باريس : يبدأ الرئيس السوري بشار الاسد الاثنين المقبل زيارة دولة الى فرنسا حيث ينتظره مستقبلوه الفرنسيون لمعرفة الصورة التي يريد ان يعطيها عن بلاده، وعن مدى رغبته السير قدما في الاصلاحات التي بدأها.

وتاتي هذه الزيارة في وضع صعب، بعد توجيه جمعيات يهودية الاتهام الى الرئيس الاسد ب"التحريض على الحقد العنصري" بسبب تصريحاته الاخيرة حول اسرائيل. كما ان هذه التصريحات، التي اثارت عاصفة من الاستنكار، تحرج ايضا مستقبليه الرسميين الفرنسيين.

ويقول باتريك سيل الذي كتب سيرة متميزة عن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، والد الرئيس بشار، انه "يجب الانتظار لمعرفة اي صورة يريد (بشار الاسد) ان يعطيها عن نفسه وعن بلده. ان زيارة الدولة هذه، الاولى الى دولة غربية كبرى، ستكون موضع مراقبة عن كثب من جانب اوروبا والولايات المتحدة".

ويضيف سيل الخبير في الشؤون السورية ان "سوريا ما زالت في مرحلة انتقالية، مما يعني ان لا احد يعرف الاتجاه الذي يمكن ان تسلكه في مجالات الاقتصاد والسياسة والتحالفات الاقليمية، وخصوصا التقارب مع العراق، كما موقفها من السلام. كل هذه الاسئلة تحتاج الى اجوبة".

وبخلاف والده حافظ الاسد، الذي كان قليل السفر الى الخارج فان بشار (35 عاما) ضاعف زياراته الى العالم العربي. ولكن، ما خلا زيارته الى اسبانيا، فانه لا يزال مجهولا تقريبا في الغرب حيث امضى بضع سنوات في لندن للتخصص في طب العيون.

في هذا الاطار، فان اختيار فرنسا، الدولة التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع سوريا منذ سنوات عدة، له دلالاته.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي استقبل في تموز(يوليو) 1998 الرئيس حافظ الاسد في باريس، التقى نجله بشار في قصر الاليزيه قبل تولي هذا الاخير السلطة ببضعة اشهر.

والاهم من ذلك ايضا ان الرئيس شيراك كان الرئيس الغربي الوحيد الذي توجه الى دمشق في حزيران(يونيو) 2000 للمشاركة في تشييع الرئيس حافظ الاسد. وقد اعتبرت هذه الخطوة اعترافا "بالدور المركزي لسوريا في عملية السلام" في الشرق الاوسط، بالاضافة الى توجيه "رسالة صداقة" قوية بحسب باتريك سيل.

ومن شان علاقة الثقة هذه ان تنعكس على المثلث الدقيق للعلاقات بين فرنسا وسوريا ولبنان، خصوصا وان باريس رحبت بالاعلان عن اعادة انتشار القوات السورية في لبنان قبل ايام من زيارة الرئيس بشار الاسد.

وعلى مستوى العلاقات الثنائية فان باريس مستعدة لمساعدة سوريا في اصلاحاتها، خصوصا وان سوريا تخوض مفاوضات صعبة مع الاتحاد الاوروبي من اجل التوقيع على اتفاقية شراكة معه.

لكن لهذه النوايا الحسنة حدودا وتطبيقها مرتبط بالصورة التي قد ينجح او يفشل الرئيس بشار الاسد في اعطائها خلال زيارته.

ويشدد سيل الى انه "يجب الا ننسى ان الرئيس شيراك يسعى لاعادة انتخابه في العام المقبل، وهو لا يريد ان تتحول هذه الزيارة الى سبب لاحراجه. وبالتالي، فانه كلما نجحت هذه الزيارة في تلميع صورة سوريا، كلما امكن فرنسا المساعدة على تنمية سوريا".

والرئيس بشار الاسد الذي خلف والده منذ حوالي السنة، استقطب امال شعبه المتعطش الى التغيير. لكن ما زال الطريق طويلا امام تحقيق الاصلاحات الجذرية بسبب معارضة "الحرس القديم" لاي تغيير في العمق.

ويرافق الرئيس بشار الاسد في رحلته شخصيتان من الثوابت في هذا التوجه هما نائب الرئيس عبد الحليم خدام ووزير الاقتصاد محمد العمادي. لكن الرئيس الاسد عرف كيف يعوض على ذلك باصطحاب "وزراء جدد" مثل حسان ريشة وزير التعليم العالي، من دون ان ننسى طبعا الزوجة الشابة اسماء الاخرس التي عاشت ودرست في لندن قبل ان تعمل بضع سنوات في مصرف جي.بي. مورغان التجاري الشهير.(ا ف ب)