لرمضان طعم خاص ونكهة روحانية عميقة يعيشها المسلمون في مختلف بقاع العالم. هنا في الولايات المتحدة كذلك شاركنا إخوتنا في الإسلام واستمتعنا برمضان وعشنا أيامه الروحانية الجميلة. فقد أقيمت موائد الإفطار في بيوت المسلمين الأمريكيين وفي منازل جيرانهم وأصدقائهم ndash; وبعضهم من غير المسلمين ndash; بالإضافة إلى افتراش الموائد الرمضانية العامة في المساجد وغيرها من دور العبادة. وقد استضاف البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس الأمريكي أفراد المجتمع الأمريكي المسلم المحلي في تقليد سنوي مستمر يستحق الذكر. الرمزية التي تتجلى في تلك الموائد تعبر عن مدى القبول العام لمظاهر التعبد للمسلمين في المجتمع الأمريكي. فلم يعد المسلم بحاجة إلى شرح معنى كلمة quot;صيامquot; لبني جلدته من الأمريكيين غير المسلمين.
أثارت إحدى تلك الموائد الرمضانية اهتمامي فقررت حضورها. وكانت إفطارا استضافته كاثودرائية واشنطن الوطنية بتنسيق من مركز آدم الإسلامي (منظمة عموم منطقة دالس الإسلامية). وتم تتويج هذا التعاون الإيجابي المثير للدهشة بين المنظمتين بدعوة أناس من ديانات مختلفة ليشاركوا إخوتهم المسلمين حول طعام الإفطار.
بمجرد دخولي إلى مبنى الجامعة الكاثودرائية حيث عُمّرت مائدة الإفطار وجدتني متفائلا باختلاط تلك المجموعة المزدهية بعقائدها الدينية المتعددة. فقد كان معظمهم من رجال الدين الذين تحدثوا إلى بعضهم البعض مستذكرين تجاربهم في تخطي حدود العقيدة الشخصية بتعاونهم مع غيرهم من أصحاب العقائد الأخرى وما قاموا به داخل مجتمعهم الديني مع أبناء دينهم للتقريب بين العقيدتين. ومن بعد ذلك رحب بنا المستضيف والمنسق وذكّرنا كل منهما في كلمته بما يجمع بين المسلمين وأهل الكتاب.
لقد شعرت كمسلم بأن كل من حضر من نساء ورجال هم إخوة لي اجتمعنا حينها في كنف عائلة التوحيد لأبناء إبراهيم. لقد ذكّرني أحَدُهم حين أُقيمت الصلاة بأن المسلمين واليهود يصلون في كهف إبراهيم ولا يفصلهم إلا حاجز. وقد كان لمركز آدم الإسلامي من ذلك نصيب فمسجده يَتَشَارك مع معبد يهودي وكنيسة مسيحية في نفس الجدار. توجد العديد من مثل تلك التسويات بين مجموعة كبيرة من المساجد الأميركية المنتشرة حول الولايات المتحدة والتي تعد بالمئات، فبعضها يَسْتَأجر أو يَسْتأذِن في استخدام أماكن العبادة للديانات الأخرى كي يقيموا الصلاة ويؤدوا الجماعة.
لقد نشأت وأنا أسمع بعبارة quot;أهل الكتابquot; ولكنني لم أجد من تلك العبارة إلا روايات مخطوطة وقصص منقولة تعيش في الماضي البعيد. فقط وفي ذلك اليوم تجسدت الروايات حول مائدة الإفطار في الكاثودرائية لتصبح دليلا يُرينا كيف سيكون المستقبل الذي يسود فيه الخير ويجمعنا بكل من تَقَبّل الآخر،، بأن يحب له ما يحب لنفسه،، وبأن يوصي بجاره،، ذلك المستقبل هو الذي سيسود فيه السلام... وكل عام وأنتم بخير.
وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأميركية
[email protected]
http://walidjawad.maktoobblog.com
http://www.america.gov/ar
التعليقات