رفضوا السير وراء صنائع الدكتاتورية من شيوخ (التصفيق) و (التملق) و (الهوسات الممجوجة).
ستسمعون حكايات عن طلاب انتزعوا من جامعاتهم وفقدت آثارهم تحت تهم الانتماء لـ (حزب الدعوة) أو (الحزب الشيوعي)، وعن شباب رفضوا الانخراط في جيش السلطة (الشعبي)& فعاشوا مطاردين (منفيين داخل الوطن)..
(ستشيب) رؤوس شبابكم إن كان بينكم (شباب) وأنتم تسمعون حكاية الجامعيات اللائي اختطفن في الثمانينات وصمدن تحت التعذيب ولم يخنّ قضيتهن التي هي حرية العراق.. وستسمعون عن شعراء كان بإمكانهم أن يمتطوا (سيارات المرسيدس) لو امتثلوا للدكتاتورية وكالوا لها المديح، ولكن عراقيتهم منعتهم من ذلك، فأغلق بعضهم بابه وعاش على البطاقة التموينية، وتشرد الآخرون في أصقاع الدنيا..
ابحثوا عن كل هؤلاء.. لن تجدوهم في لندن أو واشنطن أو باريس، ستجدونهم في أفقر أحياء عمان ودمشق يبحثون عن لقمة العيش ويدفعون ثمن المقاومة والرفض جوعا وبردا وحرمانا..
لا تقولوا نحن نمثل الجميع.. فعراقكم الذي شاهدناه على شاشات الفضائيات كان عراق الأديان والطوائف والقوميات ومقاومة أولئك للدكتاتورية كانت تحت لافتة العراق بعيدا عن (المحاصصة) و (النسب) والحديث عن الأقلية والأكثرية..
فهل تدركون أن عنف الدكتاتورية وإرهابها لم يميز على أساس الدين أو الطائفة، وإنما على أساس الموقف.. وتلك هي الحقيقة..
صحفي عراقي - كندا
[email protected]