نضال حمد&
&
&
عرض صور صدام حسين معتقلا و بالطريقة الهوليودية التحقيرية التي عرضت بها يعتبر عملا ينتهك حقوق البشر في زمن الحرب والاحتلال، كما انه بالتأكيد عملا مخالفا للقانون الدولي ولحقوق الانسان والبشر. و قد صدق الكاردينال ريناتو مارتينو رئيس دائرة العدل والمساواة في الفاتيكان عندما وصف "عرض صور فيديو تظهر صدام حسين وهو يعامل معاملة البقر لا البشر"، وهذا الوصف للكاردينال يعبر حقيقة عن غضب البشر وتقزز بني آدم في العالمين من تلك الوقاحة وذاك الصلف الأمريكي في التعامل مع أسرى الحرب الذين يعادون الولايات المتحدة الأمريكية. كما قامت القوات الأمريكية في بعض المدن العراقية باطلاق النار على المتظاهرين الذين خرجوا يعلنون تأييدهم للرئيس المعتقل صدام حسين وقد التقطت الكاميرات التلفزونية تلك المشاهد في الرمادي وتكريت والفلوجة والموصل وسامراء وكذلك في بغداد نفسها، حيث كانت تجري كذلك مظاهرات ترحب باعتقال الرئيس المخلوع ومنها من كان يطالب بموته واعدامه، والانتقام منه ومن اعماله. وهنا يتضح صدق مقولة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني الذي اعتبر ان احتلال العراق دون موافقة الأمم المتحدة يعتبر حربا غير عادلة، وأن احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها يعتبر إذعانا لأغراء استخدام قانون القوة بدلا من قوة القانون. وبنفس تلك السياسة تواصل الأمم المتحدة عجزها والولايات المتحدة تسلطها وهيمنتها على الدول والأمم، ويكون العرب على رأس ضحايا مشروع السيطرة الأمريكية التوسعي على مقدرات العالم.
لقد سألت نفسي عن سر تلك الطريقة المعيبة والمخزية التي أظهرت بها الولايات المتحدة الرئيس المعتقل صدام حسين، صحيح ان الرجل كان حاكما صارما و دمويا في تعامله مع أعداءه ومعارضيه وأنه كان عدوا لدودا لأمريكا بعدما افترقت طريقه عن طريق الأمريكان الذين ساعدوا البعث في الاستيلاء على السلطة في العراق في الستينات وكانوا حلفاء لصدام حسين في الثمانينات، وقد وصل التحال بين الطرفين ذروته اثناء الحرب بين العراق وايران، لكنه بدأ يتراجع وتحول فجأة لصراع بين الطرفين أدى لاجتياح الكويت واحتلالها، ثم لحربي الخليج الأولى والثانية اللتين أطاحتا بنظام صدام حسين وجعلتا العراق بلدا محتلا من قبل أصدقاء وحلفاء اسرائيل وأعداء الأمة العربية. وقلت في قرارة نفسي لعل الرؤساء العرب يفكرون الآن بما حل بزميلهم وبمصير صدام حسين الذي كان مثلهم في وقت ما حليفا لأمريكا وحاكما عربيا من الذين حكموا بلادهم بالشعارات القومية والاسلامية، وهو على الأقل قال لا لأمريكا ونعم لمواجهتها، بينما بقية الحكام العرب لا لمواجهة أمريكا ونعم للعمل تحت عباءتها وبأمرتها وكما تريد وكيفما تريد. لكن حتى الولاء الكامل لأمريكا له أوقاته وزمانه ثم تدور الدائرة وتعود فيقع الموالون لأمريكا في قبضة قوانين الغاب الأمريكية، ويومها سوف نراهم كلهم بنفس المظهر والهيئة التي رأينا فيها الرئيس العراقي المعتقل صدام حسين، هيئة رجل منهك رث مريض منكسر مهزوم بائس وشبه ميت، لكن هل هذا هو صدام حسين فعلا؟ فهناك من يقول ان الرجل ليس كذلك وأنه قد يكون جرى تخديره او استعمال غازات معينة ومواد أو أدوية خاصة في عملية اعتقاله واستجوابه، خاصة اننا لم نسمع اية كلمة من صدام حسين، وكل ما سمعناه كان على ألسنة الأمريكان واعضاء مجلسهم الحاكم في العراق. لا بد أن في هذه القضية شيء ما خفي سوف تظهره الأيام القادمة.
على كل حال ليس في هذا العالم ما يجعلنا نتأمل الكثير من دولة عظمى لا تحترم القانون الدولي وتمارس اعمالا مخالفة للقوانين والاعراف الدولية، فمجرد التفكير بقضية عرض صور صدام الالستعراضية المحبوكة والموجه لجرح كرامة ومشاعر ملايين العرب والمسلمين الذين منهم من اعتقد عن قناعة أن صدام حسين زعيم وقائد عربي مجاهد ومنهم من آمن بأن الرجل مجرد وقوفه بوجه العنجهية الأمريكية يجعله بطلا قوميا، لذا لا يوجد ما يدعونا لترديد شعارات القانون الدولي فالقانون للقوي ولا مكان للضعيف في زمن قوة السلاح وغياب قوة القانون والعقل والأخلاق الانسانية.
معاملة صدام التي كانت اشبه بمعاملة البقر لا البشر و سوف تبقى تتردد أمام أعين الناس كحالة عدوانية على حرمة الشخص واعتداء على انسانية البشر وانتهاك لحرمات القانون الدولي والبشري، فهل هذا كافٍ للعرب حتى يعوا أن حكامنا من ورق وأسياد حكامنا من رجس. ثم ما الذي يضمن أن لا يكون صدام حسين مسجونا الآن في اسرائيل أو غوانتانامو حيث يعامل الأسرى معاملة الحيوانات ويوضعون في الأقفاص، ولن يكون مصير ايٍ منهم في المستقبل أفضل من مصير الرئيس العراقي صدام حسين لأنهم ليسوا أحسن حالا منه ولن يكون مصيرهم أفضل من مصيره يوم تقع الواقعة.
التعليقات