عودة الحكومة اللبنانية عن قراراتها بشأن ضابط أمن مطار بيروت، و منظومة الإتصالات الخاصة بحزب خدا الإيراني في لبنان هو هزيمة حقيقية لمشروع الحرية اللبنانية و نكوص حقيقي عن كل الآمال و الشعارات، كما إنه إنتصار حقيقي و ستراتيجي ليس تكتيكي أبدا لنظامي دمشق و طهران و لقوى الفاشية الدينية و المذهبية التي إنتعشت أيما إنتعاش بعد تلك الهزيمة المدوية لجماعة الموالاة و التي هي بكل المقاييس نصرا حقيقيا لقوى التمدد الطائفي الإيرانية و هزيمة ساحقة لقوى الحرية و لكل الأطراف التي ترفع عقيرتها بالصراخ و الصداع حول حقوق الإنسان و حول قيم الحرية و حول ضرورة التخلص من أنظمة الطغيان، و الهزيمة في لبنان لا تشبه أي هزيمة أخرى في المنطقة لأنها ستترتب عليها أمور أخرى لعل من أهمها إنتعاش المشروع الإيراني في العراق و مساندة جواسيس نظام صدام السابقين الذين تحول بعضهم في طفرة وراثية لقادة و حكام في العراق الجديد / القديم الذي لم تختلف أحوال شعبه في الحاضر عن الماضي بل زادت معاناة و حسفا و مأساة، و لا يمكن بأي منظار التقليل من قيمة النصر التاريخي لإيران و جماعتها في لبنان لكونه لم يتأت صدفة و لم يكن وليد ضربة حظ بل جاء نتيجة لتخطيط ستراتيجي إيراني بعيد المدى نسجت خيوطه الأولى مع الإحتلال السوري للبنان، و تعززت قاعدته طيلة عقدين كاملين من التسليح و التمويل و بناء القواعد و المؤسسات و البنية التحتية حتى تحولت دولة حزب خدا لدولة حقيقية أقوى بمؤسساتها المالية و الأمنية و التعبوية من جميع مؤسسات الدولة اللبنانية، و تحول مطار بيروت ليكون قاعدة حقيقية للتمويل الستراتيجي و التعبوي و عمليات الحشد اللوجستية للأسلحة و القوات المدربة جيدا القادمة من إيران و على عينك ياتاجر و في تحدي واضح لكل الأطراف المحلية و الإقليمية و حتى الدولية التي تقتل القتيل و تمشي في جنازته و تمارس نفاقا سخيفا سرعان ما فضحته الأيام، لقد بات حزب خدا و حلفائه الطائفيين في حركة أمل أو عملاء النظام السوري من القوميين السوريين أو أولئك المتذبذبين من الذين هددوا ذات يوم بضرب دمشق بالصواريخ ثم إرتضوا لأنفسهم أن يكونوا أجراء لنظام صدام ! بات اليوم هو اللاعب الأقوى وهو الذي يتحكم بموازين الحرب و السلام وحتى بمواعيد قطف الرؤوس و إنهاء الخصوم و السيطرة الكاملة على كل لبنان و لو أدى ذلك الفعل لعودة الحرب الأهلية التي تعني نهاية لبنان كبلد سيد و حر و مستقل !، لقد كسب الإيرانيون الحرب و ليس جولة من جولاتها و باتت خطواتهم القادمة هي المفتاح الحقيقي لإدارة الصراع الإقليمي في المنطقة، و بات أمن الإقليم يعتمد كليا على رأي طهران و قادتها ففي قولهم الفصل و منهم تبدأ المبادرات و بهم تنتهي!! و أضحى الوجود الأمريكي و الغربي في المنطقة مجرد ديكور هش لتفاهمات إقليمية سرية يبدو أنها في طور الإنجاز تحت وابل القصف المدفعي المكثف من شعارات المقاومة و التحرير، و لا يسعنا بهذه المناسبة إلا أن نبارك لقادة إيران و لعمائم المنطقة البغدادية الخضراء و للرفاق أتباع الولي الإيراني الفقيه في لبنان و للرفاق في حركة أمل و لكل ذئاب الفاشية الدينية و الطائفية، و أن نعزي الولايات المتحدة و حلفائها بوفاة مشروعها التحريري المضحك الذي تحول لمهزلة حقيقية في المنطقة، كما نعزي الجامعة العربية التي تحولت لتاكسي الغرام للرسائل الإيرانية... إنه النصر الإيراني العظيم... و ( خدايا تا إنقلاب مهدي.. خامنئي را نكهدار )!! أي حتى ظهور المهدي إحفظ لنا الخامنئي... و ليخسأ الخاسئون..!.

داود البصري

[email protected]