"ايلاف" من لندن: تستطيع خزنة معلومات "إيلاف" أن تؤكد من مصادر ذات علاقة بالقرار الملكي الهاشمي في عمان عاصمة الأردن أن الوثيقة التي قيل أنها رسالة مكتوبة بخط يد رسول الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى إمبراطور الروم هرقل داعيا إياه وناسه إلى اعتناق الدين الجديد كان اشتراها الملك الهاشمي الراحل الحسين بن طلال في منتصف السبعينات عبر اتصالات مع مدعين لمالكين لها، وعرضت في مزادات علنية لا ترقى إلى مرتبة الرسالة الخالدة إسلاميا، من بعد أ ن تأكد للملك أنها الوثيقة الأصل الرسول.
وكشفت مصادر قريبة من قرار الهاشميين أن الرسالة مثار الكلام والجدال ، صارت ملكا للهاشميين من بعد مبادرة من عاهل الأردن الراحل الحسين بن طلال في منتصف سبعينات القرن الماضي إذ اشتراها عبر علاقات مع مالكيها الأصليين.
وخلافا لكل الوثائق البريطانية عن الرسالة النبوية المحمدية إلى هرقل الروم، وهي نشرت على نطاق واسع، وفيها مغالطات كثيرة من مراسلات دبلوماسية موجودة في الأرشيف الوطني البريطاني، فإن الرسالة النبوية موضع التقارير، كان اشتراها الملك الهاشمي الراحل الحسين بن طلال الذي توفي في العام 1999.
وقالت المصادر وثيقة الصلة بالقرار الهاشمي في عمان "رسالة رسول الأمة العظيم محفوظة عندنا منذ السبعينات من القرن الماضي، وهي محفوظة في أياد مؤتمنة عليها".
وما تعرفه خزنة "إيلاف" هو أن رسالة الرسول كانت مودعة على شكل أمانة لدى واحدة من زوجات الملك الهاشمي عبد الله الأول مؤسس الكيان الأردني وهي الملكة ناهدة التي لم يكن يعترف بها أحد من الحكام الهاشميين، وهو أودع وصية عبر رسالة إليها طالب ألا تفتح إلا بعد مماته نصحها فيها "ألا تبيع هذه الوثيقة الذخر من بعد أن يموت إلا لملك عربي مسلم في وقت الشدة".
يذكر أن ناهدة كانت واحدة من محظيات القصر الهاشمي في الحجاز واسطنبول واقترن بها الملك عبد الله الأول، ولم ينجب منها أى ولد ، وكانت تلك الوصية مقادير عيشها حين غادرت الأردن بعد اغتيال الملك عبد الله أمام بوابات الحرم القدسي الشريف في العام 1951.
ولكن في السبعينات من القرن الفائت، فاجأ الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال في بيان رسمي، عبر كلمة ظهر فيها على التلفزيون المحلي معلنا حيازة أهم ذخر تاريخي للأمة الإسلامية وهي رسالة نبي الإسلام إلى هرقل إمبراطور الروم وهي القوة الثانية بعد إمبراطورية فارس على الكتف الشرقي التي أطاحها الإسلام أيضا في حرب ضروس.
وفي تلك الأثناء تواردت معلومات في العاصمة الأردنية تقول إن الملك الأردني الحسين بن طلال آنذاك، علم بمشروع بيع الرسالة النبوية، لزعيم عربي، وكانت المعلومات تقول إنه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فما كان منه إلا أن طار إلى عاصمة أوروبية قد تكون لندن أو مدريد وحصل على الرسالة بثمن باهظ ليعود بها إلى بلده معلنا حيازته لها، وقال "رسالة نبي العزة والإسلام ستظل في أيد أمينة، وهي أيادي آل البيت".
وحين إعلانه تحصيل الرسالة بين يديه، في منتصف سبعينات القرن الفائت، فإن الملك الهاشمي الراحل، أعلن بناء قصر الهاشمية المطل على جميع جبال العاصمة الأردنية لتكون المكان المرموق لحفظ رسالة رسول الإسلام فيه ذخرا للأمة ماضيا وحاضرا ولأجيال تأتي.
ومعلومات خزنة "إيلاف" من مصادر قريبة من عائلة الحكم الهاشمي في عمان، تنفي ما تردد في الصحافة البريطانية خلال أسبوعين من أن رسالة الرسول الأعظم بيعت إلى رجل غامض خارج المزاد العلني (سوذبيز).
كما أنها تنفي أيضا أن الرسالة المكتوبة بخط يد النبي العربي كانت تملكها أرملة الملك فيصل الثاني آخر الملوك الهاشميين في العراق، إذ كان الملك الراحل أعزبا إلى لحظة قتله بالرصاص يوم 14 تموز العام 1958 مع كل العائلة الملكية في العراق.
وقالت المصادر القريبة من الهاشميين "نعم الملك الراحل الفتى لم يكن متزوجا ولكنه كان مرتبطا بعلاقة مع إحدى قريباته انتظارا لعقد قرانها غداة مقتله من دون الارتباط بها، وهي أميرة تنتمي إلى أصول وانساب هاشمية كانت تعيش في تركيا، ولكننا لا نعتقد أن هذه الفتاة كانت تمتلك في حوزتها رسالة نبي الأمة الموجهة إلى هرقل إمبراطور الروم".
وكانت معلومات صحافية بريطانية، استندت إلى وثائق في الأرشيف الوطني رفعت عنها السرية نهاية الأسبوع الماضي أن حكومة رئيس الوزراء ادوارد هيث، بحثت إمكانية شراء رسالة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الى قيصر الروم، وإهدائها إلى المملكة العربية السعودية، لتحسين العلاقات بين لندن والرياض، وكسب موقف السعودية، ضد التهديدات العربية بفرض حظر نفطي على الدول الغربية.
وقالت الوثائق البريطانية، ان وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت السير انتوني بارسونز، لاحظ ان رسالة الرسول وكانت تملكها أرملة الملك فيصل الثاني (ملك العراق)، معروضة للبيع في مزاد علني لدى مؤسسة (سوذبيز) في لندن، ففكر في أن تشتريها الحكومة البريطانية لكي تقدمها هدية إلى الملك فيصل بن عبد العزيز ـ عاهل المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت.
وقالت الوثيقة إن مسؤولي إدارة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية أيدوا الفكرة، لكنهم قرروا استبعاد الاقتراح، على أساس انه لو ثبت ان الرسالة المنسوبة إلى الرسول حقيقية، لاضطرت الحكومة إلى دفع ثمن كبير لها، وهو ما لم تكن هناك اعتمادات مالية له.
وكان اللورد كير ـ خبير المخطوطات القديمة، ورئيس قسم الكتب النادرة في مؤسسة (سوذبيز) ـ قد اتصل بوزارة الخارجية واقترح ان تشتري الحكومة الرسالة المخطوطة، التي عرضت للبيع في شهر نوفمبر عام 1973، بعد شهر من حرب اكتوبر في ذلك العام، وتسارعت الأحداث بعد ذلك بفرض الحظر النفطي ضد الدول الغربية.
وكتب السير انتوني بارسونز، في الوثائق السرية، يقول: "نخشى ان يشعر الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز بإهانة، إذا ما تلقى رسالة مقدسة على هذا النحو، من أيدي اولئك الذين يراهم كفارا، وربما يشعر المصريون بالغضب، اذا ما أحبطنا جهودهم للحصول على هذه الوثيقة المهمة، فالحكومة المصرية تبذل كل ما تستطيع من اجل الحصول عليها". كما كانت هناك مخاوف من ان "السعودية يمكن أن ترى في ذلك محاولة لتقديم رشوة لها".
ونشرت صحيفة "الفنون القديمة" في عددها الأخير، أن "الرسالة النبوية بيعت في النهاية إلى مشتر غامض لم يعلن اسمه، ولكن ليس عن طريق مزاد مؤسسة "سوذبيز" وإنما عن طريق صفقة خاصة.، وهذا المشتري قد يكون الملك الراحل الحسين بن طلال"، وبهذا تكون الرسالة آلت إلى ما كان وعد به ملك الأردن الراحل إلى مكان آمن.