&
فوق كربلاء بقلم كارل ملاكوناس: بدأت اول اشعة الشمس تغيب في الافق وسط الغبار، وفي البعيد يبدو مصنع صغير مهجورا في الصحراء وبالقرب منه شاحنة صغيرة متوقفة على طريق غير معبدة. والحركة الوحيدة التي تسجل هي تحليق مروحيتي "بلاك هوك" اميركيتين على علو منخفض في مهمة استطلاع. ويبدو الموقع هادئا بالنسبة الى طاقم احدى المروحيتين لكن التوتر خلال التحليق ما زال على اشده بعد اقل من 24 ساعة على سقوط مروحية بلاك هوك اثر تعرضها لنيران عراقية ما اسفر عن مقتل سبعة جنود. وهذا الاسبوع شهدت المنطقة حول كربلاء، احدى المدينتين الشيعيتين المقدستين في وسط العراق مع النجف، معارك عنيفة بين جنود الفرقة الثالثة في مشاة البحرية الاميركية والقوات الموالية للرئيس العراقي صدام حسين. واعاد اسقاط طائرة بلاك هوك مجددا الى الواجهة جميع المخاطر التي يواجهها طيارو التحالف الاميركي البريطاني في مهماتهم فوق كربلاء والمدن العراقية الاخرى. وصرح اريك ستريكر احد طياري مروحيات بلاك هوك قبل قيامه باحدى مهماته ان "الشخص الذي ما زال مواليا لصدام يمثل اكبر خطر لانه قرر اطلاق النار عشوائيا من سلاح 'اي.كاي-47' او بندقية قديمة". وقال "انهم (الموالون لصدام حسين) يملكون صواريخ سام-7 (ارض-جو) وقاذفات صواريخ محمولة ما يشكل تهديدا آخر". وتعتبر مروحيات بلاك هوك على غرار معظم المروحيات العسكرية الاميركية طائرات متطورة للغاية لكنها تتأثر بشكل خاص بنيران الاسلحة الخفيفة. وتأكدت هذه الهشاشة مع مقتل سبعة جنود في تحطم مروحيتهم بعد تعرضها لنيران اسلحة خفيفة قرب كربلاء مساء الاربعاء. ويقوم ستريكر بمهمات استطلاعية فوق المدن وهذا الامر بمثابة كابوس بالنسبة اليه وبالنسبة الى طيارين آخرين يتذكرون مقتل رفاق لهم في تحطم مروحيتهم بلاك هوك في الصومال مطللع التسعينات. وكان منتج بريطاني صور هذه التجربة المأساوية التي اختبرها الجيش الاميركي في فيلمه "بلاك هوك داون" وعرض على الشاشات الكبرى في العام 2001. واضاف ستريكر ان طائرات بلاك هوك قد تتعرض لمثل هذه الحوادث في العراق اثناء عمليات قتالية مشابهة. واصبحت هذه الهواجس مصدر قلق حقيقي رغم تقدم قوات المشاة باتجاه بغداد لان جيوب المقاومة العراقية ما زالت موجودة في معظم المدن في جنوب العراق مثل كربلاء والنجف والناصرية. واضاف الطيار الاميركي "ذخيرة محدودة قادرة على اسقاط مروحية (بلاك هوك)". وقال "اذا اصابت صليتان الطيارين انتهى الامر". الا ان الطيار يؤكد انه يمكن لمروحيات بلاك هوك المستخدمة في اطار مهمات متنوعة منها تقديم الدعم في المعارك الميدانية والعمليات الخاصة وعمليات اجلاء الجرحى ان تعود الى قواعدها سالمة حتى بعد تعرضها للنيران. ومضى يقول "شاهدت مروحيات تعرضت ل30 او 40 طلقة دون ان يشعر احد بذلك". وكانت كاترينا لويسون (25 عاما) معاونة ستريكر في مهمته اليوم الخميس وهي اصبحت مساعدة طيار قبل اقل من ثلاث سنوات. وقالت ان اسقاط المروحية الاربعاء جعلها تعي اكثر المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها فوق مناطق المعارك. وقالت بعد ان انجزت مهمتها ان "اسقاط مروحية بلاك هوك قرب كربلاء يدل على اننا نقترب اكثر واكثر من اراضي العدو". ورغم مخاوف ستريكر ولويسون، قاما بمهمتهما الخميس دون اي حادث يذكر، فقد اثارا فقط فضول بعض المزارعين واشخاصا آخرين على الارض قرب قرى جنوب كربلاء.