كثير منا من يسأل: كيف يمكن لمجرد آلة كمبيوتر موجودة في بيته أن تشكل خطراً كبيراً عليه وتلحق به الأذى؟؟

فعندما نجد أن الإنترنت أصبح موجودا في كل بيت من مجتمعاتنا يستعمل بطريقة خاطئة ومؤذية ويسيطر على عقول الناس من صغيرهم إلى كبيرهم يظهر لنا الجواب بوضوح..

وليس المقصود هنا أن إستخدام الإنترنت عادة سيئة أو إنه إتجاه غير صحيح أو إنه يجعل ممن يستخدمه شخصاً سيئاً، ففيه فوائد جمة وعديدة فهناك كثير من الأشخاص يستعملون الإنترنت بشكل صحيح ومتزن فمنهم من يستعمله لتبادل الرسائل عبر البريد الإلكتروني والدردشة (الماسنجر) ليبقوا على إتصال مع أصدقائهم وذويهم إذا كانوا في بلاد الإغتراب أو حتى ضمن البلد الواحد لأن هذه الطريقة هي الطريقة الأسهل للتواصل. ومنهم من يكون عمله ودراسته عليه، ومنهم من يستغله في إستخراج المعلومات المهمة الموجودة على مواقعه وإنجاز الكثير من القراءات المفيدة.

لكننا هنا نتكلم عن كيفية إستخدام هذه الوسيلة ومعرفة إتقان إستخدامها ولأي غرض يراد إستعمالها ليس لأجل التسلية واللعب على الناس والخداع..

فبعد أن انتشرت ظاهرة المواعدة على الإنترنت أضحت العلاقات الرومنسية مرهونة ببضع كلمات وعدة صور ترى عبر الإنترنت فلم يعد اللقاء مع الطرف الآخر ولا المواعدة وجهاً لوجه ضرورياً لنجاح أي علاقة!!

ومن هذا المنطلق تكثر حالات الفتيات اللواتي خدعن عبر المواعدة على الإنترنت واللواتي تعرضن لمخاطر عديدة أكانت هذه المخاطر جسدية أو عاطفية أو نفسية، لأن طبيعة الفتاة تجعلها تفكر وتزن الأمور بقلبها لا بعقلها في بداية العلاقة العاطفية، فتصدق كل الكلام المرسل لها وتقع في حبائل الحب بمجرد بضع كلمات عاطفية ومواصفات متطابقة لفارس احلامها المرسوم في مخيلتها..

ولا تشك ولو للحظة إن كان ذلك الشاب الذي تواعده صادقاً معها أم كاذباً، أو أن مراسلته لها وتدفق كلمات الحب عليها ليست سوى نزوة ينفس عما في داخله من شحنات عاطفية للوصول لهدف ما، وإنه لا يريد الزواج بها فعلياً أو حتى أنه يضيع وقت فراغه معها حتى تخدع وتمر بتجربة الفشل العاطفي للعلاقة بعد أن يقطع علاقته معها، ليجددها مع فتاة أخرى أو انه يتم اللقاء وتأتي المفاجأة لتشكل صدمة لكلا الطرفين لعدم تطابق المواصفات المرسومة في مخيلتهم والتي حددت من قبل عبر المراسلة..

فمعظم من يتراسلون عبر الإنترنت من الشبان والفتيات يلجأون إلى أساليب الغش والخداع حتى أنهم يستخفون بهذا النوع من الخداع بإعتبارهم أن بعض أكاذيب صغيرة لا تؤدي إلى أي أذى، وهم لا يعرفون أن كل المشاكل التي يعاني منه مجتمعنا تبدأ بسبب الخداع الكذب مهما كان صغيرا..

وكثيرون من يستغلون نقطة الضعف في عاطفة الفتاة ليفسدوها وينفذوا ما في عقولهم من مآرب دنيئة، وتسهل لهم هذه الوسيلة عدم إكتشاف تلك الأساليب من قبل الطرف الآخر فمنهم من يحقق هدفه لتندم الفتاة على تجربتها الفاشلة، ومنهم من يفشل ويكرر الأمر مع فتاة أخرى وهكذا حتى يتحقق هدفه.

وغالباً ما نسمع أن هناك أشخاصا يبدلون أجناسهم بغية الإيقاع بمن يعجبهم وذلك يرجع إلى مرض نفسي في دواخلهم وميولهم، ودائماً تؤدي هذه الأمور إلى جرائم لا يحصى عددها..

أما عن المقولة المعهودة التي تبدأ بنظرة فإبتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء فلم تعد ضرورية في نظر من يعيشون أوقاتهم على الإنترنت، بل أصبح تكفيهم قراءة الكلمات والأشعار أو مشاهدة بعض الصور على الويب كاميرا، حتى وان كان أي طرف يخفي حقائق ضرورية للعلاقة من ناحية الوضع الإجتماعي والعائلي أو العرق أو الدين أو السجل الإجرامي أو العيوب أكانت جسدية أو نفسية.

فينتج عن إخفائهم لهذه الأمور فشل العلاقة ليعاني الطرف الآخر معاناة عاطفية مؤلمة بعد أن يكون قد تعلق قلبه بالطرف الآخر وبنى آماله وأحلامه ومستقبله على تلك العلاقة.

ودائماً تكون هذه التجارب عبرة لغيرهم من الناس وتحذيرا لكل من يفكر في إستخدام هذه الوسيلة لبناء علاقة سامية تؤدي نحو طريق الزواج، لأن العلاقة التي يراد بها إتحاد مستمر مدى الحياة يجب أن تبنى على أسس صادقة وأهداف حقيقية وليس تسلية لعدة أيام أو شهور بسبب نزوة ما أو لإفراغ بعض الشحنات العاطفية.

كما إن المواعدة عبر الإنترنت قد تخل بتوازن الترابط الأسري فلا يعود الشخص الذي يعيش هذه الحالة يتقرب من معارفه، بل يزداد إبتعاداً عنهم وهم الذين يتواجدون في حياته الواقعية الإجتماعية، فيجعل الإنترنت في المرتبة الأولى بعد الترابط الاسري، وهنا يهمل كثيراً من واجباته ومسؤولياته تجاه أصدقائه وأقاربه أو حتى أهله الذين يعيشون معه في بيت واحد بسبب مكوثه لساعات طويلة أمام شاشة الكومبيوتر للدردشة مع أشخاص تعرف عليهم فقط عبر الإنترنت!!

أما الطريقة المثالية للعلاقات العاطفية الرومنسية فهي ما يكون ببداية صحيحة وواضحة لا غش فيها ولا خداع، لأن هدفها الإستمرارية مدى الحياة وليس بضعة أيام للتسلية، واللقاء هو أهم خطوة في العلاقة العاطفية لأنه يحدد شخصية كلا الطرفين ويبين الإنسجام بينهما، وطبعاً كل ذلك يتم ضمن الضوابط الشرعية والأخلاقية، والقيم الروحية لا تكتشف إلا بالأمور الحسية وتضمن للطرفين الراحة النفسية وعدم الشك في العلاقة إذا كانت جادة بهدف الزواج..

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/
[email protected]