د. خالد منتصر
&
&
[ أشرف السعد وأحمد الريان وعمر عبد الرحمن والملا عمر وصدام حسين وعلى الكيماوى أكثر إيماناً وأرجح عقلاً من سميرة موسى وحنان عشراوى وبنت الشاطئ وأمينة السعيد وبنازير بوتو...الخ!! ،عليكم وعلينا أن نصدق هذه المعادلة لمجرد أن هؤلاء من طائفة الرجال ،وهاتيك من قطيع الحريم ،ولأن النساء ببساطة ناقصات عقل ودين ،وبماأن المرأة هى المرأة حتى ولو كانت عالمة ذرة أو مناضلة سياسية& أو كاتبة إسلامية فعلينا أن نقبل بذلك الحكم القاسى وتفسيراته وتخريجاته وتطبيقاته التى إستغلها الرجل لقهر المرأة ،فمادام هو يتعامل مع إنسانة متخلفة عقلياً ومدانة دينياً فقهرها عاطفياً وسحلها إجتماعياً وخنقها إنسانياً مباح وحلال وشرعى بل وفرض واجب !،وعندما مد التيار المتزمت الخط على إستقامته وصل أتباعه إلى سجن المرأة داخل جدران البيت أو فى خيمة سوداء أو فى جهل مركب أووعى مزيف ،وكان طبيعياً فى بلاد ترفع راية الإسلام أن يمنعها البعض من الإنتخابات بإسم نقصان العقل ،وأن يحرموها من قيادة السيارات ومنصب القضاء أو الرئاسة بإسم تغلب العاطفة ،وأن يتركوها لتحترق مثلما إحترقت البنات فى إحدى المدارس السعودية لأن المطوعين رفضوا خروجهن كاشفات الشعر لأن هذا الكشف هو نقصان الدين بعينه ،وهكذا تم إعطاء الغطاء الشرعى والمبرر الفقهى للقهر النسائى ،وتم تغليف البربرية والعنصرية بغلاف سيلوفان دينى براق ،وتضخمت غدة الوصاية عليها حتى وصلت إلى درجة تسمم جسد المجتمع كله .
[& يعتمد الكثيرون فى تقنين قهر النساء وإدانة تفكير المرأة وتصرفاتها على الحديث الشهير الذى رواه الصحابى أبو سعيد الخدرى فقال " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء ،فقال : يامعشر النساء مارأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن،قلن: ومانقصان ديننا وعقلنا يارسول الله ؟،قال :أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟،قلن: بلى ،قال فذلك من نقصان عقلها ،أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟،قلن: بلى ،قال :فذلك من نقصان دينها ".
إستغل أتباع حزب إحتقار المرأة هذا الحديث للإنتقاص من أهليتها وعزلها عن العمل العام وتعطيل ملكاتها وطاقاتها ،وعادت إلى الأذهان عبارات الجاهلية ومظاهر وأد البنات وخرجت إلى النور الأبيات الشعرية والحكم القديمة التى كانت تقول: لم أر نعمة شملت كريماً* كنعمة عورة سترت بقبر ....ومن غاية المجد والمكرمات *بقاء البنين وموت البنات...ومشاورتها شؤم ومحادثتها للمخالفة فقط ....الخ ،وبرغم أن جمعاً كبيراً من المفكرين الإسلاميين طالبوا بمراجعة كتب الأحاديث من حيث رفض منهج الإعتماد على السند فقط فى بيان وقياس مدى صحته حتى ولو خالف الحديث منطق الأمور ومفاهيم الإسلام الكلية وآيات القرآن الواضحة ،والأمثلة كثيرة وخاصة فى مجال أحاديث كثيرة قيلت فى المرأة تتعارض مع أحكام قرآنية لالبس فيها تكرمها وتبجلها ،وأيضاً تتعارض مع مواقف للرسول مع المرأة أكرمها فيها ومنحها كل رعايته وإهتمامه ،وقد بح صوتنا وصوت المستنيرين من المطالبة بمراجعة مثل تلك الأحاديث ليس خوفاً على صورة المرأة فقط& ولكن خوفاً على صورة الإسلام نفسه قبلها،والملاحظات التى قيلت فى شأن هذا الحديث كثيرة ولكن سنوجزها فى النقاط التالية :
·&&&&&&& هناك خلل على مستوى الذاكرة الشفاهية التى يتباهى بها العرب والتى يعتمدون عليها فى صحة الأحاديث وضبطها دائماً، وهذا الخلل هو فى ذكر مناسبة وزمن قوله وهل هو عيد الأضحى أم عيد الفطر ؟،يعنى البداية فيها تذبذب ،فلماذا أتمسك بماقالته هذه الذاكرة عن باقى الرواية إذا كانت تنسى المناسبة من أصله ؟،إلا إذا كان هناك تربص من المجتمع بالمرأة أو بالبلدى "تلكيكة " إجتماعية تروج لهذا المعنى وتتمناه فى عقلها الباطن فتتغاضى عن أشياء تعتبرها شكليات مثل تحديد وقت قول الحديث لصالح الغرض الأساسى وهو تحقير المرأة.
·&&&&&&& هناك قلة من العلماء والمفكرين مثل القرضاوى وسليم العوا وضعت متن هذا الحديث وصنفته تحت بند الطرفة والمزاح وهو مارفضه أغلب الفقهاء برغم أنها حل منطقى لهذا المأزق الذى يواجهونه ،وعملية تجميل مقبولة لإزالة البقع السوداء والندب القبيحة التى لطخ بها البعض وجه دين جميل ورائع يدعو إلى إعمال العقل ومساواة البشر،والمناسبة سواء كانت عيد فطر أو أضحى تحتمل المزاح ،والرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن يعرف أن البعض سيدون ويكتب بعد موته بسنوات طويلة كل ماقاله بل إن التاريخ يؤكد أنه كان يحذر من كتابة أحاديثه حتى لاتتحول إلى تلمود وقيد آخر على عقل الأمة& الإسلامية بعد وفاته ،المهم أن الحديث لم يتضمن السيناريو المصاحب للكلام الذى قاله الرسول بمعنى هل كانت هناك ضحكات أو ماشابه من مؤثرات تحتمل أن يكون الكلام مزاحاً ؟،وإحتمال كبير أن يكون ذلك قد حدث ولكنه لم يدون ،وهنا وبهذا الشكل لايعتبر هذا الحديث أمراً أو نهياً أو وعظاً أو حكماً شرعياً وليس من قبيل الوحى ،ولكنه من أقوال الرسول& ورأيه الذى أكد الرسول نفسه فى أحاديث ومناسبات كثيره على أنه رأى بشرى إلا فيما يتعلق بالعقيدة والعبادات وأعتقد أن هذا الحديث ليس من قبيل العقيدة أو العباده ،والدعابة والمزاح وطريقة الألغاز والتورية ليست شيئاً مستغرباً على ولامستهجناً من الرسول حتى تثور ثائرة الفقهاء عندما يفسر الحديث بهذه الصورة ،فعندما قال الرسول أن الجنة لايدخلها عجوز كان نوعاً من الدعابة والهزار بدليل أن المرأة العجوز إطمأنت حين عرفت أن المقصود هو أنه فى الجنة الجميع سيكونون فى سن الشباب ،ولو أخذنا بهذا الحديث على أنه جد وليس هزاراً ستتحول المسألة إلى مأساة لاملهاة ،ومن الدعابات النبوية الشهيرة أيضاً حين تزوج رجل إمرأة من الأنصار فقال له الرسول إنظر إليها جيداً لأن فى أعين الأنصار بياضاً وصدق الرجل الدعابة وإنزعج وذهب إلى أهل المرأة الذين فهموا الدعابة وضحكوا قائلين وهل تخلو عين من بياض؟!،وأيضاً حين قال للرجل الذى أراد القصاص من قاتل أخيه إن قتله فهو مثله وفهم من هذه العبارة أنه مثله فى الإثم والعاقبة بينما المقصود أنه مثله فى الفعل فالأول قاتل والثانى قاتل ولكن الفرق أن الأول قاتل ظالم والثانى يريد القصاص العدل ....الخ ،والمحصلة النهائية لهذه الملاحظة أن الهزار لم يقصد به نقصان عقل المرأة ودينها وإنما هو النقص الشكلى الظاهرى كما هو نقص كيلو القطن عن كيلو الحديد مثلاً ،بدليل أن الحديث نفسه يصف النساء بأنهن يغلبن ذا اللب الحازم أى يغلبن ذا العقل الحازم ،فكيف بالله عليكم تنتصر المرأة ناقصة العقل على الرجل الحذر العاقل اليقظ إن لم تكن مثله على الأقل فى العقل والذكاء !!،& وبالطبع قول بعض المتاجرين بالإعجاز العلمى ممن يقولون أن مخ الرجل أثقل فى الوزن ممايدل على الذكاء الأعلى هو قول أقرب للتخريف والهراء منه إلى العلم الصحيح ،فهناك مهارات من الممكن أن تتفوق المرأة فيها على الرجل والعكس صحيح ولادخل للوزن فنحن لسنا فى مسمط بل فى كون يقيم البنى آدم بذكائه وقدرته على التكيف، ويتعامل مع السلوك وليس مع الميزان !،وبنظرة سريعة على قائمة أوائل الثانوية العامة فى السنوات الأخيرة وزيادة عدد البنات المتفوقات فى هذه القائمة عن الأولاد سنجد أن حكاية نقصان العقل هذه ستصبح مجرد نكتة .
·&&&&&&& من ملاحظات الدكتور محمد عمارة على هذا الحديث والتى لابد أن تؤخذ فى الإعتبار أن المناسبة تفرض شروطها وتفرض ألفاظها وأيضاً تفرض فهمنا له،فليس من المعقول أن تكون المناسبة مناسبة عيد ويكون التبكيت والغم والحزن هو المقصود ،والحديث يتحدث عن واقع محدد وحالة خاصة من النساء ،فمثلاً عندما يقول الرسول _صلعم_ "إنا أمة أمية لانكتب ولانحسب " هل هذا إقرار بواقع أم تشريع لعبادة؟ ، وهل من المعقول أن يطلب الرسول من أمته عدم طلب العلم ؟،بالطبع مستحيل أن نفهم هذا الكلام بهذه الصورة ولكنه مجرد وصف واقع قابل للتغيير والتطور ،وهكذا حال النساء اللاتى كان يخاطبهن ،هذا عن وصف الواقع أما عن الحديث كوصف حالة بعينها فتؤيده رواية أخرى للحديث تصف حالات خاصة لنساء بعينها يكفرن العشير حتى ولو أحسن هذا العشير إلي إحداهن الدهر كله ،أى أنه كان يقصد نسوة بعينهن حين كان يخاطبهن ،والسؤال هل لوقال الرسول عليه الصلاة والسلام كلاماً فيه زجر لبعض الرجال المنحرفين هل سيكون هذا إدانة لكل جنس الرجال ؟!،بالطبع لا ولذلك فطرح هذا الفهم من الممكن أن يوسع المفهوم ويلقى الضوء على تفسير أكثر إستنارة على هذا الحديث الذى تم إستغلاله أسوأ إستغلال .
·&&&&&&& الحيض لايمكن أن يعتبر نقصاً فى دين المرأة ،لأن الخالق عز وجل لايخلق إنساناً بصفة ما ثم يعايره بعدها بنفس الصفة التى هى من صنعه ،كيف يستقيم هذا مع صفة العدل ؟،إن الإفطار وعدم الصلاة وهى حائض رخصة والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، والمرأة إن أفطرت فى رمضان فهى تفطر بإذن ربها وشرعه وهى تستكمله بعد ذلك ،إذن صيامها يعتبر كاملاً غير منقوص ،مثلها مثل الرجل المسافر حين يفطر ،هل نعتبر إفطاره هذا نقصاناً فى دينه ؟،وكذلك الرجل الذى يعانى سلس البول ولايستطيع الوضوء مثلاً هل نعتبره ناقص الدين كما إعتبر المتزمتون الحائض ناقصة الدين ،ومن ترك عملاً غير واجب عليه لسبب ما لايمكن أن نعتبره مقصراً فى حق الله ولامخلاً بدينه ،فالرجل الذى ترك الزكاة لكونه فقيراً أو ترك الحج لكونه عاجزاً أو ترك الجهاد لكونه غير ميسور له لايكون دينه ناقصاً بتركه هذه الفرائض ،إذ أنه لم يتركها بإرادته وإنما تركها لأنه غير مأمور بها ،فدينه تام كامل عند الله إذا أتى ماأمر به الله من الواجبات التى يستطيع القيام بها ،وهناك نصوص كثيرة تؤكد على أن من ترك فرضاً لمانع خارج عن إرادته فإنه يكتب له ثواب ماترك من العمل وإن لم يعمله لأنه مريد لذلك العمل وجاهز للقيام به لولا ماحال بينه وبين فعله من العذر المانع ،فهناك قول الرسول "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ماكان يعمل مقيماً صحيحاً "،وأيضاً " من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه " ،وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم " إن بالمدينة لرجالاً ماسرتم مسيراً ولاقطعتم وادياً إلاكانوا معكم أو إلا شركوكم فى الأجر" ،هذه الأحاديث وغيرها الكثير تؤدى نفس المعنى الذى أكد عليه الرسول _صلعم_ حين قال " وإنما لكل إمرئ مانوى " وهو حديث يعتبر من قواعد الشريعة وأصولها ،وهذا التناقض بين تلك الأحاديث التى ذكرناها وبين حديث ناقصات عقل ودين جعل البعض يشكك فى الحديث نفسه مثل المفكر التونسى الطاهر الحداد والسودانى محمود طه و ماقرأته فى موقع التجديد على الإنترنت بقلم عبد البارى الزمزمى الذى قال أنه حديث ملتبس غير تشريعى وهو يعارض النصوص المحكمة التشريعية المسايرة لقواعد الشريعة ومنهجها الحكيم ،وإذا تعارضت النصوص الشرعية وتعذر الجمع والتوفيق بينها فلامناص حينئذ من ترجيح بعضها على بعض والأخذ بالراجح وترك المرجوح ،ولاريب أن أحاديث النية السالفة الذكر راجحة على حديث
&
&ناقصات عقل ودين وذلك لكثرتها ووضوحها ولكونها نصوصاً تشريعية ،ولذلك وكما قال الكاتب لابد أن نعتبر الحديث مرجوحاً أو موقوفاً لايفيد حكماً ولا يوجب عملاً .
·&&&&&&& كيف يستقيم هذا الحديث مع تحمل المرأة لمسئوليات بناء الأسرة عماد الحياة التى تحتاج عقلاً راجحاً غير ناقص ؟،وكيف يروى الأحاديث أكثر من سبعمائة إمرأة كما ذكر كتاب الطبقات، وأعتمد عليهم فى أمور دينى وهن ناقصات دين ؟!،وكيف أصف أمثال خديجة بنت خويلد طليعة الإيمان بالإسلام ؟،وكيف أصف سمية بنت خياط طليعة شهداء الإسلام ؟،وكيف أصف عائشة التى أمرنا الرسول أن نأخذ ديننا عن هذه الحميراء ؟! ....الخ ،هل يجرؤ أحد حاشا لله على وصف إحداهن بنقصان الدين ؟!،أما عن نقصان العقل بسبب مسألة الشهادة فهذا هو موضوعنا القادم بإذن الله .
&
&