مازالت الدراما السورية تستقطب أعدادا کبيرة من المشاهدين العرب في مختلف الدول العربية و طفق الممثل السوري يتخذ مساحة أکبر و أوسع من تلك التي کانت مخصصة له لسنوات خلت، وبالرغم من کل التحفظات و الإنتقادات الموجهة لمسلسل باب الحارة، فإنه و بشهادة النقاد و القنوات الاعلامية و الشارع العربي نفسه مازال يتصدر في الريادة من حيث عدد مشاهديه الشغوفين به الى حد الوله. والامر المهم الذي يجب علينا الالتفات له و التوقف عنده، هو أن الدراما المصرية التي کانت لعقود طويلة مهيمنة و بشکل مطلق على طول البلاد العربية و عرضها، مازالت تعاني من إخفاقات و تراجعات ذريعة من نواح عديدة کما أنquot;محبوبيةquot;النجم المصري لم تعد کما کانت في العقود الماضية ولم يعد هناك ممثلا بمثابة وحش الشاشة أو ممثلة مثل سيدة الشاشة العربية، لم يعد هناك ممثلا کوميديا بمستوى عادل أمام کما أن رحيل المخرج الکبير يوسف شاهين قرع هو الآخر ناقوس خريف في إنتظار ليس الدراما المصرية لوحدها و إنما السينما المصرية بحد ذاتها. في حين نجد العکس تماما على الساحة الفنية السورية تصاعد هنا و تألق هناك، نجاح في المسلسل الفلاني و إکتساح في مسلسل آخر، إنها قصة خريف أذنت بداياته بالنسبة للدراما المصرية مثلما هي قصة ربيع لاحت تباشيره بالنسبة للدراما السورية.
ولو تمعننا في المواضيع التي تطرق إليها الدراما السورية، لوجدنا فيها الکثير من المواضيع الجديدة و الحيوية المستقاة من واقع الحياة اليومية وفيها يجد المواطن السوري وحتى العربي همومه و معاناته مجسدة فيها أيـما تجسيد کما أن خفة الحرکة و سرعة الکاميرا في إلتقاط زوايا حساسة جدا في المشاهد و بداعة الاخراج و حرفيته المتناهية، بالاضافة الى الامکانية الکبيرة في أداء الممثل السوري، کل ذلك کان کفيلا بمنح الدراما السورية شهادة ليس نجاح عادي و إنما تفوق بإمتياز. وعلى الجانب الآخر، نجد الدراما المصرية أسيرة مواضيع مکررة تعيد نفسها بأنماط متباينة فلا تثير في المشاهد ذلك التشوق و الإثارة للمتابعة، بل وأن هذه الدراما التي وصلت الى مرحلة الشيخوخة من دون أن تدرك ذلك مازالت تتصابى متناسية بأنه ليس في وسع العطار و لا حتى عيادات التجميل مسح تلك التجاعيد و الترهلات التي باتت تطغي على کل ملامحها. وإذا ماکان الدراما المصرية تسعى الى الخروج من عنق الزجاجة من خلال إستعانتها بممثلين کبارquot;درجة أولىquot; من أمثال نور الشريف و محمود ياسين و فاروق الفيشاوي و غيرهم، فإن ذلك لم يشفع لها بل وإنها کانت تستحق الشفقة و الرثاء عندما تحاول إيهام المشاهد بصغر سن الممثل من خلال صبغة شعر أو باروکة کما کان الحال مع نور الشريف و فاروق الفيشاوي و و و حتى أن المرء يتسائل: هل إنه ليس هنالك ممثل آخر بإمکانه اداء دور الشباب إلا هذا الممثل العجوز نفسه؟!
والحق أن الواجب الاخلاقي کان يتحتم على هکذا نجوم مصريين أن لا يقبلوا بالظهور في هکذا أدوار إحتراما لأنفسهم أولا و لجمهورهم ثانيا خاصة وأن البعض من هؤلاء يظهر بين الفينة و الاخرى من على شاشات القنوات التلفزيونية المختلفة ومن خلال المقابلات الصحفية وکأنه حکيم أو حتى زعيم قومي في تقديمه النصح و التوجهات للشارع العربي و رصده الاخفاقات التي تعاني منها الامة!!
کما أن ظاهرة وضع مساحيق التجميل على وجه الممثلات المصرية هو الاخر يثير إشمئزاز المشاهد و يدفعه للتهکم سيما وأن هناك مشاهد تصور الفتاة في حالة فقر مدقع أو أنها ريفية أمية في حين نجد المساحيق قد طغت على وجهها بحيث إنها باتت تنافس بجدارة الممثلات الکويتيات بشکل خاص و الخليجيات بشکل عام في هذا المضمار، في حين نجد الممثلة السورية تکاد تکون أکثر واقعية من أخواتها الاخريات في هذا المجال و هي بذلك تقترب من الممثلات العالميات و تحاول أن تجاريهن.
نزار جاف
[email protected]
التعليقات