كلمة بليغة تختصر الحالة قالها السيناريست وحيد حامد في حضرة منى الشاذلي المذيعة المتألقة.. الجريئة والتي تشرق علينا كل ليلة تقريبا في الساعة العاشرة مساء بتوقيت قناة دريم الفضائية..؟!!

قالها بكل الحزن والسخرية بعد عرض ريبورتاج مصورلبسطاء مصريين وهم يتمسحون ويتبركون بشجرة لبخ على طريق الإسماعيلية-القاهرة وعندما عرف السبب بطل العجب والسر كان في اكتشاف كلمتي الله جل حلاله ومحمد صلى الله عليه وسلم محفورتين ويغطيهما الصمغ على جذع الشجرة المبروكة..!!

الفرصة كانت مناسبة لعرض بعض الفواكه والخضار التي يؤول وجود اسم الله عليها في سوق يكون فيها رزق الهبل على المجانين وكأن الله جل في علاه يحتاج منا كل هذا التأوييل والتجيير لنتأكد من روعة آياته وعظمة قدرته..!!

وأقول وأجري على الله أن بعض المشعوذين يستغلون حالة الجهل والتجهيل والانحطاط المعنوي بفعل انسحاق الامة تحت سنابك الهزيمة والتي أطلقنا عليها تدليعا وتخفيفا اسم النكسة وقد عانت منها ومن مضاعفاتها ولازالت شعوبنا العاجزة والمغلوبة على أمرها ويسوق هؤلاء الدجالون أشياء مفتعلة ومفبركة للحفاظ على الخمود الذهني والغرق في تأويلات ميتافيزيقية لا أساس لها من الصحة و لا أدل على ذلك من أمثلة مختارة أقدمها لكل ذي عقل لعلها تقرب الصورة.

middot; قبل سنوات انتشرت بسرعة البرق صورة ملونة لاشجارفي شارع ما تبدو على شكل quot;لا اله الا الله محمد رسول اللهquot; وبعد الاستغراق في بلاغة التأويل وعظمة الدليل تبين أن الصورة مزيفة بدقة وبفعل فاعل..!!

middot; قبل سنوات أيضا انتشرت إشاعة عن وجود تيس مبروك في إحدى القرى الفلسطينية لحليبه قدرة خارقة على أشفاء كل الإمراض وإعادة الشيخ الى صباه وتزاحم الناس حول التيس المذكور ليصل سعر ال100 جرام من حليبه الى 100 دينار وعرض أحد أثرياء الخليج على صاحب التيس مليون دولار عدا ونقدا لشرائه ولكن تبين أيضا فيما بعد أن الامركله مجرد ضحك على الذقون..!!

middot; ما قرأناه ونقرأه في أخبار الحوادث يوميا عن الشيخة فلانة التي تدعى اشفاء الأمراض المستعصية بمجرد اللمس وربما غدا بالمراسلة وعن الشيخ علان الذي يكشف المستخبي وسره باتع في إسعاد المرأة العاقر وفي النهاية ينتهي إلى السجن بتهمة الشعوذة والاغتصاب وترويج الرذيلة..!!

middot; مانري ونسمع عن جيش الفتاحين والفتاحات المحليين وزبائهم للأسف من علية القوم وأحباشهم ومايدور في أوكارهم من غرائب وعجائب ولعل أشهرها ما سمعناه ذات يوم عن أن الفتاحة المشهورة في مخيمنا قد طارت في السماء واختفت وبدأ الناس يكبرون ويهللون لهذه المعجزة الخارقة وقاموا بترتيب الزيارات زرافات ووحدانا إلى بيتها المقدس ولكن المباحث كان لها رأي آخر فقد ألقت القبض عليها وهي تحاول الهرب بما جمعته من مال من أيدي السذج والمغفلين وتخلصا من ملاحقات الدائنين..!!

middot; ان مايذهل فعلا هو الاستجابة السريعة والعمياء لتصديق كل شعوذة تلبس لبوسا دينيا أووطنيا فمثلا أشاع نفر من الناس في صباح أحد الايام أن قبر الشهيد فلان في مقبرة ما في غزة يتحرك..!! وسرت الإشاعة كالنار في الهشيم فبدأت جموع غفيرة من كل مكان في غزة والقطاع تتوافد على هذا المكان لفترة وجيرة ليكتشفوا أن هذا الوهم ليس له من وجود إلا في عقولهم..!!

ولعلي أتذكر قصة تسخر من الشعوذة والمشعوذين سمعتها في الصغر وهي تحكي عن نصابين مفلسين مات حمارهما فدفناه في ضواحي القرية وادعيا أن المدفون هو ولي صالح جاء من بلاد المغرب وانتشر الخبر فبدأ الناس في زيارة القبر والتبرك بالضريح وإلقاء النقود عليه إلى أن انكشف المستور بعد اختلاف النصابين على قسمة المال بينهما.

وأعود إلى ستنا الشجرة التي أظهرت كم نحن بعيدين عن نور الحقيقة وتتطور المعرفة بمئات السنوات الضوئية وكم نجن بحاجة إلى الخروج من جاهليتنا المريضة ومراجعة فهمنا للدين الصحيح وتنقيته من شوائب الشعوذة والدجل ولا أدري ماذا سيكون موقف هؤلاء الذين كانوا يدورون حول الشجرة متباكين كما يدور الحجيج حول الكعبة لو ظهر أحدهم وأكد انه هو الذي كتب ذات يوم ما يراه الناس على جذعها.؟!!

ومع أني لا أنكر أن من حولنا آيات لله جل شأنه لا تعد ولا تحصى تستحق التأمل والاتعاظ..!!وبعيدة كل البعد عن التنطع والافتعال

إننا وبكل صراحة وبدون تجن على أحد نعيش عصر تجارة الخرافات و الشعوذة الرائجة وبكل الأنواع الاجتماعية منها والسياسية ولابد من مواجهتها بشجاعة التنوير دون خشية من ظلاميين أو مشعوذين لأن هذه ببساطة رسالة المثقف الذي يحترم دينه ونفسه ووطنه.

اللهم اني قد بلغت.. اللهم فاشهد..

توفيق الحاج