جهات مجهولة تغتال المستشار العسكري للرئيس السوري بشار الأسد العميد محمد سليمان( أحد الأسماء المطلوبة للتحقيق في حادثة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري)، وأحاديث عن وضع العائلة المالكة الحجر على صهر الرئيس رجل الإستخبارات القوي آصف شوكت( الذيّ هو احد المؤتمنين على الأسرار الوجودية للنظام السوري الحالي) وإيداعه في مكان آمن تحت المراقبة الدائمة.

خبران من سوريا، التي شهدت في الآونة الأخيرة أحداثاً كبيرة وعظيمة، كانت لها تداعيات إقليمية خطيرة، تعدت الحدود الجغرافية والسياسية لسلطة الأسد.

من الداخل هناك محاولة مستميتة من النظام لضبط الأوضاع وquot;ضبضبةquot; الأمور لكي تبقي على حالها، دون تطورquot;غير محسوبquot; قد يغير من المعادلة وحالة الرتابة التي وطدّها النظام وأجهزته القمعية طيلة العقود الماضية.

ثمّة مراقبة صارمة للمعارضة في الداخل وquot;جرجرةquot; أغلب نشطاء ورموز هذه المعارضة إلى السجون وتسليمهم لعهدة المحاكمات العسكرية الصورّية، بتهم سخفية كالتسبب في quot;وهن عزيمة الأمةquot; وquot;إثارة النعرات العرقية والطائفيةquot;، وquot;السعي إلى الإنفصال والتقسيمquot;.

هناك سيطرة تامة على صعيد هذا الملف. اغلب المعارضين العرب والكرد في البلاد في السجون الآن، يٌحاكمون بالتهم الآنفة الذكر. توضع القيود في أيديهم ويتعرضون إلى الشتائم ونظرات الإزدراء وهم يقتادون إلى صالات المحاكم جنباً بجنب مع المجرمين واللصوص....

فيما يتعلق بالداخل والعلاقة مع quot;الآخرquot; الذي يطير خارج سرب النظام، ثمة محاولة قوية للبقاء على quot;العهد القديمquot; والضرب بيد من حديد( قيل أنها ألبست قفازات حريرية في عهد الإصلاح والتطوير؟) لكل من يجرؤ على النقد ومحاسبة النظام على كم جرائمه ونهبه، وإدارته للبلاد بهذا الشكل الكارثي.

المعارضون العرب quot;متورطون في تنفيذ أجندة خارجيةquot; وquot;مشبوهون يحاولون النيل من عزيمة الأمة وإضعاف موقفها القومي الثابتquot;. والمعارضون الكرد quot;إنفصاليون يطالبون بتغيير حدود الوطن وضم بعض مناطقه إلى أراضي دولة أجنبيةquot;!. هذه هي الكلمات القديمة الآتية من نفس القاموس القديم. وهذه الكلمات/الأفكار، ينبغي أن يكون الرد عليها، نفس العقوبة ونفس المعاملة القديمة أيضاً. أي السجن والتنكيل والحط من الكرامة الإنسانية. وفي ذلك ليس ثمة من مجال في مراعاة الضغوط الدولية أو تقديم تنازل مخافة ردود فعل الواقع المستجد في منطقة الشرق الأوسط. لكن، ومع ذلك، لابأس في أن يصدر النظام أمراً بالإفراج عن شيخ مسن مثل أستاذ الإقتصاد المعارض عارف دليلة، بعد أن قضى ثلاثة أرباع عقوبة السجن بالأشغال الشاقة( 7 من أصل 10 اعوام)، والتي كانت محكمة عسكرية قد انزلتها به بتهمة quot;النيل من عزيمة الدولة وهيبتهاquot; عند حديث دليلة في محاضرة له عن quot;نهب رجالات النظام لمليارات الدولارات من مال الوطنquot;، دون رقيب أو حسيب.

في المدار الخارجي، ثمة نشاط محموم، ويبدو متماسكاً، للدبلوماسية السورية. الرئيس السوري بشار الأسد يتحرك بين طهران وأنقرة للضرب على الوتر الحساس لديهما وهو quot;منع قيام دولة كردية في المنطقةquot; والتوحد ضد إلحاق مدينة مدينة كركوك بإقليم كردستان ورفض الفيدرالية هناك، إضافة إلى العمل المشترك( الذي وصل إلى حد التنسيق العسكري) ضد حزب العمال الكردستاني. تركيا تبدو سعيدة هنا، والأسد يثق بها ويوكل لحكومتها مهمة متابعة المفاوضات غير المباشرة بين نظامه وإسرائيل.

ثمة هنا أيضاً، إشارات إلى المجتمع الدولي بلعب دور quot;الوسيط بين الغرب وإيرانquot; فيما يخص الملف النووي الإيراني. الأسد يحاول هنا أن يبدو مهموماً بإيجاد حل لقضية ملف طهران النووي ضمن نطاق الشرعية الدولية، ومنع حدوث حرب مدمرة جديدة في المنطقة.

هناك محاولة لتحسين صورة النظام على المستوى الدولي. إظهار الموقف السوري وكأنه مستقل تماماً عن طهران وحليفتها القوية منظمة quot;حزب اللهquot; اللبنانية. هنا أيضاً ينفتح باب جديد للمناورة مع الغرب. التلويح بالمقايضة الكبرى: الإبتعاد عن طهران وسياستها، في مقابل السلام مع النظام وتركه وشأنه!.

نفس الخطوط القديمة للسياسة التي رسمها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ثلاثين عاماً. ضرب المخالفين في الداخل وإبقائهم في quot;حجمهم الطبيعيquot;، والمناورة على صعيد الخارج لكسب الوقت وإفهام القوى الكبرى بأن وجود النظام quot;أفضل من عدمهquot; بكثير وبشكل لايقاس. والمغريات هنا هي هي: الإبقاء على إستقرار سوريا وتوازن محيطها الهش، وضمان أمن إسرائيل، وعدم خلق المشاكل والمتاعب لها عن طريق quot;حزب اللهquot; وquot;حماسquot; وquot;الجهاد الإسلاميquot;.

إجترار القديم في وجه الحدث الجديد في الشرق الأوسط لعبة أتقنها نظام الديكتاتور السوري بشار الأسد. والدول الكبرى، وللحفاظ على مصالحها، مازالت تتفرج وتخطط لإبقاء النظام خارج دائرة quot;الأعداءquot; أو quot;المناوئينquot;، حتى لو اقتضى الأمر مقايضة بين هذه الدول والنظام، يذهب فيها quot;المعارضون الديمقراطيونquot; وquot;قضايا حقوق الإنسانquot; وquot;جرائم نهب مافيوات السلطة للمال العامquot;، كلهم ودفعة واحدة، إلى الجحيم؟.

طارق حمو
[email protected]