&
السؤال الذي لا يكف عن الدوران في أروقة السياسة اللبنانية منذ أسابيع عدة يتصل إلى هذا الحد أو ذاك باحتمالات انفراط الوفاق الرئاسي الذي ارسي منذ عودة الرئيس الحريري الى الحكم عقب سنتين من عهد الرئيس اميل لحود تميزت بحملة تصفية حسابات طاولت ابرز حلفاء الحريري في الحكم لا سيما وزير ماليته فؤاد السنيورة. والراجح أنها الاحتمالات الرئيسة التي دفعت بنائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام إلى العودة إلى ساحة الملف اللبناني أو إلى بعض من أطراف هذه الساحة لاعادة ترتيب الحد الأدنى من الوفاق المطلوب لاستمرار "زواج الإكراه" المعقود بين راس السلطة اللبنانية من جهة وبين كل من الرئيسين بري والحريري بما يخدم عدم الإخلال بالتوازنات السياسية التي كانت الانتخابات اللبنانية أساسية في تظهير ملامحها وتركيب معطياتها في معادلة حساسة وشديدة التعقيد يضاف إليها الحاجة السورية الى مجموعة من الجهات التي يبدو جمعها في تركيبة واحدة مضنيا على مستوى رعاية التناقضات وادارتها.
&واذا كان من المنتظر ان تاخذ الامور طريقها الى الحلول "المرجوة" في لقاء القرداحة المزمع عقده على هامش مشاركة الرؤساء لثلاثة في الذكرى السنوية الاولى لوفاة الرئيس السوري حافظ الاسد، فان مراقبون لملف "المصالحة والرعاية" يشددون على عمق الهوة التي تفصل بين وجهات نظر المختصمين لا سيما بين الرئيسين بري ولحود اللذين لم تنجح الخلوة التي جمعهما خلالها السيد عبد الحليم خدام الى جانب الرئيس الحريري، لم تنجح في اذابة جليد العلاقات بين الرجلين لا سيما ان ما نقل من اجواء الخلوة يشير الى حدة في اللغة المتبادلة بينهما وارتفاع في وتيرة الاتهامات بعد ان حاول الرئيس لحود في الاصل التنصل من الخلوة حين شرع في وداع الرئيسين الحريري وبري عقب الغداء قبل ان يبادر السيد عبد الحليم خدام الى السؤال عن "مكتب قريب يمكنهم الاجتماع فيه" على ما نقلته مصادر مطلعة على اجواء المصالحة.
واذا كان الرئيس الحريري لا يكف عن ابداء انزعاجه من استبعاده عن الملفات السياسية وحصر مهامه في الاقتصاد على ما هي صيغة تسوية عودته الى الحكم فان الرئيس نبيه بري يبدو اكثر انزعاجا من المحاولات العديدة المبذولة لجعل المدير العام للامن العام جميل السيد شريكا اساسيا في حصة الطائفة الشيعية الى جانب "حزب الله" الذي ينازع الرئيس بري على قسم اساسي منها حيث يتهم بري الرئيس لحود بالوقوف وراء المحاولات هذه وهو ما دفع بالعديد من المواقبين الى التنبه الى الحملة التي شنها الرئيس بري على اجهزة الامن خلال جلسات مناقشة الموازنة والتي كانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير بين اطراف الحكم ما جعل الرئيس لحود يغلق خطوط الهاتف امام اتصالات الرئيسين بري والحريري بعد عودته من باريس وعشية جلسات نقاش الموازنة.
وتشير مصادر الى ان الرئيس لحود ينطلق في معركته الحالية من موقع الرجل الاول لدى سوريا والحليف الاساسي في منصة الحكم اللبناني وهو ما يجعل معركة الرئيسين بري و الحريري معركة قاسية وبالغة الصعوبة لافتة الى ان الرئيس بري ما زال حتى اليوم في مرحلة البحث الجدي عن حلفاء اكثر وضوحا في سوريا من كونه ما زال حتى اللحظة يركن الى رصيده كحليف الاسد الاب في حين يبدو الرئيس لحود اقدر على نسج علاقات مع الحكم السوري الجديد من موقع حرص الرئيس الاسد على تكريس ملامح جديدة له عبر غطاء اكثر مؤسساتية ودولتية في لعبة عرف الاسد الاب كيف يدير رؤوسها المتعددة وهو ما استفاد منه الى جانب نظام السلف السوري العديد من الاطراف اللبنانيين وعلى راسهم الرئيس بري.