اللقاء في شرم الشيخ، مناورة أمريكية أم سورية؟


كثيرا من المتواجدين في مؤتمر شرم الشيخ يريدون العودة بالوضع العراقي إلى دهاليز الكولسة واللقاءات الاستعراضية التي لاتخدم قضية العراق بأي حال من الأحوال، وإنما تخدم مشاريع أصحابها. فهذا اللقاء الذي تم بين كوندليسا رايس ووليد المعلم لقاءا طبلت له وسائل الإعلام العالمية قبل الأمريكية والعربية وفي الحقيقة هذا مايريده الطرفان من هذا اللقاء. إضافة إلى عوامل داخلية تخدم إدارة الجمهوريين في المنافسة السياسية الأمريكية داخليا، وتحت ضغط الأشقاء الأجاويد في مصر والأخوة في حكومة الائتلاف العراقي ! تم هذا اللقاء في أجواء أشبه بالاحتفالية. ومع ذلك لابد لنا من الاعتراف أن هنالك قضايا مهمة في هذا اللقاء : وأهمها هو اعتراف أمريكي بدور سوري في العراق، ومن جهة أخرى أيضا هو تعزيز لدور البعد الثنائي في مشكلة كالعراق على حساب الدور الدولي وقوانينه. وما يهمنا في الحقيقة هو خارج الدور المتعلق بتسريب المقاتلين العرب إلى العراق الذي تتهم به السلطة السورية. ماذا تستطيع هذه السلطة أن تقدم للأمريكيين في الملف العراقي؟ وهذا يتطلب استعراض القوى الفاعلة على الأرض دون تدخل قيمي على أعمالها. وهذه القوى هي التي تتوزع النفوذ المسلح والسياسي معا :
أولا القوات الأمريكية والبريطانية بالدرجة الأولى. ثانيا النفوذ الإيراني لدى القوى الشيعية والسنية المسلح منها وغير المسلح. وثالثا : تنظيم القوى المسلحة التي تعود لبقايا النظام البعث البائد. ورابعا تنظيم القاعدة وملحقاته وهنا يمكن للنظام السوري أن يكون له دورا. أما لدى القوى الثلاث الأولى والرئيسية فدور النظام السوري لايكاد يذكر ! إذن ما الذي لدى هذا النظام لكي يقدمه من أجل حل القضية العراقية التي هو أصلا لا يريد حلها. ويتمناها أن تنفجر أكثر فأكثر في وجه من هو موجود في العراق لكي يستطيع إيجاد دورا أكبر ولكي يلهي الخصوم بالخصوم ! فليضرب الإرهاب الشعب العراقي والجيش الأمريكي والبريطاني وليفجر السنة أنفسهم بأخوانهم الشيعة أو لتقم فرق الموت بتصفية حساباتها مع السنة في العراق..الخ كل هذا ليس مهما بالنسبة له المهم عينه المتجهة للتخلص من أذيال الوضع اللبناني ومستحقاته من جهة وإلى إعادة الاعتبار لدور أقليمي سوري يتطابق مع صفقة أمريكية سورية تديم أمد النظام إلى الأبد. ولهذا ردد بعض الكتاب والصحفيين متسائلين : هل هذه بداية صفقة؟ خصوصا بعد التسريبات التي قامت بها أجهزة النظام أن هنالك حملة شرسة من قبل الأجهزة الأمنية السورية ضد الجماعات التكفيرية المسلحة؟ والتي لم نسمع بها إلا اليوم ! ورغم اعتراف بعض الأمريكيين بتحسن الوضع على الحدود السورية العراقية إلا أنه هل بمقدور الإدارة الأمريكية تقديم مثل هذه الصفقة للنظام السوري بعيدا عن إيران من جهة وبعيدا عن حلفاءها في المنطقة من جهة أخرى والذين في أغلبيتهم ليسوا راضين عن قيام مثل هذه الصفقة ماعدا اللهم الأخوة الأجاويد في مصر. الذي يبذلون كل جهودهم من أجل رفع الحصار عن السلطة في سورية. إذن بعد هذا الاستعراض السريع ماالذي لدى كل طرف في هذا اللقاء لكي يقدمه للطرف الآخر؟
نحن نعتقد بأن هذا اللقاء هو خسارة للأمريكيين وعدم ربح للنظام في سورية وفق الحسابات الاستراتيجية في المنطقة لأن مشكلة النظام السوري هي في أسس نظامه داخل سورية والتي تتطلب منه دوما بؤر توتر على حدوده تساعده على تأجيل استحقاقات الوضع السوري الذي أصبح شاذا في دول حوله لها أشكالا سياسية وقانونية مختلفة. وهذه الأرباح التكتيكية إنما هدفها تأجيلي أكثر مما هو حاسم. لهذا صرح السيد الرئيس بشار الأسد قبل أيام وأثناء زيارته لمحافظة دير الزور السورية المحاذية للعراق ولمنطقته السنية : بأن همه ينحصر في خارج سورية في المحيط السوري وليس داخل سورية فسورية لاخوف عليها : لأن سورية ( الله حاميها ).
ووفقا لذلك نجد أن هذا اللقاء هو مناورة أخرى لا تضيف جديدا لحل أزمة الشعب العراقي بل على العكس ربما يكون لها نتائجا أكثر خطورة لأن القوى التي تتبنى مثل سياسات السلطة السورية ستجد نفسها في موقع المنتصر والذي يصر على استمرار هذه السياسات سواء في العراق أو في المنطقة عموما وهذا سيكون بالتأكيد على حساب شعوب المنطقة.

غسان المفلح