الجامعة العربية كيان أسسته بريطانيا عام 1945 من أجل توحيد مستعمراتها العربية لسهولة السيطرة عليها(حسب التاريخ القومي العربي)، لكن بالرغم من أن ما يسمى بحركات التحرر في الوطن quot;العربيquot; التي و صلت أوجها في خمسينات و ستينات القرن المنصرم و التي كان أحد أهم أهدافها،وحسب خطابها، هو طرد الاستعمار و تحرير الوطن من هذا الغول الذي ترحم كثيرون على أيامه بعد ما اكتووا بنار حرية و وحدة quot;القومجيةquot; العرب.

لازالت هذه الحركات التي أصبحت في ما بعد حكومات تقدس كيانات وحدودا أسستها بريطانيا ابان quot;استعمارها لبلدانهمquot;. طبعا لم يكن القوميون العرب وحدهم بهذه الازدواجية فقد دعى عرابو الحركات الاسلامية،عند كل أزمة مع الغرب، الى مقاطعة البضائع الغربية بالرغم من انهم يستعملون التلفون والفاكس والانترنت و التلفزيون و السيارات لايصال خطابهم هذا الى العامة التي قلما فكرت مرتين قبل الانسياق وراء كل ناعق كقطيع ضال.

كثير من العراقيين يتساءل هذه الأيام عن جدوى الأستمرار بعضوية الجامعة العربية من قبل دولة مثل العراق تضرر شعبها كثيرا ولازال يتضرر من سياسات الجامعة (المصرية) واليك بعضأ من أسباب هذه التساؤلات:
bull;ان أحد أهداف الجامعة هو الوحدة العربية.لم تستطع الجامعة من تحقيق هذا الهدف خلال الستين عاما الماضية، فهل يتطلب تحقيقه ستين عاما اخرى؟.
bull; فشل الجامعة في حقن دماء مواطني الدول quot;العربيةquot; و لم تستطع التدخل لمنع حروب عربية عربية.
bull; فشل الجامعة في منع اجتياح دولة الكويت من قبل صدام، ومن ثم فقد شجعت على ادامة الاحتلال العراقي للكويت وحينما طلب الكويتيون العون من أمريكا لتحرير وطنهم نعتهم عرب الجامعة بquot;يهود العربquot;.
bull;عدم استطاعة الجامعة العربية منع سوريا من التدخل المستمر بشؤون لبنان الداخلية واجبارها على احترام سيادته.
bull;لم تتجرأ الجامعة ولو لمرة واحدة على ادانة مجرمي الحرب العرب من امثال صدام.
bull; مناصرة الجامعة للحكومات الجائرة وغير الشرعية ضد شعوبها.
bull;عدم استنكار الجامعة لاضطهاد المواطنين من غير العرب في الدول العربية وحث الحكومات العربية على حسن معاملتهم بل على العكس فانها quot;أي الجامعةquot; أنكرت هذا الاضطهاد أو بررته؟
bull; فشل الجامعة في ايجاد حل لمشكلة فلسطين منذ عام 1948 ان لم تكن سببا في ضياعها من خلال التعنت واضاعة فرص الاعتراف المبكر باسرائيل لضمان تأسيس الدولة الفلسطينية ووصم الرئيس التونسي الراحلquot;بورقيبةquot; بالخيانة عندما اقترح ذلك على العرب في اربعينات القرن الماضي فخسر الفلسطينيون 78% من الاراضي الممنوحة لهم وفق قرارالامم المتحدة رقم 180 لسنة 1948؟
bull;تعني عبارة quot;الجامعة العربيةquot; ضمنيا تجاهل لحقوق مواطنين من قوميات غير عربية يسكنون في هذا الوطن المسمى quot;بالعربيquot; و حرمانهم من التمثيل السياسي.
bull; فشل الجامعة في دمقرطة النظام الداخلي لها لتتحول بالتالي الى مايشبه أي نظام عربي مستبد حين استولت مصر على رئاستها الدائمة و صنع قراراتها وحولتها الى ما يشبه دار عجزة للمتقاعدين أو المطرودين من الحكومة فلا شيء يدعونا ان نرتجي منها خيرا في دعم الديمقراطية في الوطنquot;العربيquot; حيث ان فاقد الشيء لايعطيه.
bull;لم تتدخل الجامعة عندما كان يساق المواطن غير العربي الى اتون معارك قومية عربية(معارك العرب واسرائيل) خاسرة كالأكراد والاقباط والكلدواشوريين والموارنه والنوبيين مثلا؟
bull; فشل الجامعة باحتواء التفجيرات المتبادلة بين الدول quot;العربيةquot; مثل العراق و سوريا في السبعينات.
bull;هناك مقولة تقول quot;ان أنجح اجتماعات الجامعة هي اجتماعات وزراء الداخلية العرب المتعلقة بأمن الحكومات العربية quot; ان دل هذا على شيء انما يدل على ترسيخ الاضطهاد و الجريمة المنظمة لدعم الحاكم المستبد. و ماحصل للعراقيين الفارين من جحيم حرب صدام في الثمانينات حيث كان يتم القاء القبض عليهم في الدول العربية المجاورة و تسليمهم لنظام صدام الذي يعدمهم فورا، لخير مثال على ذلك.
bull;دعمت الجامعة الارهاب في العراق وسمته quot;مقاومة وطنيةquot; وشجبته بشدة في بقية الدول العربية وسمته quot;ارهاباquot;بالرغم من ان الاشخاص الحركات الارهابية هي نفسها تعمل في العراق والدول العربية.
bull; لم تعترف الجامعة العربية التي،كما أسلفنا، تمثل حكومات انقلابات عسكرية و قبلية بحكومة منتخبة من قبل أكثر من 11 مليون مواطن
كالحكومة العراقية.
bull;لا تعترف الجامعة بالحكومات العراقية المنتخبة بحجة الوجود الأمريكي في العراق مع اعترافها بالانتخابات التي أوصلت منظمة حماس الارهابية الى سدة الحكم في فلسطين التي هي تحت quot;الاحتلال الاسرائيليquot; حسب زعم الجامعة نفسها.

bull;فشل الجامعةquot;العربيةquot; المبين في تحقيق أي شيء يذكر خلال ستين عاما خلت.

مما تجدر الاشارة اليه ان الجامعة العربية ليست منظمة اجتماعية مستقلة انماهي مؤسسة حكومية دخلها يعتمد على بدل أشتراك الحكومات العربية(غير الشرعية) فلا غرابة اذن اذا كانت سياساتها انعكاسا لرغبات الحكام العرب وهي ليست حرة كما اعترف رئيسها عمرو موسى بنفسه عند اجابته لسؤال أحد الحاضرين في لقاء له مع أبناء الجاليه العربية في مدينة ديترويت في الولايات المتحدة الامريكية.

لقد كان تأسيس الجامعة العربية في فترة راج وانتعش فيها الفكر القومي الشوفيني في العالم فكانت أهدافها تجسيدا لهكذا فكر (اسمها يدل على ذلك) وبما أن الآيديولوجيات القومية أثبتت فشلها في العالم واعيد رسم خرائط دول عديدة على أسس اقتصادية اعتمدت مبدأ التعدد الاثني بعد أن كانت مرسومة على أسس قومية.

لقد أن الاوان لالغاء هذه الجامعة أو على الأقل انسحاب العراق منها لان قد يكون طلب الغائها صعب المرام لأن المعروف عن مثل الفكرة والحزب أوالمؤسسة الحكومية عند العرب كمثل الجامع حيث يمكن لأي أحد بنائه لكن لاأحد يستطيع تهديمه. الجامعة العربية مبادئها تتناغم مع الافكار السائدة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لم تعد تصلح لعصرنا الحالي ناهيك عن فشلها الذريع في تحقيق اي من أهدافها المعلنة كما بينا أعلاه. حاولت الجامعة،دون ان تنجح، الجمع بين دول متباعدة جغرافيا ومختلفة حد التناقض ايديولوجيا واقتصاديا وأحيانا ثقافيا. فحين تبدو فكرة الوحدة الاقتصادية العربية،على سبيل المثال، جذابة للسوداني والمصري واليمني فهي لاتعني أكثر من هلوسة وquot;كلام فارغ quot; للسعودي والكويتي والعماني والاماراتي، ببساطة لان مواطني الدول الغنية لايريدون أن يتخلوا عن أمتيازاتهم المادية لصالح مواطني الدول الفقيرة ولايجب ان يلاموا على ذلك.

الواقع يقول ان الدول العربية او quot;الناطقة بالعربيةquot; لان الدول العربية هي اليمن quot;السعيدquot; ودول الخليج فقط أما بقية دول الجامعة فهي دولا ناطقة بالعربية فقد فرضت اللغة على مواطنيها بعد الغزو الاسلامي quot;أعتمد عبد الملك بن مروان اللغة العربية كلغة رسمية في الدولة الاموية بدلا عن اللغة الفارسية في بداية القرن الثامن الميلاديquot;( كتاب الأسلام لكيرن ارمسترونغ ).

الدول quot;العربيةquot;هي دول ممتدة على قارتين تفصل بينها بحارا وخلجانا جغرافية واقتصادية وثقافية ولاتوجد بينها قواسم مشتركة ففكرة توحيدها في امة واحدة ذات رسالة خالدة تبقى أضغاث أحلام وضرب من ضروب الخيال ولكن عدم قبول الواقع المرير والتنظير لأحلام اليقظة أضحى من السمات البارزة للثقافة العربية المعاصرة.

أما فيما يخص العراق وهذا ما يهمنا فليس هناك ما له علاقة بالأمن الاجتماعي والاقتصاد أو القيم والمفاهيم العراقية بمفردات ومشاكل دول المغرب العربي أومشكلة أريتيريا مع أثيوبيا أو معارك quot;دارفورquot; السودان عدا الهم الانساني فالعلاقة مثلا بين العراق وquot;سبته ومليلهquot; أو الصحراء المغربية كالعلاقة بين الباذنجان وquot;الجسر المعلقquot;(أحد جسور بغداد).

على الحكومة العراقية ان تستمع الى مطاليب الشعب العراقي الذي أنتخبها )حيث انها وحكومات لبنان وايران وتركيا واسرائيل الحكومات الشرعية الوحيدة في المنطقة لأنها أستمدت شرعيتها من صناديق الاقتراع( في الأنسحاب من الجامعة العربية لأنه مطلب جماهيري فلم تترك الجامعة مناسبة تمر الا وتؤكد فيها شجبها ورفضها للدستوربل وللعملية السياسية برمتها ولم تكتف بالمعارضة السلبية فتحولت مؤخرا الى التامر على الحكومة العراقية المنتخبة والتخطيط لاعادة العراق الى محيطه العربي الانقلابي من خلال بيانات رقم 1وهي بهذا تؤكد ماذهبنا اليه من انها لازالت تتبنى افكارا قومية راديكالية هي نفسها افكار المتطرف القومي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عندما كان يقود الانقلابات من سوريا ضد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم فما أشبه اليوم بالبارحة!!

الأنسحاب من الجامعة يجب أن يتزامن مع مصالحة واحتضان لكل الوان الطيف الاثني العراقي لكي لاتبقى أية حجة للتدخل بالشأن العراقي وأغلاق كل الابواب التي تدخل منها قوى الظلام الاقليمي لتتلاعب بمصائر أهلنا في العراق واني لأحذر لجنة اعادة صياغة الدستورمن انطلاء حيلة مايطلق عليه هذه الأيام quot;الهوية العربية والأسلامية للعراقquot; عليهم، فاذا تم تثبيت هذه الفقرة في الدستورفسوف تكون quot;حصان طروادةquot; الذي سيمتطيه العربان في التدخل في شؤون العراق وquot;كعب أخيلquot; الذي سيكون هدف الظلاميين والمقتل الذي ستصاب به الديمقراطية العراقية الوليدة.
لما لهذه العبارة من تبعات قانونية سوف تنتقص من سيادة وتقيد حرية العراق وهيquot;ضمنياquot;ازدراء صارخ للمواطن العراقي غير العربي.

وكبديل quot;لجامعة العربانquot;على الحكومة العراقية المبادرة بتأسيس جامعة اقليمية تضم العراق مع دول مجاورة لها قواسم مشتركة مع العراق وتأثير مباشر وثقل أكبر على مفردات حياة الفرد العراقي وهذه الدول هي حصرا (ايران،كل دول الخليج العربية،تركيا، الأردن،سوريا، واسرائيل). وأنا واثق من نجاحها مثلما نجح نجاحا منقطع النظير مجلس التعاون الخليجي كمنظمة أقليمية فعالة.


نعيم مرواني
شروكي عراقي مهجر
[email protected]