إعتراضات الجبهة الترکمانية تتزايد مع الايام و لا تکاد تنطق ولو لمرة واحدة کلمة إيجابية بحق الذي يجري في العراق والذيquot;کفلquot;لها هذا الحق بأنquot;تصدحquot;وquot;تملأquot;الدنيا بصراخ إعتراضاتها التي يبدو إنها لاتنتهي إلا بإنتهاء التجربة السياسية الحالية للعراق والتي هي حلم يراود مخيلة ثلاثة عواصم إقليمية مصابة بصداعquot;کليquot;من جراء الوضع العراقي الجديد.
الجبهة الترکمانية التي عاشت و تعيش أجواء مشاحنات و تجاذبات و تنافرات تثير الکثير منها الشفقة قبل السخرية، تکاد أن تکون في الصف الاول من المدافعين عنquot;القضية العراقيةquot; وهي لعمري قضية حق يراد بها أکثر من باطل، ذلك أن هذه الجبهة التي تفيأت و تتفيأ بالظلال الترکية، ليس في يدها أي خيار سوى تنفيذ ما يردها من أنقرة، وهي لاتملك أدنى إستقلالية في قرارها السياسي بقدر ماهي مجرد بيدق شطرنج تحرکه السياسة الترکية بالحرکة التي تريحها و تفيد مصالحها.
إن العراقية التي تنادي بها الجبهة الترکمانية، هي ذاتquot;القبرصيةquot;التي تنادي بها الاقلية الترکية في جزيرة قبرص الموبوءة بالتدخل الترکي غير العادي، وإن ترکيا وإن تتمشدق بشعارات براقة من قبيلquot;وحدة التراب العراقيquot; و الحرص علىquot;مستقبل العراقquot;، هي نفسها التي کانت تتربص بولاية الموصل و لازال هناك العديد من الاصوات التي تتصاعد في ترکيا و تطالب بالعمل على إعادة ضم هذا الاقليمquot;المسلوبquot;من ترکيا الى حضن الوطن الاتاتورکي، ولذلك فإن الشعارات الوطنية الاکثر من براقة والتي تنادي بها الجبهة الترکمانية ليل نهار، ماهي في الحقيقة إلاquot;قميص عثمانquot;التي تسعى أن تخفي بين طياتهquot;النوايا الترکية الخبيثةquot;ضد العراق و شعبه.
هذه الجبهة التي ترفع عقيرتها دوما بعراقية تدفع کل العراقيين الآخرين بالاحساس إنهم لا يمثلون شيئا من العراق قياسا الى هذه الجبهةquot;المخلصةquot;للتراب العراقي، تتغافل عن سياسات ترکيا المائية التي تغبن حق جيرانها من العراقيين و السوريين مثلما تتغافل عن کل سياساتها الحرباوية الانتفاعية التي لاهدف لها إلا الصالح الترکي، وهمquot;أي الاتراكquot; لعمري محقون بذلك وأنا أبصم لأنقرة بالعشرة على سياستها هذه ذلك إنها تعمل من أجل مصلحتها الخاصة، لکن، ماهو هدف الجبهة الترکمانية من اللهاث خلف سياسات الدولة الترکية و مشارکتها في العديد من المؤتمرات المشبوهة بخصوص العراق في أنقرة؟ و ماهو سر تهافت الجبهة الترکمانية على طروحات الحکومة الترکية و جعلها بمثابة دستورها المقدس الذي لا تتمکن أن تحيد عن تنفيذ أدق تفاصيله قيد أنملة؟ و لست في صدد التقليل من دور و حجم الترکمان في العراق، لکن الدور الذي تسعى لکي تؤديه الجبهة الترکمانية على المسرح السياسي العراقي هو أکبر بکثير من حجم الجبهة الترکمانية ذاتها وإن تهافتها على رفض کل شأن يخص الشعب الکوردي يدل في حقيقة أمره على أن هذه الجبهة ماضية قدما في سياسة ترفض کل أنصاف الحلول و تطرح جانبا کل طريق أو اسلوب يدعو الى الحوار و التفاهم، ذلك أن قادة الجبهة الترکمانية و ممثليها يجلسون الى طاولة المفاوضات و عقولهم محشوة بأفکار و طروحات مسبقة سلفا، وهي إن جلست فإنما تفعل ذلك لذر الرماد في الاعين و أتحدى قادة هذه الجبهة التابعة لأنقرة حتى النخاع بأن يقوموا ولو لمرة واحدة بتجسيد موقف سياسي وطنيquot;عراقيquot;بعيد عن الظلال الترکية الکئيبة، يقينا إنها لن تقدر على ذلك أبدا، فإنفصالها عن السياسات الترکية يعني انها ستغدو کالسمکة التي خرجت من الماء.