&سامي السكندري
&
&
تنقسم ردود فعل الاقباط المصريون على ما يمسهم من تمييز وهضم للحقوق الانسانية والدستورية، الى عدة صور لم يرق أى منها بعد الى حدود العقلانية والواقعية السياسية، سواء منهم أقباط الداخل الواقعين تحت ضغط رأى عام شعبى أختطفه المتأسلمون تحت شعارات يجد فيها الغوغاء تنفيس للضغوط السياسية والاجتماعية وبالاكثر الاقتصادية التى يعانون منها يوميا، لممارسة العنصرية وشعور كاذب بالعلو الطبقى تجاه مواطنيهم الاقباط، وهو الشعور الذى يتسلل كثعبان خبيث الى رموز من الطبقة المتوسطة كالمديرين وشاغلى الوظائف القريبة من العليا كأساتذة الجامعات ورؤساء الاحياء وأصحاب الاعمال المتوسطة ومأمورى أقسام الشرطة وكتائب الجيش حتى نصل الى اعتاب المحافظين ورؤساء المحاكم والمحليات، ورؤساء تحرير الصحف.
يقابل أقباط الداخل ما يقع عليهم من مظالم بأحدى صورتين، إما بالبكاء واجترار الاحزان واستدعاء ذكريات عصور اضطهادات أسوأ وأمر منذ اضطهادات الرومان مرورا باضطهادات الأمويين والفاطميين والاخشيديين والترك والمماليك، والتمسك بخزعبلات معجزة وظهورات لقديسين يعلم الله مدى صحتها، و بالرجاء والأمل فى تدخلات خارجية من أقباط المهجر والدول التى يعيش فيها أولائك لممارسة ضغط وتوفير تمويل يعوض لهم بعض خسارتهم. وإما(الصورة الأخرى لرد فعل أقباط الداخل) محاولة الاستفادة الشخصية مما جرى بانكار حدوثه أو بتخفيف وقعه وأحيانا بإلقاء التبعة على الضحايا أنفسهم كنوع من لعق الأحذية وتملق الحكام لتخفيف أى ضغط محتمل عليهم، ويكون جزاء هؤلاء شهادة دكتوراة فى الشريعة الاسلامية عادة، ومركز هنا أو هناك فضلا عن استضافتهم على صفحات الجرائد والبرامج الاذاعية والتلفزيونية (طبعا) بشرط أن يرددوا ماسبق من مداهنتهم للنظام.
أقباط المهجر أيضا يعالجون الحوادث التى تمس حياة أقباط الداخل بإحدى صورتين كلاهما غاية فى التخلف وقصر النظر، الأولى بالعصبية الشديدة والتهويل واستعمال كافة آليات الديمقراطية فى بلدانهم-والتى تتيح مثلا للقبطى الامريكى أن يقابل رئيس الولايات المتحدة الامريكية شخصا بشخص أو على الأقل من يمثله- فضلا عن الاعلام والصحافة للتشنيع ليس فقط بالفعل أو بالمسؤل المباشر عنه، وانما بالتصويب مباشرة الى القلب، قلب النظام الذى هو رئيس الدولة أو فى أفضل الأحوال الدائرة الضيقة المحيطة به، وهذا التصرف فضلا عن سذاجته فى التعويل على الضغط الخارجى لتغيير سياسات شبه عامة كما أوضحنا، ينطوى على مراهنة ضيقة لا شك فى خسارتها حتى لو أدت الى اجراءات وقتية سطحية لازالة واقعة أو وقائع معينة تكون هى محل الشكوى، طالما لا تؤدى الى تغيير فى آلية التصدى للوقائع المؤسفة التى-مع رد فعل كهذا- سوف تظل تتكرر الى ما شاء الله.
والصورة الأخرى هى الخلط بين محاولة اصلاح العلاقة بين طرفى الأمة والدفاع عن حقوق المواطنة الكاملة للأقباط وبين نداء الانتقام لما حدث أو يحدث من اعتداءات على حقوق الاقباط فى الداخل، والتى تصبح هى نفسها وقودا للانتقام المقابل من مشعلى الفتن، وتتوفر بذلك حجة للمتأسلمين لمزيد من استقطاب الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة لمشروعهم العنصرى فى الفصل بين المواطنين على حسب الدين والمعتقد.
الحل الوحيد فى رأيى هو استعمال الحد الاقصى من الآليات الداخلية المتاحة للدفاع عن حقوق الاقباط كحق التقاضى مثلا والذى لا أعرف لماذا لم يستغل حتى الآن استغلالا صحيحا، ولماذا لا تتبنى هيئة مختصة كمركز الكلمة أو أى منظمة لحقوق الانسان مثلا توفير مؤسسة قانونية-لا تكون بهدف الربح- تتولى رفع القضايا للمطالبة بحقوق الأقباط المنصوص عليها فى الدستور والقانون والاتفاقات الدولية الموقع عليها؟؟؟ كما تتولى فى الوقت نفسه الاعلان عن كل تمييز صارخ ضد المواطنين الاقباط وفضح القائم به والمسؤول عنه بالاسم والصفة، وتوجيه نظر السلطات القائمة على أعلى مستوياتها لما يجرى، فحتى لو كانت تعرف فسيصعب عليها التجاهل.
أيضا استعمال آليات الخارج-أقباط المهجر- لكن بحساب دقيق وبقيادة رشيدة موحدة، تتحرك عند اللزوم وبحسب اللزوم، لا تتغاضى ولكن ايضا لا تبالغ، وتنزع من قاموسها واهدافها حب الظهور وتتبرأ من أى شبهة للإنتقام.
تبقى كلمة أخيرة لاصحاب مقاعد مجلسى الشعب والشورى الاقباط، إن تكلم احدكم للدفاع عن حقوق الاقباط فأقصى ما تغامرون به صفتكم التمثيلية، فهل يستحق ذلك الكرسى أن تصمتوا على ظلم يقع على بنى وطنكم مسلمين أو أقباط؟؟؟أليس من العار عليكم أن أفاضل المسلمين هم الذين يعول عليهم فى الدفاع عن ابناء جلدتكم؟؟؟&


&
واشنطن