كتب - نصـر المجالي: رفضت بريطانيا ما اتفقت عليه دول اوروبية اربع امس في بروكسل حول انتهاج سياسة دفاعية وامنية خارج حلف شمال الاطلسي (الناتو) وتهدد بشرخ في بنائه، والدول الأربع هي المانيا وفرنسا وبلجيكا واللوكسمبورغ التي عارضت الحرب ضد العراق.
ويأمل زعماء هذه الدول التي وصفتها مصادر بريطانية بأنها تشكل عصابة جديدة تهدد مسار الناتو بإقامة نظام جديد يكفل الدفاع والامن لجميع الدول الاوروبية.
وهم ايضا قرروا تشكيل قوات اوروبية متعددة الجنسية للقيام بمهمات ليست في الاساس من صميم مهمات حلف شمال الاطلسي، الأمر الذي اعتبرته المصادر البريطانية ودول اعضاء اخرى في الناتو على انه خطوة خطيرة تعرض هذا الحلف الى الشرخ لا بل الانهيار.
وكان زعماء ألمانيا وفرنسا وبلجيكا واللكسمبورغ تحادثوا في العاصمة البلجيكية وهي مقر حلف شمال الاطلسي اتفقوا خلالها على توثيق التعاون الدفاعي في أوروبا. واعتبرت دول كبريطانيا الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة ان الخطة تمثل شرخا للاتحاد الأوروبي وخلق هياكل أمنية تنافس حلف شمال الأطلسي.
واضطر جوى فيرهوفستادت رئيس وزراء بلجيكا الذي اقترح فكرة القمة الرباعية المصغرة الشهر الماضي إلي رفض ما يقال عن أن هذه المحادثات موجهة ضد الولايات المتحدة.
والملاحظ أن الزعماء الأربعة الذين يحضرون القمة وهم الفرنسي جاك شيراك، والألماني غيرهارد شرودر، ورئيس وزراء اللكسمبورغ جين كلود جانكر، وغاي فيرهوفستادت رئيس وزراء بلجيكا عارضوا الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق وهم الآن في مقدمة دول الإتحاد الأوروبي الذين يطالبون بدور أساس للأمم المتحدة في عراق ما بعد الحرب.
وذكر دبلوماسيون أن فرنسا وألمانيا الراغبتين في إصلاح علاقتهما المتدهورة مع الولايات المتحدة بسبب الحرب سوف تعملان على تخفيف المقترحات المثيرة للجدل الخاصة بإنشاء قيادة عسكرية أوروبية منفصلة عن الناتو ووضع أهداف محددة للإنفاق الدفاعي وتأسيس وحدات عسكرية مشتركة.
ومحادثات بروكسل ركزت كذلك على إنشاء هيئة تسليح أوروبية ووكالة أبحاث استراتيجية مشتركة وأيضا معاهدة تضامن لتأمين المساعدات المتبادلة في حال وقوع أي هجوم على أية دولة. وقالت بلجيكا إن أوروبا تحتاج إلى بناء قوة دفاعي مستقلة من أجل ضمان مزيد من النفوذ علي المسرح الدولي. ولكن مما يدل على أن هذا الاجتماع يعقد خارج نطاق الاتحاد الأوروبي عدم حضور المسئول الأمني للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أو المفوضية الأوروبية أو الرئاسة اليونانية الحالية للاتحاد الأوروبي.
ورغم ذلك قال رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي وهو أيضا مؤيد قوي لتدعيم التعاون الدفاعي الأوروبي إنه يفضل المبادرة مادام ممكنا أن تنظم إليها دول أخرى.
في واشنطن، انتقد وزير الخارجية الأمريكى كولين باول الخطط، مؤكدا امام أمام إحدي لجان الكونجرس "نحن لا نحتاج إلى مزيد من مقار القيادة ولكننا نحتاج إلى مزيد من القدرة وتدعيم الهياكل والقوات الموجودة بالمعدات التي تحتاجها". يذكر أن الحكومات الأوروبية تتحرك ببطء نحو وضع سياسة دفاعية أوروبية مشتركة منذ عام1992.
وقد تم تأسيس قوة للانتشار السريع تابعة للاتحاد الأوروبى قوامها 60 ألف من الجنود لمهام حفظ السلام والأمور الإنسانية. وقد تسلمت دول الاتحاد الأوروبي مهمة لحفظ السلام تابعة لحلف الناتو في مقدونيا في آذار (مارس) الماضي مسجلة خطوة كبيرة في الطموحات الدفاعية للكتلة المكونة من 15 دولة.
وتأتي خطط وضع سياسة دفاعية أكثر قوة جزءا من اتفاقية جديدة للإتحاد الأوروبي يقوم بصياغتها منتدى من 105 أعضاء يبحث مستقبل أوروبا.
والى ذلك، فإنه يذكر ان حلف الناتو كان انشىء في العام 1949 من 12 دولة هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا التي غادرته في وقت لاحق والدنمرك وايطاليا والنرويج والبرتغال وبلجيكا وهولندا واللوكسمبورغ. وقد انضمت في وقت متأخر كل من تركيا واليونان والمانيا واسبانيا وتشيخيا وهنغاريا وبولندا وفي وقت قريب ينتظر ان تنضم اليه بلغاريا ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا واستونيا ولاتفيا وليثوانيا، وهي كانت اعضاء في حلف وارسو حين كانت الكتلة الشرقية قائمة في عهد الاتحاد السوفياتي الذي انهار في العام 1990 .
وانهار حلف وارسو بعد نهاية الحرب الباردة، وهدف حلف شمال الاطلسي منذ سنوات الى ايجاد نظام امني ودفاعي شامل لجميع اعضائه حيث خطط لانشاء قوة لحفظ الاستقرار في اوروبا كذلك.