سؤال يطرحه أهل الأردن من شتى الأصول والمنابت، حيث يضعون له سيناريوهات مختلفة اغلبها مخيفة ومرعبة، مستقبل مجهول وغامض، في ظل التخبط الحكومي في كل شيء، وهم يرون أي (اهل الاردن) إما إن هنالك ما هو مخطط له في السر يجري تنفيذه في العلن رويدا رويدا كي لا تحدث هبة شعبية تأكل الأخضر واليابس أو أن ما يحدث في الأردن هو عمل مجموعة من المرتشين والوصوليين والمرتزقة الذين يودون أن يحققوا اكبر قدر من المال في سنتين ثم الهروب خارج البلاد كما فعل مدير المخابرات العامة السابق ألبطيخي وقبله احمد الجلبي وغيرهم كثيرون ممن اعتبروا الأردن بلد لمن ليس له بلد اكسب منه ما استطعت واهرب.

ما يحدث اليوم في الأردن غريب واغرب من الغرابة نفسها، دولة تباع كل مؤسساتها الناجحة والفاشلة، يباع قديمها وحديثها، تباع صحاريها وأراضيها المسكونة، يباع شطها الوحيد العقبة، يؤجر بحرها الميت الوحيد وبحرها الحي، لا يمكن لعاقل أن يصدق ماذا يجري في الأردن. والأغرب من هذا أن المواطن قد الهي بارتفاع الأسعار الجنونية كي يبقى يركض وراء رغيف الخبز وليس لديه الوقت للتفكير بغير ذلك لان قوت عياله بات أهم من ميناء العقبة الذي بيع بصفقة سرية لمستثمر خليجي دون عرضها بالشكل القانوني الذي يتيح للعامة والمتخصصين أن يعرفوا ما لهم وما عليهم. بل أن توقيت البيع تم في إجازة مجلي النواب الطويلة.

لا احد يصدق أن بلد ذا سيادة يبيع منفذه الوحيد والمطل على البحر الأحمر. ثم يؤجر اغلب شواطئ البحر الميت إلى مستثمرين وبيع أجزاء واسعة منه والسماح بإنشاء اكبر كازينو قمار في الشرق الأوسط، وهذا من مكارم سيادة الحكومة السابقة التي كان أهل الأردن ينظرون إلى رئيسها على انه ابن بلد وابن الجيش العربي، حين ابقى الصفقة سرية إلى أن تم كشفها قبل أسبوع.

المصيبة الكبرى هو بيع مدينة الحسين الطبية التي انتفع منها كل الأردنيين على مدار العقود السابقة وكان الملك حسين يفاخر بها الدنيا كأهم إنجازات الأردن الحديث. ثم جاء من يبيعها دون أن ترمش له عين، والادهى من ذلك بيع مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية الذي يجاور المدينة الطبية حيث لم يكتمل بناؤه الى هذه اللحظة. لقد تم بيعه هو الأخر مع أراض الدولة الى مستثمر اخر، وهنا نحتاج الى توقف قليلا للتأمل.. إذا كانت المدينة الطبية بيعت لأنها قديمة كما يزعمون بعد ان انكشف سر البيعة ألسريه، طيب ومباني القيادة العامة المبنية على أحدث طراز هل هذه شاخت هي أيضا قبل استلامها. الم يكن هنالك تخطيط مسبق قبل هذا التخبط الحكومي الواضح في عملية البناء والبيع؟، أليس هذا هو الجنون بعينة والفساد بأفضل أشكاله؟

عندما باعوا منطقة العبدلي التي كانت تظم مباني القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية قبل حوالي الثلاثة أعوام لمستثمر لبناني كبير ومعها كل أراض الجيش العربي، كان الحديث يدور أن هنالك وجهة نظر تقول ان وسط عمان لا يصلح ان يكون مركز قيادة عامة، أما ألان وبعد بيع القيادة العامة الجديدة التي لم تسكن بعد، فان المشروع قد أتضح وانفضح، في بيع لكل ما هو ثمين وغالي في الاردن ولأهداف ما زالت سرا على اهل الاردن.

عندما سمحت الحكومات المتعاقبة على ببيع أراض المواطنين الفقراء في الصحراء ومكان مراعي حلالهم والأراضي الميري والحكومية والمسجلة بسجل خاص توصل اهل الاردن إن ما يجري هو بيع للأردن برمته، بيع للوطن وبيع لمن يدفع أكثر، وعليه فقد أصبح المواطن الأردني ينتظر بشغف الفصول الأخيرة من المأساة، مأساة اسمها بيع الأردن على دفعات. حمى الله الأردن إن بقي أردن وأهلة المكلومين.

الدكتور منور عياض ال ربيعات