"إيلاف"من برلين : مقارنة مع موقفها قبل شهر فقط يمكن القول إن حكومة برلين لم تعد متمسكة جدا بمبدأ ربط شطبها لجزء من ديونها المترتبة على العراق بتشكيل حكومة مدنية عراقية. ويلمس المتتبع للموقف الألماني أيضا مدى تراجعه، فبعد الحرب مباشرة وضع المستشار الألماني غيرهارد شرودر شروطا للمشاركة في إعادة تعمير العراق وحل قضية الديون العراقية والمشاركة العسكرية الفعلية في استتباب الأمن بإنهاء الاحتلال الأمريكي وإشراف العراقيين على إدارة بلدهم.
وعندما التقى أمس الموفد الخاص الأمريكي جيمس بيكر أكد شرودر أن بلاده لن تقدم فقط على إعادة جدولة ديون العراق البالغة 4،4 مليار دولار إضافة إلى مليار ونصف مليار دولار للقطاع الصناعي ، بل هي على استعداد لشطب جزء منها كمساهمة بناءة لتعمير العراق. وسوف يوقع في عام 2004 خلال اجتماع النادي الباريسي اتفاق بين العراق والبلدان الدائنة لحل قضية الديون.
لكن لكل شئ ثمنه إذ تجرى في هذه الأيام خلف الكواليس محادثات بين واشنطن وبرلين تتعلق بالعقود الدسمة لإعمار العراق وتهدئة غضب القطاعين الصناعي والاقتصادي الألماني نتيجة تصريح نائب وزير الدفاع الأمريكي فولفوفيتس واستبعاده ألمانيا عن القائمة التي استعرضها وتشكلت من 61 دولة للمشاركة في تعمير العراق، رغم أن حصة الأسد من المشاريع ستكون للشركات الأمريكية (90 في المائة من حجم العقود) .
ودعم الموقف الألماني إظهار هيفاء حمد المسؤولة عن الاستثمارات في وزارة الصناعة العراقية اهتماما كبير بمساهمة المستثمرين الألمان والفرنسيين في العراق. فالصناعات الألمانية كما قالت ليست غريبة عن العراقيين إضافة إلى وجود ورش صغيرة تعمل على مبدأ الصناعات الصغيرة الألمانية. واعترفت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية في برلين أن المشاركة الألمانية لن تكون مباشرة بل عبر عقود من الباطن.&
وأول عقد سيكون مع شركة سيمنز لبناء شبكة للهواتف النقالة في شمال العراق، إلى جانب عقد آخر بقيمة مائة مليون دولار من أجل بنائها محطة توليد الطاقة الكهربائية في مدينة كركوك وسوف تمنح الحكومة الألمانية ما يسمى بضمانات هرمس المالية للمشروعين.
&في المقابل ترفض هذه الشركة التعليق على المشروعين لأنهما كما قال ناطق باسمها من المشاريع القديمة ولا يخصان البرنامج الأمريكي لإعادة تعمير العراق. لكن ستدخل الشركات الألمانية إلى المشاريع العراقية من الشباك وليس عن طريق العقود من الباطن ،أي عبر فروعها في الولايات المتحدة التي لم تؤسسها بدون فائدة وتلعب دورا مهما عند الحاجة مثل شركة هوخ تيف للبناء التي سوف تحصل عبر فرعها الأمريكي ترنر على بعض العقود ، كذلك فرع شركة بيلفينكر الألماني لبناء الجسور.