"إيلاف"&من لندن: تناولت صحف ووسائل إعلام بريطانية عديدة اليوم (السبت) موضوعات تتعلق بالحركات الإسلامية المتشددة وخصوصا تلك التي تتعامل مع الإرهاب مثل شبكة (القاعدة)، وسبل التعامل معها، في وقت كشف فيه النقاب عن أن الحكومة البريطانية وضعت خطة سرية من مائة صفحة لما أسمته"عقول وأفئدة المسلمين". وتعتمد الخطة على استهداف أئمة المساجد في بريطانيا الذين يلعبون دورا هاما في توجيه الشباب إما ناحية التطرف أو الاعتدال، وهناك أسماء أوردتها الخطة مثل الداعية المصري عمرو خالد الذي يواصل دراساته العليا في جامعة بريطانية حاليا.
وفي التفاصيل، فإن الخطة السرية تهدف إلى محاصرة أي نشاط إرهابي ممكن أن تنفذه شبكة (القاعدة) التي يعتقد أن لها ما بين 10 و15 ألف مناصر من مسلمي بريطانيا الذين يبلغ تعدادهم 5 ر1 مليون نسمة.
وتناولت فإن صحف مثل (صنداي تايمز) و(أوبزرفر) ومثلهما (إنديبندانت أون صنداي) أبرزت على صفحاتها الأولى تلك التقارير التي تتعلق بالتشدد الإسلامي على خلفية اعتقال أبو حمزة المصري إمام مسجد فينزبري بارك المطلوب تسليمه للولايات المتحدة على أنه مثال على ذلك التشدد.
وفي إطار الخطة السرية فإن لندن، تعتزم التحري عن الأئمة الأجانب المتطرفين ومن يرفض منهم الانسجام مع قيم المجتمع البريطاني سوف يحظر نشاطه وفي المقابل ستدعم الحكومة وتمول الأئمة المعتدلين المتعاطفين مع القيم الغربية.
وتعتقد صحيفة (صنداي تايمز) في تقريرها أن الخطة قد تواجه بالرفض من قبل المسلمين في بريطانيا باعتباره "محاولة مستترة لتوجيه الجالية الإسلامية إلى تبني نمط الحياة الغربية".
وأشار تقرير الحكومة وتسرب إلى الصحيفة إلى أسماء عدد من الأئمة المعتدلين تعتزم الحكومة البريطانية دعم أنشطتهم من بينهم الداعية المصري عمرو خالد والذي جاء إلى بريطانيا قبل عامين لدراسة الدكتوراة في جامعة شيفيلد.
وتضرب الخطة مثلا على ضرورة التعاون مع هؤلاء المعتدلين مسمية كل من حمزة يوسف الداعية المعتدل الذي يعمل مستشارا في الوقت الحالي للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وكذلك الداعية صهيب ويب الذي قام بعد أحداث سبتمبر بحملة لجمع التبرعات لأرامل ضحايا إطفائية نيويورك.
ووفقا للخطة التي ذكر أنها وضعت قبل أيام بمشاركة من وزراء في الحكومة برئاسة فريق عمل يرئسه الوزير المقرب من رئيس الحكومة، السير أندرو تيرنبول، وكذلك رئيسة جهاز الاستخبارات الداخلي (إم آي 5 ) بمشاركة من هيئات أمنية ورسمية مهمة، تعتزم بريطانيا حث الأئمة على تبني اتجاهات موالية للحكومة.
وهي تهدف كذلك إلى التعامل لتنفيذها مع المجلس الإسلامي البريطاني والبرلمان الإسلامي البريطاني، وجماعات معتدلة كثيرة، وفي إطارها ستكون هناك خطوات عملية من ضمنها تدريب شباب مسلمين ليكونوا سفراء لبريطانيا في الخارج، وفتح المجال أمامهم للانضمام لبرلمان الشباب البريطاني وكذلك العمل في الشركات والدوائر الحكومة وتعميم مبدأ القرض الإسلامية على البنوط وخصوصا لجهة قروض العقارات.
أما صحيفة (أوبزرفر) فإنها من جانبها نشرت تقريرا مقال بعنوان " عداء بريطانيا تجاه المسلمين قد يشعل ثورة". ويقول المقال إن العداء ضد الإسلام يتغلغل في جميع أنحاء بريطانيا وقد يشعل ثورة ما لم تتخذ إجراءات فورية لدمج شباب المسلمين داخل المجتمع البريطاني.
وينقل المقال عن تقرير أعدته لجنة شؤون المسلمين البريطانيين والتي أجرت حوارات مع عشرات المسلمين البريطانيين لإعداد التقرير الذي من المقرر نشره الأسبوع الحالي ويخلص إلى القول أن "بريطانيا تعادي الإسلام"، ويقول تقرير اللجنة إنه منذ أحداث سبتمبر (أيلول) يتزايد الهجوم على المسلمين والمساجد كما تنامي الشعور بكراهية الإسلام عبر العديد من المؤسسات البريطانية.
وخلصت (أوبزرفر) إلى القول إن الإحصاءات أشارت إلى تزايد في أعداد السجناء المسلمين داخل سجون بريطانيا. ففي 2001 ارتفع عدد السجناء المسلمين إلى 6 آلاف و95 سجين مقابل 731 سجينا في 1991.
كما ينتقد التقرير التغطية الإعلامية للإسلام وخاصة ما يتعلق باعتقال أبي حمزة المصري، ونقلت عن عنايات بنجلوالا ، العضو بالمجلس الإسلامي البريطاني قولها " يوجد في بريطانيا أكثر من 800 مسجد، واحد منهم فقط يديره إمام متشدد. غير أن هذا المسجد هو الذي يحظى بتغطية واسعة مقارنة بالمساجد الأخرى".
وعلى الجانب الإيجابي أيد التقرير قيام الحكومة البريطانية بتمويل أربعة مدارس إسلامية إلى جانب تعيين أربعة مسلمين بمجلس اللوردات غير أن اللجنة ترى ضرورة بذل المزيد من الجهد.
وفي مقال تحت عنوان " أبو حمزة: مهرج شرير أم العقل المدبر للإرهاب؟" تتساءل صحيفة "إندبندنت أون صنداي" عن السبب وراء إحجام بريطانيا عن اعتقال أبو حمزة الذي تصفه الولايات المتحدة بأنه " استشاري جماعات الإرهاب العالمية".
وكان العديد من المسؤولين الأميركيين أعرب عن دهشته وغضبه من تمتع أبي حمزة بالحرية في بريطانيا برغم خطبه المتشددة والتي قيل إنه أيد فيها تفجير الطائرات والقيام بهجمات انتحارية في بريطانية وقتل اليهود ممن تجاوزوا 15 عاما. وكان وزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكت قد أكد أن بريطانيا لم يكن لديها أدلة كافية ضد أبي حمزة.
غير أن هناك عددا من النظريات حول إحجام بريطانيا فيما مضى عن اعتقال أبي حمزة، أحدها هو أن بريطانيا تنظر إليه باعتباره مهرجا وأنه سيصبح أشد خطرا إذا سمح له بالظهور في صورة شهيد.
وفي الوقت نفسه يزعم البعض في الولايات المتحدة وفرنسا بأن هناك اتفاق غير معلن للسماح للمتشددين أمثاله بالعمل في بريطانيا طالما لا تتعرض بريطانيا لهجمات.
أما النظرية الأخيرة فيزعم استفادة الأجهزة الأمنية من نشاط أبي حمزة نظرا لأنه يجتذب شباب البريطانيين بدلا من أن يتم استقطابهم من قبل جماعات إرهابية غير معروفة.