موفد " إيلاف" إلى المنامة (البحرين): ينزل اليوم إلى الأسواق العدد الأول من يومية جديدة أطلق عليها اسم "الميثاق" لتصبح بذلك رابع يومية صادرة في اللغة العربية في البحرين. وتصدر في البحرين ثلاث صحف هي "الأيام" و"أخبار الخليج" و"الوسط"، إضافة إلى يوميتين بالإنجليزية "ديلي نيوز" من دار أخبار الخليج و"بحرين تربيون" من دار الأيام.
وتأمل الصحيفة الجديدة في أن تشكل إضافة للمشهد الإعلامي في هذا البلد الذي تدور فيه الآن نقاشات خصبة حول الأوضاع السياسية خصوصاً مع تزايد أعداد المتعلمين وأجواء الانفتاح والحرية. وتتعاطى الصحف البحرانية مع القضايا الداخلية كأولوية. تبعاً لذلك فإن درجة إقبال القراء على صحيفة ما يبدو متوقفاً على مدى توسعها في تناول الشأن المحلي.
تتباين الأمور المحلية من انتقاد واستجواب بعض الوزراء في البرلمان ومناقشة قضايا الفساد المالي لتصل إلى ملامسة مسالة تأسيس الأحزاب وأجراء تعديلات دستورية حيث تطالب جمعيات، هي في الواقع أحزاب سياسية في وضعية "تورية"، "اقتصار سلطة التشريع والرقابة على مجلس يتكون من ممثلي الشعب المنتخبين" كما جاء في عريضة يتم تداولها هذه الأيام.
ثمة ثوابت لا يجادل أحد حولها ومنها مسألة الملكية الدستورية وقبول "ميثاق العمل الوطني" بيد أن هناك قراءات متعددة ومتباينة للنصوص. هناك غلاة وثمة معتدلون لكن كل شئ في إطار "العقلانية البحرانية".
الواضح أن اسم الصحيفة الجديدة يحيل على "ميثاق العمل الوطني" بيد أنها تطمح للتفاعل مع محيطها الخليجي والعربي. وتبذل إدارة الصحيفة جهداً لجذب كفاءات صحافية من خارج البحرين. ويتردد هنا أنها بصدد التعاقد مع صحافي لبناني لإدارة التحرير.
رغم أن رئيس التحرير يجب أن يكون من "المواطنين" فإن صيغة مماثلة لتلك الصيغة التي وجدتها صحيفة " ديلي نيوز" ربما سيتم تطبيقها . حيث يتولى أنور محمد عبد الرحمن وهو رئيس تحرير " أخبار الخليج "منصب" رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير المسؤول ، في حين يتولى جورج وليمس رئاسة التحرير.
النفحة الإنجليزية تبدو واضحة في شكل ومضمون " ديلي نيوز" التي تصدر على غرار صحف التابلويد البريطانية . إذ اختارت الصحيفة على سبيل المثال عنواناً من كلمة واحدة حول موضوع تعذيب الأسرى العراقيين في سجن " أبو غريب" يقول " مشمئز" .
لعل من المفارقات كذلك أن الصحيفة التي تصدر اليوم حيث يغادر آخر المشاركين في "ملتقى البحرين أصيلة " المنامة اختارت شكل اللوغو على غرار صحيفة مغربية توقفت عن الصدور منذ حوالي خمس سنوات. وهي صحيفة "الميثاق الوطني". وكانت تلك الصحيفة صدرت في أيار (مايو) عام 1977.
اعتبرت آنذاك نسخة مغربية من صحيفة "جو انفورم" الفرنسية التي كان يقف وراء صدورها الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان وأطلقت لتنافس صحيفة " لوموند " الفرنسية لكنها أخفقت في قضم حصة من سوق القراءة في فرنسا فماتت وفي فمها ملعقة من ذهب.
أما "الميثاق الوطني" وكانت صحيفة حزبية فقد صدرت لتنافس الصحيفتين الأساسيتين في المغرب آنذاك وهما " العلم " و" المحرر" . وبدأت الصحيفة قوية عند انطلاقتها لكن مغادرة صحفيين مهنيين لأسباب متباينة أدى إلى إضعافها إلى أن أفلست وتراكمت ديونها وانتهت كنشرة حزبية بئيسة .
يقول صحافيون بحرانيون إن "الميثاق" ربما تحاول منافسة " الوسط " التي يعتقد على نطاق واسع إنها تعبر عن "توجهات شيعية". هذا الأمر يبدو نظرياً إلى حد ما. إذ أن العمل في هذه الصحيفة أو تلك في البحرين لا تحكمه تصنيفات مذهبية.
واللافت للانتباه في صحافة البحرين هو الاهتمام بالجوانب الثقافية . خلال "ملتقى البحرين أصيلة" كانت صحيفتا "الأيام"&و"الوسط " تتنافسان تنافساً ملحوظاً حول تغطية الأنشطة . لكن مجموعة شابة من محرري الثقافة يعملون مع " الأيام" كانوا أكثر حماساً.
ثمة مسألة تبدو محيرة. لا أحد في البحرين يستطيع أن يجيب على السؤال المتعلق بأرقام توزيع الصحف.
هناك متفائلون يقولون إن توزيع الصحف الثلاثة في حدود 100 ألف . أي أن ربع سكان الجزيرة يقرأون . متشائمون يقولون إن العدد في حدود 25 ألف قارئ.
الحقيقة التي تبدو ماثلة للعيان أنه حيث ما ذهبت تجد الصحف البحرانية . الناس يقرأون لكن كم عددهم ؟ لا يتوفر رقم حقيقي.
تبقى مسالة تتعلق بالمضمون. المعالجات الإخبارية يعوزها الكثير. الحوارات شحيحة. لكن ثمة كفاءات ملفتة.
الصحافة البحرانية: صحافيون أكفاء وصحف تبحث عن المهنية والعمل الاحترافي.
هكذا بدت لي الأشياء.