بلدنا ينزلق نحو الهاوية..الحكومات الثلاث التي أعقبت سقوط النظام الدكتاتوري لم تستطع أن تقدم شيئا للعراقيين..فمن قتلوا وجرحوا في العمليات الإرهابية والعنف الطائفي منذ سقوط الطاغية يفوقون عددا الضحايا الشيعة والأكراد مجتمعين طيلة سنوات الحكم الفاشي لصدام حسين!..


حول صدام بلدنا الى سجن كبير ضم الشيعي والسني والكردي والصابئي واليزيدي والمسيحي،والحكومات ( الديمقراطية؟!) التي أعقبته حولت البلد ببرلمانه وحكومته ووزاراته الى ضياع مقسمة بين الكتل السياسية محروسة بكلاب الحراسة، فالوزير الشيعي يطرد السنة من وزارته وكذا يفعل السني ؟!.
صدام جر شعبه الى أتون عدة حروب خارجية أتت على الأخضر واليابس، والحكومات التالية أتت على رماد تلك الحروب بحروبها الطائفية اللعينة؟!.


ونحن الكتاب لا نملك الا قلما وقرطاسا نحاول بهما أن نقترب من معاناة جموع العراقيين،ونرفع أصواتهم المكبوتة لأكثر من أربعة عقود أملا في أن نتمكن من وضع الإصبع على الجروح الغائرة، ونفهم سادتنا الحكام بما يجري لعلهم يحنوا ويرحموا عزيز قوم قد ذل!..


فهناك اليوم أكثر من أربعة ملايين من المشردين والمهجرين داخل وخارج العراق.. وليسأل أي منا المشرد أوالمهجر، كيف ولماذا يترك بلده بعد سقوط صدام؟. ألم تكن أمنية كل عراقي طيلة سنوات القهر والطغيان أن يزول نظام صدام وتحل الديمقراطية على البلد، فما الذي يدفعه اليوم الى مواجهة الصعاب والأهوال لمجرد الخروج من الجنة ( الديمقراطية) بعد أن أصبح لكل فئة عراقية كتلتها البرلمانية ووزرائها في الحكومة؟؟!!..
ما أن نسطر بأقلامنا بعض الإنتقادات لحكوماتنا الحالية حتى يطلق أشباه الأميين ألسنتهم بتخويننا تارة وبشتمنا تارة أخرى، وأضعف إيمانهم التذرع بالقول ( أن هذه الحكومة منتخبة ّ!!) فلماذا نعاديها نحن الكتاب. وهذه لعمري إسطوانة مشروخة وهزيلة سمعناها لمليون مرة في بلداننا الشرق الأوسطية التي يتحول فيها الرئيس المنتخب الى دكتاتور لا يغادر القصر الا الى القبر؟!.


فمن لا يعرف أوضاعنا مع الحكام ومع الإنتخابات، قد يتصور أننا نجني على حكوماتنا ونتهمها ظلما وجورا، فالبلد عندهم بفضل تلك الإنتخابات يعيش في بحبوحة وطمأنينة، والمواصلات فاضييييية، وكل شوية تقول الحكومة ( فكوا الحزام.. فكوا الحزام)!!.


ومن لا يعرف كيف تجري الإنتخابات في بلداننا،وما هي أساليب التزييف والتزوير التي يمارسها الجالس في القصر الجمهوري نزولا الى أنصارحزبه في القرية النائية سواء في الجنوب أو في جبال كردستان، يتصورنا نحن الكتاب والمثقفين وكأننا عملاء للصهيونية أو الإمبريالية؟!.

ولمن لا يعرف كيف تجري الإنتخابات في بلدنا، وكيف يمكن لفتوى واحدة أن تكسب حزبا أو تنظيما ملايين الأصوات،وهي فتوى ترهب هذه الملايين لأنها تمنع المؤمنين من دخول الجنة ومأواهم جهنم خالدين فيها أبدا ؟؟!!


قد لا يدري المنتقدون لنا، كيف أن الزعماء الأكراد ما أن يخوضون حملة إنتخابية حتى يبدأوا بالعزف على إسطوانة ( معاداة ذئاب العرب ) للشعب الكردي!. والمصيبة أن هذا الشعب يصدق مثل هذه الدعوات كل مرة، رغم أن تلك القيادات ستشارك بعد أيام من إجراء الإنتخابات ذئاب العرب في البرلمان والحكومة وسيجلسون معا على طاولة الغداء والعشاء ويتشاركون في السهرات الليلية يتجرعون كأس الإنتصار على شعوبهم الساذجة؟؟!!


قد لا يدري الكثير ممن يخونونا أو ينتقدون كتاباتنا وهم في الغالب إما يعيشون في الجنات الأروروبية أو يعيشون داخل المنطقة الخضراء بعيدين عن هموم الناس متنعمين بالهبات السلطانية، ويتوجهون منها مباشرة الى مطار بغداد للسفر والسياحة في بلدان الشرق الأقصى دونأن يتجرؤا بالمرور داخل شوارع بغداد خوفا من الإرهابيين،أن أوضاع الشعب بفضل سلاطينهم قد وصلت الى الحضيض..


من من الحكومات التي تعاقبت على دولنا الشرق الأوسطية وفت بوعودها التي تقطعها للشعوب أثناء الإنتخابات؟!.أي حزب يلتزم ببرنامجه الإنتخابي عندما يفوز بالإنتخابات؟!.فكل الوعود الإنتخابية التي تعطيها الإحزاب الى الشعب لا تعدو مجرد ورقة تواليت تستخدم لمرة واحدة، وهي أثناء الحملة الإنتخابية!.
لقد أثار الكاتب العراقي المبدع خالد القشطيني مسألة حق التصويت في الإنتخابات لأكثر من مرة في مقالاته المنشورة في جريدة ( الشرق الأوسط)، وأنا أضم صوتي الى صوت هذا الكاتب، وأطالب بإعادة النظر في القوانين الإنتخابية السائدة في بلداننا.. فيجب أن لا يتساوى صوت استاذ الجامعة مع شخص أمي لا يقرأ أو يفهم حرفا واحدا من برامج المرشحين في الإنتخابات..


يجب إعادة النظر في صيغ تلك الإنتخابات التي تجري عندنا خصوصا في العراق بتغييرها من القائمة النسبية الى الترشيحات الفردية ضمن دوائر إنتخابية، فبذلك يمكن التصويت لمرشح واحد ضمن عدة مرشحين في دائرة واحدة،وليس ترشيح حزب معين الذي سيسمي مرشحه في البرلمان سواء كان صالحا أو طالحا،فترشيحات الأحزاب تعتمد غالبا على المحسوبية والمنسوبية دون أي مراعاة الكفاءات والشهادات. فمن يصدق أن هناك أعضاء في البرلمان العراقي من الأكراد لا يعرفون التحدث باللغة العربية، فكيف يمكن لعضو كهذا أن يفهم القوانين التي يبحثها البرلمان ويناقشها؟؟!!


والى أن يتحقق هذا الحلم الكبير للعراقيين بتعديل القوانين الإنتخابية، أدعو الأبواق المأجورة للحكومة العراقية الذين يتابعون مقالات الكتاب الناقدين من داخل المنطقة الخضراء، أن يكفوا أيديهم عنا ويسدوا أفواههم من التحدث في شرعية حكومتهم، فالشرعية لا تكتسب من خلال صناديق الإنتخابات المزيفة، بل من الشارع العراقي الذي تسيل فيه الدماء الغزيرة كل صباح ومساء؟!!

شيرزاد شيخاني

[email protected]