محمد قاسم
&
&
&
منذ شهرين ولون الخط الاحمر الذي خطه السيد السيستاني يبهت كلما زاد الدم في المثلث الشيعي نزيفا. فمحيط المدن المقدسة خط احمر حسب بيان السيد السيستاني ناهيك عن الاضرحة والمساجد في تلك المدن. لكن مالذي حصل؟
عكفت القوات الاميركية منذ سطوع نجم السيد السيستاني على تتبع خطواته وردود فعله تجاه الاحداث في العراق ومدى امتثال واحترام الشيعة له فوجدوا له هالة واحترام كبيرين اتضحتا من تمسك الخط الشيعي العلماني والاسلامي في مجلس الحكم بالرجوع اليه في القرارات المستقبلية الاستراتيجية. وقد امتثلت لمطالبه اميركا حين اصر على مشاركة الامم المتحدة في اهلية البلد للانتخابات الان او عدم اهليته على ان تشرف الامم المتحدة على اختيار الحكومة العراقية المؤقتة التي تلي تسلم السيادة من قبل العراقيين.
لكن اميركا التي اضطرها ذلك الرجل الزاهد المنزوي في بيت مستأجر في احدى حارات النجف الضيقة بيتت له بأن تسحب البساط المقدس من تحته. وهو ماحصل.
فراحت تستفز السيد مقتدى الصدر الذي كان يشكل ازعاجا لها لكنها كانت تصر على عدم التصادم معه بانتظار فرصة تتخلص به ومنه من الخطر الشيعي الذي اخذ يتزايد مع الزمن بفعل التهميش وتفاقم البطالة بين ابناء المحافظات الشيعية الفقيرة اقتصاديا.
فحصل ان استفزت السيد مقتدى الصدر واوصلت هذا الاستفزاز الى التصادم المسلح الذي كلما نجحت وساطة في تهدئته تعيد تفجيره متجاوزة في ذلك كل الخطوط الحمراء التي وضعها السيد السيستاني تجاه المدن المقدسة مسربة الى المقربين منه ان الامر ليس سوى فرصة للتخلص من منافس له في قادم الايام، دون ان ينتبه الى انها ترفع عنه كل قدسية بعد ان تجاوزت خطه الاحمر الى حد ان بات مرور الجنود الاميركان في حارته امرا يوميا وهو الذي كان يصر على عدم مصافحة بريمر الذي كان يتوسل لقاءه، وكان لايجرؤ على المرور فيها أي احد غير معرف للحاجز الذي نصبه بعض الشباب الشيعة المتطوعين لحمايته فأمسى بلا حماية ولاكرامة بعد ان انفرطت من يده مسبحة السيادة الشيعية التي كان يحتكم عليها في الاعوام الاخيرة. اذ جعلت من جيش المهدى الذي لايتجاوز عدد المقاتلين فيه على المئتين في النجف بعبعا بتكرار الاسم في المحطات ضمن بروبيغاندا اميركية لتطفيء كل ضوء لسواه وفي نفس الوقت لتظهره كجيش لايعرف سوى القتل والكره. فتنسي بذلك ذكر السيستاني الذي لن يعود له تأثير بعد ان تخلط الاوراق لتحرقها جميعا بوقت واحد.
ربما ثمة خطوة اخيرة تجاه السيد السيستاني لاسترداد كرامته وسيادة الشيعة العالمية التي تبعثرت بين يديه وهي ان يدعو الاميركان في رسالة علنية مختصرة ان امامهم مدة يوم واحد للانسحاب من المدن المقدسة وبخلافه سيعتبر الجهاد ساري المفعول لكل مستطيع. تلك خطوة لو حصلت لاكسبته احتراما عالميا له وللشيعة وسيكون اول المحترمين له الاميركان والسيد مقتدى الصدر الذي يصر بأنه رهن اوامر سماحته. حينها بأمكانه ان يعيد لللاغلبية الشيعية، التي تبدو اليوم بمشاهد الاهانة لمقدساتها وابنائها اقل من أقلية، الكرامة والاحترام. وسيضع السيد مقتدى الصدر أمام تصريحاته وضرورة احترامها.
غير ذلك لافائدة من مساع ضائعة ومضيّعة للارواح وللوقت كلما اعلن عنها انهدم جدار في مقدس او اثر شيعي بقاذفة من هنا وصاروخ من هناك.

*العنوان مأخوذ من المثل العراقي(فحل التوت في البستان هيبة) الذي يطلق على الرجل الذي يمتلك هالة مخيفة لكن بدون فعل.