انهم الأعزة، لأنهم منتخبون من قبل شعبهم العراقي، وهو الذليل لأنه وسيده صدام وحزبه الآثم فرضوا انفسهم على العراقيين قرابة أربعين عاما كتموا فيها أصوات العراقيين وزجوهم فى السجون وقتلوا منهم مئات الآلاف فى حرب جنونية استنزافية مع ايران، وكان المنتصر فيها اسرائيل وأمريكا فقط، وغزوا الكويت وسببوا مجيء الأمريكان الى المنطقة، وأتاحوا لهم الفرصة لتدمير العراق والقضاء على بنيته التحتية وأعادوه قرونا الى الوراء.

الكاتب الفلسطيني/البريطاني الجنسية عبد البارى عطوان، كتب مقالا بعنوان: انه عزيز وهم الأذلاء، فى صحيفته (القدس العربي) ونشرتها ايلاف فى اليوم الأول من الشهر الحالي، يصف طارق عزيز بانه (العزيز) ويصف أركان الدولة العراقية بأنهم (أذلاء) وغيرها من النعوت الرخيصة، وهم الذين انتخبهم الشعب العراقي ليمثلهم فى البرلمان والحكومة، وهم من كل الأطياف العراقية ويمثلون كل الأطياف العراقية، هل كان يستطيع ان يقول ذلك لو لم يكن بحماية بريطانيا؟

ان المحكمة لم تبدأ بعد فكيف وصفها بأنها (محكمة هزلية تكشف عن مدى تدهور القيم والأخلاق)؟ ثم يسترسل قائلا: (بل انعدامها كليا فى العراق الأمريكي الجديد)!!! ألا تعتبر هذه اهانة لكل العراقيين؟ العراقيين الذين اتخمت اثمان كوبونات نفطهم خزائن بعض السياسيين والصحفيين المأجورين وكل من قدم خدمة (للقائد الضرورة) والتى وزعها طارق عزيز (كما ذكر عطوان فى مقالته)، ولكنه لم يذكر على من وزعها لئلا تناله الشبهة، وحاشاه ان يكون من المنتفعين منها.

صدام، كما يعرف السيد عطوان، كان كريما معطاء الى أبعد الحدود (على قاعدة: وهب الأمير ما لا يملك)، فعندما دخلت جيوشه الى المحمرة فى ايران قام بانشاء مسجد كبير فيها، وكان قبل ذلك قد بنى كنيسة (وربما اثنتين) فى ديترويت الأمريكية التى يسكنها بعض الأحبة من مسيحيي العراق، والبعض منهم (على ما يقال) من أقارب طارق عزيز، وقد كرمهم صدام حيث ان بعضهم نظم عدة مضاهرات فى اثناء الحرب مع ايران فى تلك المدينة تأييدا لحامى البوابة الشرقية، وعرض التلفزيون العراقي تلك المضاهرة. ولا أدرى كيف اوصل صدام (ثمن) تلك المضاهرات والتجمعات التى نظمها حزب البعث/فرع
ديترويت، كما قيل فى وقته.

ثم ذكر السيد عطوان بأن الأستاذ عزيز لم يقتل فى حياته بعوضة!!! كيف عرف ذلك وهو يقول انه لم يقابله ولم يتصل به بأي شكل من الأشكال؟ وهل كانت هناك معاهدة عدم اعتداء بين البعوض والاستاذ عزيز؟ والذى أعلمه انه لم توجه اليه تهمة قتل بعوضة، بل تهمة تقول باشتراكه فى مقتل بعض من التجار العراقيين. وقد تثبت عليه هذه التهمة فيعاقب، أو لا تثبت فيطلق سراحه، وقد يحاكم على تهم اخرى، حيث انه حسبما سمعت،متهم بجرائم كثيرة اخرى.

ثم يقول السيد عطوان: ((يكفى السيد عزيز شرفا، وهو الذى كان يشرف بنفسه على توزيع كوبونات النفط ان اسرته تعيش على الكفاف فى العاصمة الأردنية، وانه لم يتدخل مطلقا لدى رئيسه صدام حسين، صديقه الحميم، عندما اعتقل ابنه زياد بشبهة الفساد)). لنتأمل قليلا فى هذا القول. ان القاصى والدانى يعرف ان الكوبونات كانت تعطى لرشوة بعض المسئولين فى الدول الأجنبية، وللصحفيين المأجورين وغيرهم ممن خدموا صدام وحكمه فكيف يرضى انسان شريف ان يشرف على مثل هذا العمل الشائن؟ أما اسرته فلا أظنها تعيش على الكفاف، فان معلوماتى تقول غير ذلك، خاصة وان بعضا من عائلة صدام
البليونيرية يعيشون فى عمان، والعلاقة بين الأسرتين (دهن ودبس)، فكيف تعيش اسرته كفافا؟ ويذكر ان ابنه زيادا اعتقل (بشبهة) الفساد، ولم يقل( بتهمة) الفساد. ثم كيف عرف السيد عطوان بان عزيز لم يتدخل لدي صدام بهذا الشأن؟ ان عزيزا لم يتصل به، كما قال، بأي شكل من الأشكال، فهل أخبره صدام حسين بذلك؟ هل يتصور أحد فى العراق ان هناك أحد يتجرأ على اعتقال زياد ابن طارق عزيز بدون ان تكون التهمة ثابتة عليه فيجلب على نفسه نقمة صدام، والكل يعرف ايضا بالعلاقة الحميمة بين الاثنين؟ وهل يحتاج صدام ليخبره عزيز بما جرى وهو الذى لم تخف عليه خافية فى البلد؟


وهاجم السيد عطوان العالم الغربي واتهمه (بالنفاق والصمت على احتجاز رجل مريض لأكثر من خمس سنوات)، كما قال. اذا كان العالم الغربي منافقا فلماذا يسكن فيه و لا يتركه ويرحل الى الشرق العربي ليكون قريبا من وطنه فلسطين ليساعده بدلا من التهجم على العراقيين؟

وتغنى السيد عطوان بعهد معبوده صدام ووصف العراق على عهده كما يلى:

1) عراق غير طائفي: ان العراق لم يخل من الطائفية المقيتة فى يوم من الأيام، وقد كانت شبه خامدة فى العهد الملكي، وكادت ان تنعدم فى حكم عبد الكريم قاسم، ولكن الحكم العارفي أججها، والحكم البعثي زادها استعارا.

2) ينام العراقيون وأبواب بيوتهم مفتوحة على مصراعيها: حتى فى سويسرا او السويد يغلق الناس أبواب بيوتهم، فكيف يتركها العراقيون مفتوحة، وقد كانوا لا يأمنون على أنفسهم وأعراضهم من صدام وعائلته وزبانيته؟ هل سمع بمن كان يدعى (أبو طبر) فى عهد صدام، حيث قام هذا الشخص (او الأشخاص) فى منتصف عام 73 وبتخطيط وتوجيه من صدام بالسطو على البيوت وقتل أهلها بالسكاكين؟ وكانت الغاية هى البحث عن الأسلحة والتخلص من المعارضين، وللتمويه فقد قتل بعض البريئين أيضا. ان كان السيد عطوان لا يدرى فسيخبره العراقيون عن دخول عدي بن صدام النوادى والحفلات العامة والخاصة
ليخطف الفتيات، ويذهب الى الفنادق التى تقام فيها الأعراس لخطف العرائس (وكانت هذه سببا فى محاولة اغتياله)، وهل سمع بقتل عدي لأحد حراس ابيه بضربه بهراوة على رأسه، وقد حدث ذلك فى حفلة رسمية كبيرة كان الرئيس حسنى مبارك أحد حضورها، واحتجز عدي (خوفا من الفضيحة) فى أفخم فندق فى بغداد، ثم كانت مسرحية عفو أهل القتيل المسيحيين وتنازلهم عن حقهم، وتمثيلية توسل أعضاء مجلس قيادة الثورة والوزراء والشعراء والكتاب المأجورين بالرئيس لاطلاق سراحه ففعل، اكراما لرغبة الشعب العراقي!!.

3)عراق كان شعبه يتلقى حصته الغذائية بالتساوي دون نقصان او تأخير: الحصة الغذائية بدأت مع الحرب العراقية الأيرانية، حيث بدأت شحة الغذاء بسبب تجنيد الفلاحين للقتال فى حرب جنونية زجهم فيها (حامى البوابة الشرقية) وقتل فيها نصف مليون عراقي على أقل تقديراضافة الى الجرحى والمعوقين. وربح فيها الفلسطينيون والمصريون حيث احتلوا مناصب وأعمال الجنود المحاربين. وفى اثناء ذلك كان الرئيس القائد يبنى القصورالعديدة التى يقصر عن وصفها الخيال فى انحاء العراق له ولأسرته، وفعل الشيء نفسه اثناء الحصار، وكان يحتفل ويرغم العراقيين على الاحتفال بميلاده وهم
جائعون معذبون.

4) عراق يتدفق فيه الماء والكهرباء الى البيوت: انقطاع الماء والكهرباء بدأ منذ أواخر العهد الملكي واستفحل فيما بعد ولم يفعل أحد ان يفعل شيئا بسبب شحة المال. وعندما حصل البعثيون على الأموال الطائلة من واردات النفط لم يقم السيد الرئيس بمعالجة الأمر لانه كان مغرما باستيراد الأسلحة التى صرف عليها المليارات وذهبت هباء منثورا، وكما نقول فى العراق (ضاعت الصاية والصرماية). ثم جاء القصف الايراني وبعد ذلك القصف الأمريكي ودمروا محطات الماء والكهرباء، وزادت ساعات انقطاع الماء والكهرباء باستثناء قصور السيد الرئيس والمتقدمين فى حزب البعث وكبار
الموالين له من عراقيين وأجانب. واستلم الحكم الجديد بلدا مخربا ومدمرا تدميرا كليا، فكيف نتوقع اصلاح الخراب والتخريب لا يزال مستمرا لم ينقطع من قبل البعثيين والانتحاريين المجرمين والمعممين اللصوص من مرتزقة الدين؟ يضاف اليهم المتضررين من الفلسطينيين والمصريين الذين فقدوا ايراداتهم من أموال العراقيين المسروقة، سواء داخل العراق أو خارجه؟

لا ريب ان السيد عطوان يتميزالآن غيظا بسبب التقارب الذى يحصل حاليا بين المسئولين العراقيين سنة وشيعة وانهم أدركوا ان فى اتحادهم فقط سيستطيعون انقاذ بلدهم من المجرمين واللصوص والمخربين من اي جهة كانوا أو اي دولة يتبعون. وسيقضون على كل من يحاول الاضرار بمصلحة البلد العليا.

اذا كان السيد عطوان يحب العراقيين حقا، كان عليه ان يحاول المساعدة على تقريب وجهات النظر والسعي للمصالحة بين الفئات العراقية المتخاصمة، بدلا من تحريض أحدهم على الآخر، واتهام الجميع بالخيانة والعمالة وكل الصفات السيئة الأخرى. وكما يقال: قل الحق او فاصمت.

عاطف العزي