إيلاف - خاص: علمت "إيلاف" من مصادر دبلوماسية غربية أن الفريق نزار الخزرجي رئيس هيئة أركان الجيش العراقي الاسبق يرافق منذ أيام عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA للقيام بوساطة في مهام الاتصال بقادة عسكريين عراقيين على الجبهات المختلفة، بهدف إقناعهم بالتوقف عن قتال قوات التحالف الأميركي ـ البريطاني، وذلك على خلفية معرفة الخزرجي الواسعة بآلاف من الشخصيات القيادية في الجيش العراقي من الصفوف الأولى والثانية، بحكم سنوات خدمته العسكرية الطويلة التي امتدت عدة عقود، حتى وصل إلى منصب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، واستمر به ثلاث سنوات قبل أن ينشق فجأة على النظام الحاكم في بغداد، ويفر إلى الأردن في العام 1995، ومنها توجه إلى الدانمارك حيث طلب الحصول على حق اللجوء السياسي، غير ان السلطات هناك رفضت منحه اللجوء، واكتفت بمنحه الإقامة لمدة غير محدودة، وذلك على خلفية شبهة تورطه في قيادة عمليات قمع أستخدمت فيها الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد في الثمانينيات خلال العام 1988 فيما تعرف بحملة (الانفال)، وفي المقابلة التي أجراها مع مكتب اللجوء اعترف الخزرجي بلسانه ان تلك العمليات أدت إلى القضاء على نحو 180 ألف كردي، وقامت السلطات الدانماركية بمصادرة جواز سفره وفرضت قيوداً على تحركاته بمقتضى حكم محكمة محلية، لكنه اختفى فجأة في ظروف غامضة قبل أيام من بداية العمليات العسكرية على العراق، مما يرجح صحة هذه رواية وساطته في مفاوضات الاستسلام الجارية بين قوات التحالف الأميركي والجانب العراقي.
وتتركز الاتهامات على دور الخزرجي قبل وخلال حملة (الانفال)، وكانت الحملة قد بدأت في عام 1987 بعدما اعتقلت القوات العراقية الافاً من المدنيين الاكراد وسلمتهم الى الشرطة السرية ودمرت مئات القرى، واستخدمت غاز الخردل وغاز الاعصاب في الهجوم على بلدة حلبجة في آذار (مارس) 1988 مما ادى الى مقتل ما يترواح بين 3 آلاف و5 الاف مواطن. وكشفت جماعة "هيومن رايتس ووتش" عن عدة مذكرات واوامر تدين الخزرجي. واولها ترجع الى 14 مايو 1987 تقول احداها : "ان قائد الفرقة الاولى اصدر امرا بناء على طلب الرفيق علي حسن المجيد ـ ابن عم صدام وحاكم كردستان آنذاك ـ بإعدام الجرحي المدنيين بعدما يتأكد الحزب من عداوتهم للسلطة".
وينفي الخزرجي بشدة انه اطلع على اي من هذه الاوامر او انه لعب دورا في الانفال او مذبحة حلبجة، وقال ان صدام كلف ابن عمه علي المجيد بمهمة التعامل مع مسألة الاكراد، في ما كان هو منشغلاً بالملف الإيراني.
استسلام صدام
ووفقاً للمصادر ذاتها فإن الاتصالات مع القادة الميدانيين العراقيين, التي تشرف عليها وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) والقوات الأميركية الخاصة في العراق, تستهدف بحث مدي إمكانية إلقاء أعداد كبيرة من القوات العراقية أسلحتها, بل وربما إمكانية مشاركة قوات النخبة العراقية في تسليم الرئيس العراقي نفسه حياً للقوات الأميركية.
في غضون ذلك أشارت وسائل الاعلام الدنماركية ان ضباطاً من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اصطحبوا الفريق نزار الخزرجي الذي كانت الدنمارك قد حددت اقامته في الأيام الأخيرة، وقالت وكالة الانباء الالمانية اليوم ان اربعة من ضباط الاستخبارات الأميركية اختطفوا الخزرجي من مسكنه الذي يقيم فيه منذ عام 1999 في مدينة سورو في غرب كوبنهاغن حيث تم نقلة بطائرة خاصة الى إحدى القواعد العسكرية الأميركية في الخليج عبر المانيا، مشيرة إلى أن الخزرجي الذي تولي قيادة رئاسة اركان الجيش خلال الفترة من 1987 الي 1990 متهم بالتورط في الهجوم الكيماوي الذي شنته القوات المسلحة العراقية على الاقلية الكردية في شمال العراق بالرغم من نفي الخزرجي هذه التهم عقب فراره من العراق عام 1995، وهروبه إلى الأردن، متهما ابن عم الرئيس صدام حسين، المدعو علي حسن المجيد، الشهير بلقب "علي الكيماوي" بقيادة حملة ضرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية.
على صعيد متصل فقد نقلت وكالة الانباء الايرانية عن مصادر في المعارضة العراقية التي تتخذ من إيران مقراً لها تأكيدهم انضمام الخزرجي للقيادة الأميركية الواقعة في قاعدة "السيلية" القريبة من العاصمة القطرية الدوحة.
من جانبها قالت شبكة تلفزيون CNN الاخبارية الأميركية ان عددا من الشخصيات العراقية التي تقيم في الخارج يقومون الان بدور الوسيط في اطار مفاوضات جارية بين مسئولي وكالة المخابرات الأميركية (CIA) ومسؤولين عسكريين أميركيين من ناحية واعضاء بارزين في قوات الحرس الجمهوري العراقي داخل العراق من ناحية أخرى وذلك بهدف ضمان اعلان استسلام قيادات القوات المسلحة العراقية بصورة سلمية، بهدف تقليل حجم الخسائر المحتملة في حال استمرار العمليات العسكرية لقوات التحالف لوقت أطول.
ونقلت الشبكة عن مسئول بارز بالادارة الأميركية قوله ان هذه الشخصيات المغتربة ومن بينهم زعماء اكراد وقادة عسكريون سابقون لديهم صلات مباشرة فعالة مع قادة الجيش العراقي قاموا على مدار الساعات الست والثلاثين أو الثمانية والأربعين الماضية باجراء محادثات واتصالات مباشرة مع ضباط بارزين في الحرس الجمهوري العراقي.
تعثر المفاوضات
وكان مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد أعربوا عن أملهم في امكانية استسلام القوات العراقية هو السبب وراء عدم تشديد القصف في المراحل الأولي من الحرب الأميركية ضد العراق التي بدأت فجر الخميس.
ونقلت شبكة تلفزيون ABC الأميركية عن هؤلاء المسؤولين قولهم إنه كان من المخطط أن تبدأ العمليات بقصف مكثف ومركز, إلا أن الجانب الأميركي فضل إعطاء المزيد من الوقت للمفاوضات الرامية إلى استسلام القادة العسكريين العراقيين، لافتة إلى أن مدى شدة القصف الذي تشهده العاصمة العراقية منذ أمس تشير إلى أن التقدم الذي يتم إحرازه في المفاوضات الجارية لإلقاء الضباط العراقيين أسلحتهم لم يكن على المستوى المأمول.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قد صرح ليلة أمس الجمعة بأن استمرار القصف الأميركي يعني أنه لم يتم التوصل لاتفاق حتي الآن مع الجيش العراقي للاستسلام، مشيراً إلى أن "النظام العراق بدأ في فقد السيطرة على مقاليد الأمور، وحالة الاضطراب بين العراقيين تتزايد, وأن المسؤولين العراقيين فقدوا القدرة على معرفة ما يجري في جبهة القتال"، وهو ما أكده الساسة والقادة العسكريون البريطانيون في تصريحاتهم أيضاً.