"إيلاف" من أبوظبي: على الرغم من عدم صدور رد فعل إماراتي رسمي حتى اللحظة، إلا أن الصحف الإماراتية الحكومية والخاصة الصادرة صباح اليوم أبدت ارتياحها لإلقاء القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي استحوذت أنباء اعتقاله وسيرة حياته على معظم مساحات الصفحات الأولى والداخلية.. وفي حين حمّلت صحيفة الاتحاد الصادرة في أبوظبي الرئيس المأسور مسؤولية ما لحق بالعراق من خراب وتدمير وابتهجت بزوال جمهورية الخوف والرعب، فقد رأت كل من صحيفتي الخليج الصادرة في الشارقة والبيان الصادرة في دبي أن اعتقال صدام يصب في مصلحة الرئيس الأميركي جورج بوش ويعتبر بمثابة هدية انتخابية له، وإن كان في نفس الوقت هدية للشعب العراقي المظلوم، وطالبت الصحيفتان بسرعة زوال الاحتلال وعودة العراق لأهله ليبنوه من جديد.
فتحت عنوان " نهاية وبداية " قالت الاتحاد إن بين التاسع من أبريل 2003 والرابع عشر من ديسمبر 2003، ثمانية أشهر ختمت فصولا دامية في العراق امتدت لأكثر من نصف قرن، بدأت بمحاولة اغتيال فرد، وانتهت بعملية اعتقال فرد، خرج أشرا وبطرا، حرصا على الدنيا، ورغبة في التسلط، تسكع بوطنه الظلم، وتهور به مداحض الزلق، لم يمش القصد، ولم يقل الفصل، وحالف الهجر، ظن أنه لن يظفر به، إذا مد له في عنانه، حتى عثر في فضل زمامه .
وتابعت الصحيفة وصف صدام حسين بقولها: امرؤ لم يحز لسان رأسه، ولم ينتبه للحظه، ولم ينظر في يومه لغده، صم أذنه، وغم بصره، فأخذته العزة بالإثم، ضاربا بعرض الحائط كل النصائح والتحذيرات من شباك المصير المظلم التي حيكت له، قبل أن تتلف نفوس، ويقل عدد، ويدول عز، وقد حصل، إذ ظفر بصدام حسين داخل قبو منزل طيني وضيع في مزرعة بقرية الدوربالقرب من مسقط رأسه تكريت، وحيدا، مستسلما، مفضلا الحياة على الموت بشرف، مخالفا لما ظل يردده حتى عهد قريب، ومناقضا للصورة التي رسمها له أنصاره وأعداؤه على حد سواء، فظهر في مشهد سوريالي قلما يتكرر في التاريخ.
ورأت الصحيفة أن اعتقال صدام حسين على هذا النحو المدهش، يؤكد أن من ركن إليهم صرعوه، ومن وثق بهم خانوه، ومن أملهم كذبوه، ومن رجاهم خذلوه، وأثبت أن سلاحه رث وحديثه غث، قذف به التاريخ على حين غفلة، في أرض الرافدين، فانتهى هذه النهاية المذلة ليكون عظة وعبرة! ويا لها من نهاية أن يساق صدام حسين من مخبئه السري الى محبسه السري، مخفورا، حليقا، آمنا مطمئنا من غضبة شعبه إن ظفر به.
وختمت صحيفة الاتحاد بتأكيدها أن عملية '' الفجر الأحمر '' تؤذن لفجر جديد في العراق، منقى من هواجس وخيالات وأشباح جمهورية الخوف والرعب التي أقامها صدام حسين، وتدشن لمرحلة جديدة من المصالحة والمصارحة، لا تنظر إلى ما فات، وتتطلع إلى ما هو آت، وبناء العراق الجديد بسواعد جميع أبنائه وبناته، من دون إقصاء وتهميش لأي فرد منهم .
ومن جهتها وتحت عنوان " اعتقال صدام وتسريع التحرير " قالت صحيفة الخليج الصادرة في الشارقة أنه باعتقال صدام حسين من قبل قوات الاحتلال الأمريكية تطوى الصفحة الأخيرة من النظام السابق الذي سقط فعليا بين العشرين من مارس/ آذار يوم بدأت أمريكا غزو العراق والتاسع من ابريل/ نيسان 2003 يوم احتلال العاصمة بغداد.
ورأت الصحيفة أن هذا الحدث الذي كان متوقعا وقوعه في أي وقت منذ أن اختار رئيس هذا النظام وأركانه النجاة بأنفسهم فقط، ومن بعدهم الطوفان، الى حد عدم اطلاق رصاصة واحدة، حتى ولو كانت رصاصة الرحمة، يجب أن يكون في الآن نفسه محطة رئيسية للشروع في مجموعة خطوات لابد منها لإنقاذ العراق من المعاناة التي تهيمن عليه، بعدما انتقل من قبضة الاستبداد الى قبضة الاستعمار.
وأولى هذه الخطوات برأي الخليج هي وحدة العراقيين بجميع ألوان الطيف السياسي والطائفي والاثني والعقائدي، ودفن جميع المحاولات الشريرة التي تبذل من غير جهة لزرع الفتن وتفتيت الشعب العراقي ليسهل من ثم تفتيت العراق الى أجزاء متناثرة يسهل ابتلاعها. وثانية هذه الخطوات أن يلتف جميع العراقيين على هدف لا منجاة لوطنهم من دونه وهو تسريع جلاء الاحتلال، بعدما أدى اعتقال صدام وطي صفحة نظامه الى سقوط آخر الذرائع التي كان الاحتلال يستخدمها لتبرير بقائه، من خلال الادعاء أنه باق لمنع عودة صدام الى الحكم. وثالثة هذه الخطوات أن المقاومة العراقية للاحتلال يفترض أن تتحرر، من الآن فصاعدا، من عبء نسبتها زوراً الى صدام وبقايا نظامه، وأن تكون مقاومة عراقية حرة لها هدف وحيد هو تحرير العراق، وتكون بالتالي منزهة عن كل ما يحاولون إلصاقه بها من أوصاف وتبعيات وأغراض لاتخدم العراق ولا العمل لاستعادته حريته.
وأكدت الخليج أن اعتقال صدام يجب ألا يكون مفاجئا لأحد، بخاصة بعد الانهيار المفاجىء لنظامه بعيد الغزو بقليل، وكذلك السقوط السريع والمفاجىء أيضا لعاصمة الرشيد بعدما آثر النظام تخليص نفسه فقط وعدم الدفاع عنها. لكن ما سيكون مفاجئا أكثر هو أن يتمسك الاحتلال بالبقاء الطويل وتأخير تسليم العراق للعراقيين، لأهداف لم تعد تخفى على أحد، تتلاقى فيها المصالح الأمريكية والصهيونية، وتغيب عنها مصالح العراق والعراقيين.
وتابعت الصحيفة قولها إن قائد قوات الاحتلال في العراق الجنرال الأمريكي ريكاردو سانشيز قال في نهاية مؤتمره عن اعتقال صدام "ليبارك الله أمريكا"، ورئيسه جورج دبليو بوش قال عن يوم اعتقال صدام انه "يوم عظيم".. لأمريكا طبعا، وتحديدا لإدارته التي ستستخدم معاناة العراق واعتقال صدام ورقة رئيسية تريدها رابحة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وختمت الصحيفة افتتاحيتها بتأكيدها أن ألسنة العراقيين تلهج بعبارة "ليبارك الله العراق"، في انتظار يوم العراق العظيم وهو يوم فك أسره من نير الاحتلال.
أما صحيفة البيان الصادرة في دبي فجاءت افتتاحيتها تحت عنوان : "سقوط صدام هدية لبوش"، مؤكدة أن السقوط المفاجئ والمدوي للطاغية العراقي صدام حسين جاء بمثابة هدية غير متوقعة للرئيس الأميركي جورج بوش، في وقت استحكمت حلقات أزمة ادارته وباتت تهدد انطلاق حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية. فباعتقال صدام يبدو أن بوش قطع نصف الطريق في مضمار السباق الانتخابي قبل أن يبدأ رسميا، وارتفعت أسهم فوزه برئاسة ثانية، بعد ان بلغت حملة معارضيه ذروتها، تأسيسا على تخبط سياسات الحرب وفشل المخابرات في معلوماتها التي سبقت لتبرير الحرب، وما تبعه من الفشل المدوي في العثور على أسلحة دمار شامل، الأمر الذي دمر مبررات شن حرب على العراق من أساسها.
وتابعت الصحيفة قولها: الآن وبعد ان أصبح صدام في قبضة القوات الأميركية بطريقة سلسة ومفاجئة وبصورة لم يقترب منها خيال أشد المتفائلين على ضفة القيادة العسكرية الأميركية، الآن وبعيدا عن المصير الذي ينتظر صدام حسين بالمثول أمام محكمة جرائم حرب عراقية أو أميركية أو دولية، أصبح متاحا لبوش أن يتباهى بالهدية التي تلقاها بنبأ سقوط صدام، كأحد أبرز نجاحات القوات الأميركية بعد شهور من الاخفاقات وارتفاع الخسائر في صفوف الجنود الأميركيين خلال عمليات للمقاومة العراقية.
ورأت أن السقوط المفاجئ لصدام يطرح تساؤلا حول المقاربة والتشابه لحد التطابق مع سقوط بغداد، فلقد سقط صدام في قبضة قوة أميركية داهمت ملاذه الآمن في قرية الدور قرب مسقط رأسه تكريت طبقا لمعلومات مخابراتية مجهولة المصدر، وهو أمر يذكر بروايات الصفقات المشبوهة والسرية لقيادات المخابرات والحرس الجمهوري العراقي التي جعلت من سقوط بغداد لغزا لم تفك كل طلاسمه حتى الآن.
ومثلما يمثل سقوط صدام المفاجئ والمدوي هدية لبوش يمثل أيضا هدية للشعب العراقي، الذي تخلص من عبء اضافي كون صدام ظل طليقا طيلة الفترة التي أعقبت سقوط بغداد، فحدثت الفوضى والتشويش وانتعشت لعبة خلط الأوراق، وتوفرت الذرائع للتسويف وتأجيل منح العراقيين حقوقهم. فالآن وبعد سقوط صدام لم يعد هناك مبرر للتقاعس عن استعادة العراق لهيكل دولته وجيشه ودستوره وحريته وديمقراطيته ومؤسساته.
وخلصت البيان للتأكيد على أنه أصبح الآن من حق الشعب العراقي ان يفيق من هول الحرب على صوت السلام والتصالح، وأن يستعيد لحمته الوطنية، دون ثارات أو احقاد عرقية أو طائفية، لا فرق بين عربي وكردي او شيعي وسني فالكل عراقيون في وطن محرر موحد متمتع بثرواته وسلامه، وعودته كرقم لا يختزل في المعادلة العربية والاقليمية.