المعلومات التي أعلنها رئيس الوزراء البحريني عن المحاولات التخريبية التي رتبتها و قامت بها جماعات إرهابية تخريبية و طائفية مرتبطة بالمشروع الإيراني و إمتداداته في العالم العربي ليست نهاية المطاف في تقرير طبيعة و حجم الأعمال الإرهابية و الخلايا السرية التي يقف خلفها نظام الحرس الثوري في طهران و المدعوم ستراتيجيا و تكتيكيا في العالم العربي من حلفاء و مناصرين معروفين تاريخيا و مشخصين بكل دقة منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي و حتى اليوم أي منذ ما يقارب الثلث قرن، و حينما تعلن الأجهزة الأمنية البحرينية عن إكتشاف أمني ما، و عن فضح شبكة أو خلية سرية إيرانية فإنها لا تضيف جديدا بالمرة بل تقرر ميدانيا واقعا سائدا و معروفا، فحجم الخلايا السرية الإيرانية في دول الخليج العربي أكبر و أكثر من كل ما هو متوقع؟

بل أن طبيعة التغلغل الإستخباري الإيراني في المنطقة فيما لو عرفت جميع حقائقه سيصيب المنطقة بصدمة شديدة و آثار مرعبة، و ما كشفه الأمن البحريني مؤخرا ليس سوى نقطة بسيطة في بحر هائج و مائج من الأسرار و الخفايا و الخلايا، و لكن أشد ما يضحك المرء حقيقة هو حركات الشقلبة السياسية للنظام الإستخباري السوري، فبمجرد أن أعلن وزير داخلية البحرين عن أن الجماعة الإرهابية قد تلقت تدريبها في معسكرات داخل الأراضي السورية أعلن وزير الخارجية السوري عن تضامن نظامه مع البحرين!! و كأن وزارة خارجية دمشق لا تعلم تماما ما تفعل وزارة الداخلية هناك؟

و لا تعلم أي شيء عن نشاطات فروع و مكاتب المخابرات السورية المتعددة وهي الضليعة و العارفة و المختصة بشؤون الإرهاب و تنظيماته و حركات المعارضة السياسية و العسكرية في العالم العربي؟

أو كأن السيد وليد المعلم لا يعلم أو يحيط بطبيعة التحالف الستراتيجي القائم منذ عقود بين نظامه و نظام طهران وهو تحالف مقدس كانت حصيلته النهائية دعم الجماعات الإرهابية و الطائفية في المنطقة و إدخالها في جحيم العمليات الإنتحارية منذ عملية تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981 مرورا بالتفجيرات ضد الأمريكيين و الفرنسيين في بيروت وصولا لتفجيرات الكويت الشهيرة أواخر عام 1983 و التي دبرت في طهران و أجريت بروفانها و تكتيكاتها في دمشق بتسهيل من المخابرات السورية و نفذت في الكويت لتكون باكورة الأعمال الإرهابية الجديدة التي روعت المنطقة و مارست سياسة الإبتزاز و أفرزت توجهات ائفية خطيرة ما زالت تتفاعل، و قضية الإرهاب في البحرين اليوم هي مسألة و حالة من مسائل و حالات تطور الإرهاب الطائفي الإيراني المدعوم تكتيكيا من جانب النظام السوري و الذي مهما بالغ في الإنكار و أعلان التضامن الوهمي فإنه لا يستطيع التنصل أبدا من مسؤوليته و دوره التسويقي الخطير في العالم العربي للمشروع الإيراني، و البحرين ليست وحدها في دائرة الهدف الإيراني المباشر بل أنها فاصلة على الطريق فهنالك تحركات و خلايا سرية إيرانية متغلغلة في عمق النسيج الإجتماعي و السياسي و حتى الأمني لدول خليجية أخرى، و هنالك العراق حيث يحتل أهل المشروع الإيراني فيه قطب الصدارة و يتسيدون الموقف و يباشرون بتنفيذ سياسات و مقاربات أمنية تتوائم و تتفق مع المشروع الإيراني، كما أن في الملف الأمني الخليجي مفاجآت من العيار الثقيل قد يتم كشفها خلال المراحل القادمة، خصوصا و أن هنالك بوادر لتحولات و تحالفات أقليمية و دولية جديدة قد تعيد ترتيب ألأوضاع في المنطقة العربية و عموم الشرق القديم، و ما حصل في البحرين و تمكن أجهزتها ألأمنية من إلتقاط بعض المعلومات الأمنية الحساسة بطريقة أو بأخرى لا يعني أبدا بإن مسلسل الإرهاب الإيراني المدعوم بغطاء الدعم و الحماية اللوجستية لأجهزة مخابرات النظام السوري سيتوقف أو يتقلص بل العكس هو الصحيح...؟

فما زالت هنالك نشاطات و تحركات و خلايا سرية و نائمة تنتظر أوامر التحرك و ستراتيجية الأمن الخليجي لا يمكن أن تتقدم أو تحرز نجاحات ميدانية في ظل الدعم الإستخباري السوري لوكلاء النظام الإيراني في العالم العربي و أعتقد أن ما أقصده واضح و محدد و صريح، فنفي وليد المعلم لا قيمة حقيقية له أمام الوقائع الميدانية و حجم التغلغل الإستخباري و طبيعة الدعم اللوجستي للنظام السوري للجماعات التخريبية في الخليج العربي و العراق... المهم أن هنالك مفاجآت أمنية كبيرة قادمة على الطريق ستقلب الموازين السابقة.. و من لا يصدق ما عليه سوى الإنتظار..!

داود البصري

[email protected]