باريس - مكتب إيلاف: مصرع نجلي الرئيس العراقي المخلوع، صدام حسين، على أيدي القوات الأميركية داخل العراق هو، هدية ثمينة حصل عليها، في الوقت المناسب تماما، ثلاثة أشخاص هم، الرئيس الأميركي، جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، والحاكم المدني الأميركي في العراق، بول بريمر. فالرئيس الأميركي يتعرض، بسبب الوضع داخل العراق، الى انتقادات مختلفة. أهم هذه الانتقادات هي تلك التي تحمله مسؤولية مقتل الجنود الأميركيين، بشكل يومي، تقريبا، داخل العراق.
ألان، ومع نجاح القوات الأميركية في تصفية نجلي صدام، يستطيع الرئيس، بوش، ان يعلن بصوت عال، أمام منتقديه، بان الهجمات المسلحة التي ينفذها أنصار صدام حسين، ضد القوات الأميركية في العراق هي، عمليات في طريقها الى التقلص، أو الاختفاء نهائيا، فالقضية هي قضية وقت، ليس إلا. أي ان الهجمات المسلحة ضد الجنود الأميركيين هي، ليست من قبل فئات واسعة من السكان، وانما هي من صنع أفراد ما زالوا يدينون، لهذا السبب أو ذاك، للرئيس العراقي المخلوع. ومنفذو هذه الهجمات يستمرون بها ما دام صدام وابنائه طلقاء. ومصرع نجلي صدام هي خطوة باتجاه تصفية ابيهما. فالذي استطاع ان يصل الى الولدين، سيصل حتما الى الاب،عاجلا أو آجلا.
&ولهذا، فانه ليس من المستغرب ان نجد بان هذا الانتصار الذي حققه الرئيس جورج بوش في الموصل، شمال العراق، لم يقلل من أهميته أحد، سوى منافسي الرئيس وخصومه السياسيين، داخل الحزب الديمقراطي، في الولايات المتحدة.&
وإذا كان الرئيس بوش وأركان أدارته قد عبروا عن ابتهاجهم لمصرع نجلي صدام حسين، فان رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، لم يكن اقل ابتهاجا، ليس فقط، بسبب مقتل عدي وقصي، ولكن، ايضا، بسبب حالة الابتهاج التي عرفتها العاصمة العراقية، مباشرة بعد انتشار نبأ مصرعيهما، والمتمثلة في لعلعة الرصاص في سماء بغداد. ألم يقل بلير، وهو يرد على منتقديه الذين هاجموه بسبب مشاركته في الحرب، استنادا على (كذبة) أسلحة الدمار الشامل، بان (التاريخ سيثبت فيما إذا كنا على حق، أو لا، في القضاء على صدام) ؟ وهذه هي الوقائع العراقية اليومية، المتمثلة بفرح العراقيين بمقتل نجلي صدام، ترد، قبل التاريخ، على صحة ما قاله بلير.
أما الحاكم المدني الأميركي في العراق، بول بريمر، والموجود حاليا في بلاده، فانه سيعود (مظفرا) الى مقر عمله في بغداد. فبإمكان بريمر ان يعلن، انه غادر العراق، وهو على يقين من نجاح الخطط الأمنية والسياسية، هناك. فقد ذهب لملاقاة مسئوليه في الإدارة الأميركية، ومعه (إنجاز) سياسي، هو تشكيل المجلس العراقي. لكنه، أضاف، تماما أثناء محادثاته في العاصمة الأميركية، انجازا لا يقل أهمية، هو بتر ذراعي صدام حسين، اليمنى واليسرى.
هل بمقدور (المحارب) صدام حسين الاستمرار، بعد ألان، في خوض المعركة، بنفس المعنويات السابقة، بعد ان بتر الأميركيون ذراعيه؟& منطقيا، ليس بمقدوره ان يستمر، اللهم إلا بمعجزة. ولأننا لا نعيش في زمن المعجزات، فان استمرار صدام حسين في إيذاء الأميركيين، دخل مرحلة النضوب.
وإذا صحت الأخبار القائلة بان شيخ العشيرة الذي كان عدي وقصي يختبئان في منزله، هو الذي وشى بهما لدى القوات الأميركية، فان هذه الوشاية ستظل تقض مضجع صدام حسين ومساعديه الذين يختبئون معه، وتفسد عليه نومه، بعد ان قصم ظهره مقتل ولديه.
وعلى الأرجح، وكعادته في الهرب الى الأمام، سيقوم صدام حسين خلال الأيام القريبة القادمة، ان لم يكن خلال الساعات القادمة، الى توزيع كلمة مسجلة جديدة، يعلن فيها ان (المقاومة) مستمرة، رغم مقتل عدي وقصي، وسيقول في كلمته، بأنه وأفراد عائلته، مشاريع جهادية، نذرت نفسها دفاعا عن الشعب العراقي.
ومن المرجح، ايضا، ان يلجأ اتباع صدام حسين، خلال الساعات القادمة، الى تكثيف الهجمات المسلحة ضد الجنود الأميركيين، مثلما من غير المستبعد ان تظهر بيانات تعلن عن ميلاد (منظمات جهادية) جديدة، تطلق على اسمها تسمية (تنظيم زين الشباب)، مثلا، أو تنظيم ( الشبلين) ... الخ.
لكن هذه التنظيمات ستظل حبرا على ورق، مثلما ستظل حبرا على ورق خطابات صدام حسين التي تدعو العراقيين على الاستمرار في قتال الأميركيين . فالحرب، ليس كما يقول صدام حسين ما تزال مستمرة بعد. الحرب انتهت منذ هروب صدام حسين. وليس أقدام& أحد شيوخ عشيرة صدام حسين (ال بوناصر)، على تسليم ضيفيه، عدي وقصي، للأمريكيين، لقاء هدية، هي ملايين الدولارات، إلا دليل على انتهاء الحرب، وبدء حرب جديدة قاسية ضد صدام حسين ونظامه، يقودها، هذه المرة، المقربون من صدام.













التعليقات